استقبال ميقاتي في تركيا… حفاوة لافتة ذات أبعاد إيجابية
واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جولاته الخارجية من أجل تأمين الدعم اللازم للبنان من جهة وضمان الاحتضان الاقليمي والدولي لحكومته من جهة اخرى. ولعلّ زيارته الى أنقرة تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هي استكمال لسلسلة لقاءات دولية اخرى أجراها ميقاتي ويمكن البناء عليها في الاقتصاد والسياسة والتفاصيل التكتيكية والاستراتيجية المرتبطة بالساحة اللبنانية
.
وإذ بدت لافتة الحفاوة التي استُقبل بها ميقاتي من قِبل الرئيس التركي، حيث وصفت بعض الاوساط السياسية والاعلامية اللقاء بـ “الاستقبال المميز” الذي يؤشّر الى رغبة تركيا بتطوير العلاقات مع لبنان ونقلها لمستوى جديد يحمل طابعا استراتيجيا. وهذه الزيارة هي واحدة من جولات ميقاتي التي تهدف الى بناء شبكة أمان اقليمية ودولية متينة للبنان خصوصًا وأن الواقع الاقتصادي والمالي والمعيشي أصبح في غاية الحساسية، وبالتالي فإن توطيد العلاقات مع الدول الراغبة باستقرار الواقع الامني في البلاد بات ضرورة ملحّة يُتقن ميقاتي كيفية التعامل معها.
زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى تركيا توحي بشكل او بآخر بأنه خطا خطوة جدية باتجاه تعزيز العلاقات بين البلدين في مجالات عدّة بينها الطاقة والصحة والزراعة والبيئة والسياحة، مرتكزاً على العلاقة القديمة والمتينة التي تربطه بالقيادة التركية من جهة، وعلى علاقة تركيا بلبنان من جهة اخرى والتي اتسمت دوماً بالأخوة والصداقة نظراً للروابط الجغرافية والتاريخية بين البلدين، وهذا ما سيتظهر ربما في المرحلة المقبلة على الصعيد الاقتصادي.
من الواضح ان ميقاتي يسعى من خلال جولاته المستمرة الى إعادة الحضور اللبناني على الخارطة الدولية ونقل لبنان من ساحة صراع الى ساحة تلاقي وتثبيته في موقع يجعله نقطة ربط اساسية في ملف الغاز بين الاتراك والفرنسيين وما يستتبع ذلك من ضمان للاستقرار السياسي والامني والاقتصادي في لبنان، لا سيما في ظل الاهتمام الذي يبديه الجانب الفرنسي من خلال سعيه لحلحلة الازمة اللبنانية وتطبيق الاصلاحات العاجلة ودعمه لتمرير الانتخابات النيابية التي من شأنها أن تقدّم جرعة أمل للبنانيين الطامحين للتغيير.
مما لا شك فيه أن اللحظة السياسية التي اختار فيها ميقاتي زيارته الى أنقرة تبدو مهمّة جدا، لأنها أتت في فترة تقاطعات اقليمية تعيد فتح الابواب امام واقع اقليمي جديد وانعكاسات ايجابية على الساحة اللبنانية بالتزامن مع تطورات في المفاوضات الجارية في المنطقة. كما أنها حصلت في لحظة تعليق رئيس الوزراء الاسبق سعد الحريري وزعيم “المستقبل”، التيار الابرز على الساحة السنية، عمله السياسي وسط ترقّب حذر لتبعات القرار الذي ترافق مع ترويج اعلامي بأن الساحة السنية باتت مكشوفة، ما يعطي لهذه الزيارة طابعاً مهماً لجهة ربط الواقع السني وإسناده بشكل واضح في ظل الثقل الذي تؤمنه تركيا في الاقليم ولبنان على حد سواء.
هكذا يستكمل ميقاتي جولاته الخارجية لتخفيف وتيرة التدهور الاقتصادي والمالي وتأمين الدعم اللازم لإخراج لبنان من محنته من دون ان ينقطع عن الواقع الحكومي والتعقيدات المعيشية التي تواجه اللبنانيين، لكنه يجد نفسه مضطراً للبحث في سبل تطوير التعاون بين لبنان والعالم وتحضير الارضية لعمليات الدعم التي ستأتي عبر صندوق النقد الدولي والدول الصديقة بعد الانتخابات البرلمانية أو ربما قبلها.
المصدر: لبنان 24