احتلال الأرض والجو.. هكذا تنفّذ إسرائيل خطة الضم عبر الاتصالات!
ما إن تبتعد قليلا عن مركز القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية حتى يبدأ هاتفك بالتجوال على إحدى الشبكات الخلوية الإسرائيلية، وقد يطغى بث هذه الشبكات على الشبكات الفلسطينية في قلب المدن الرئيسية، وهو ما يعتبر تعديا على الأرض الفلسطينية بالاحتلال وإقامة الأبراج والشبكات، واحتلال للسماء بمنع الاستفادة من الترددات وفق الاتفاقيات الدولية، كما تقول نائبة رئيس جامعة القدس وزيرة الاتصالات الفلسطينية السابقة الدكتورة صفاء ناصر الدين.
ووفقاً لتقرير نشر على موقع قناة “الجزيرة”، فإنّ إسرائيل تسيطر أمنيا على أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية وشرق القدس، كونها تصنف مناطق “ج” -وفق اتفاق أوسلو- وتقيم شبكات الاتصال تحت الأرض، وتستخدم المرتفعات لأبراج البث والتقوية.
ومؤخرا، منح وزير الاتصال الإسرائيلي يوعز هندل ترخيصا لشركة “بيزك” الإسرائيلية -التي تقدم خدمات الخطوط الهاتفية الثابتة- لتطوير شبكاتها في الضفة الغربية، وتقويتها وتوسيعها لخدمة المستوطنين.
احتلال الأرض والجو
تقول د. صفاء ناصر الدين للجزيرة نت إنه يجب التعامل مع خطوط الاتصال الإسرائيلية على أنها بضاعة مستوطنات تجب مقاطعتها، لأن إسرائيل لم تحترم ولن تحترم اتفاقيات الجوار الخاصة بالترددات، على حد قولها.
وتضيف أن الترخيص الأخير للشركة الإسرائيلية قد يمهد لها الطريق للعمل في مناطق الضفة، كما تعمل في قلب القدس وحيفا ومدن الـ 48، أي أنها عمليا تطبق خطط الضم التي أقرتها خطة السلام الأميركية أو ما يعرف بـ”صفقة القرن” ولكن عن طريق احتلال الأرض والجو.
ويشتكي الفلسطينيون من التكلفة العالية لشركات الاتصالات الخاصة بهم مقارنة مع الإسرائيلية، وهو ما عزته محدثتنا إلى عدة أسباب، منها:
– منع الحفر ومد الشبكات للشركات الفلسطينية بسبب عدم سيطرة الفلسطينيين على مناطقهم الجغرافية بشكل متواصل.
– عدم وجود بوابة وطنية للاتصال خاصة بفلسطين، واستخدام البوابة الإسرائيلية.
– إضافة إلى ما تقوم به إسرائيل من احتجاز الأجهزة المطورة للشبكات وإبقائها في المطارات الإسرائيلية لمدد زمنية طويلة، ومن ثم تتلفها أو تنهي صلاحية صيانتها بحجج أمنية مختلفة.
شبكات إسرائيلية منذ 36 عاما
لم يستغرب المهندس سامر علي مدير عام الاتصالات في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، التفوق الإسرائيلي في مجال الاتصالات، ويقول “إن الشركات الإسرائيلية تنافس الفلسطينية، بل وتمتلك من القدرات التقنية والتكنولوجية ما يفوقها”.
ويضيف علي في حديثه للجزيرة نت أن شركة “بيزك” الإسرائيلية تعمل أصلا في الضفة منذ (36) عاما، والترخيص الجديد لها يعد أحد أشكال التغول الإسرائيلي بربط المستوطنات ببعضها من خلال شبكات أقوى على حساب الأرض الفلسطينية.
عدا عن أن الشركات الخلوية الإسرائيلية أصبحت تغطيتها اليوم قوية وسط المدن الفلسطينية، وهي تعمل بطريقة غير قانونية وغير مشروعة من دون رقيب أو حسيب، باستخدام الترددات وتوسيع الشبكات، إضافة إلى أن الشركات الفلسطينية محرومة من الموارد الطبيعية بالترددات التي هي حق لكل دولة.
ويُمنع على الفلسطينيين كذلك تطوير بنية شبكاتهم التحتية، وما زالت الشبكات الخلوية الفلسطينية تقدم خدمة الإنترنت عن طريق الـ”3جي” (3G) بسرعة أقل وبتكلفة أكبر، وهو ما جعل الشركات الإسرائيلية التي تقدم خدمات “4جي” (4G) و”5جي” (5G) ذات السرعة الأعلى والتكلفة الأقل، تنافس الفلسطينية في الأسعار وقوة البث، مما سهّل إدخال قرابة مليون شريحة اتصال خلوية إسرائيلية إلى السوق الفلسطينية.
خسائر بمليار شيكل
ويشير علي إلى تقرير صدر عن البنك الدولي عام 2017 تحت عنوان” الفرصة الضائعة”، قدّر فيه خسائر قطاع الاتصالات الفلسطينية بمليار شيكل سنويا (أكثر من 296 مليون دولار أميركي)، واليوم يتوقع أن يزيد حجم الخسائر مع توجه العالم إلى استخدام الإنترنت بشكل أكبر.
ويعتبر أن جائحة كورونا زادت من سوء خدمات شبكات الاتصال في فلسطين، في ظل الحاجة للتعلم عن بُعد والاتصال الدائم، والحاجة كذلك لجودة وسرعة خدمة الإنترنت، ويزداد الأمر خطورة إذا ما وسّعت الشبكات الإسرائيلية عملها وضمت الترددات الفلسطينية، وقوّت شبكتها الأرضية.
المصدر: الجزيرة