عرب وعالم

أرباح كبيرة وأضرار بيئية.. إليكم ما لا تعرفونه عن “تعدين البتكوين”

تبلغ القيمة السوقية الإجمالية لعملة البتكوين نحو 1.03 تريليون دولار، أي ما يعادل تقريباً قيمة عملاق السيارات الكهربائية “تسلا”. وإذا تحوّلت العملة الرقمية الأولى عالميا إلى كيان مؤسسي معترف به ستصبح سادس أغلى شركة في العالم.

وفي تقرير نشره موقع “إنترستنغ إنجنيرنغ” (interesting engineering)، يقول الكاتب روبندرا براهامبات إن البتكوين لا يحتاج مثل سيارات تسلا إلى مصانع، بل يُعدّن مثل الذهب، ولكن من خلال أجهزة الكمبيوتر.

والبتكوين عملة مشفرة لامركزية، أي غير تابعة لأي حكومة أو هيئة مالية مؤسسية، ويستخدم معدّنوه أجهزة كمبيوتر متخصصة لحل مشاكل التشفير المعقدة التي تُستخدم للتحقق من المعاملات وإضافتها إلى قاعدة بيانات على البلوكشين تُعرف بـ”دفتر الأستاذ الموزع”.

طريقة تعدين البتكوين
تتكون كل كتلة من عدد من المعاملات المعلقة، وبمجرد أن يحل المُعدِّن مشكلة التشفير فإنه يعلنها للآخرين في الشبكة، ثم يتحقق المعدنون الآخرون من صحة الحل.

وإذا أعطى عدد كافٍ من المعدّنين موافقتهم، تضاف الكتلة إلى “دفتر الأستاذ”، ثم يكون الانتقال إلى الكتلة التالية. وتُدرج كتلة جديدة في البلوكشين مع كل إدخال تم التحقق منه، ويتلقى المُعدِّن مبلغًا معينًا من البتكوين مكافأة.

وتصبح عملات البتكوين التي تُسكّ وفق هذه الآلية جزءاً من قاعدة بيانات العملة، وتُعرف هذه العملية إجمالا بتعدين البتكوين.

ويحاول كل معدّن أن يكون أول من يتوصل إلى عدد مكون من 64 رقماً يُعرف برقم “التجزئة”، المسؤول عن تشفير البيانات من الكتلة. تستخدم المعاملات التي تتم داخل البلوكشين رقم التجزئة بدلًا من البيانات، وهو ما يوفر السرية والأمان للمشترين والبائعين.

وتحتوي كل كتلة على رأس مكون من رقم الإصدار، والطابع الزمني، والتجزئة المستخدمة في الكتلة السابقة، وجذر ميركل، والرقم الذي يبحث عنه المعدّنون، والقيمة المستهدفة للتجزئة.

ولتشفير البيانات وإكمال التجزئة، يجب على المُعدِّن العثور على الرقم الخاص، وهو سلسلة من الأرقام العشوائية. وللقيام بذلك، يستخدم المعدِّنون خوارزمية للتنقل بين جميع الحلول الممكنة حتى يعثروا على الحل الصحيح. ويُطلق على العثور على هذا الرقم الخاص اسم “إثبات العمل”.

وبمجرد العثور على الرقم الخاص، يُضاف إلى المحتويات المجزأة للكتلة السابقة، ثم تعاد تجزئتها. إذا كانت التجزئة الجديدة أقل من القيمة المستهدفة في الرأس أو تساويها تُقبل كحل، وتُسك عملة البتكوين الجديدة وتُعطى للمُعدِّن، وتضاف الكتلة إلى البلوكشين.

ومن أجل كسب المكافأة، يجب أن يكون المُعدِّن أول من يقدم تجزئة أقل من التجزئة المستهدفة أو مساوية لها. ولأن التجزئة تتضمن أداء عدد كبير من الوظائف بسرعة بالغة، فإنها تتطلب أجهزة كمبيوتر بطاقة معالجة هائلة.

وتعدّ أجهزة الكمبيوتر المستخدمة لهذا الغرض أجهزة تعدين عالية الطاقة، يمكن أن تكلف عشرات الآلاف من الدولارات، وتستهلك كميات هائلة من الكهرباء.

ومن أجل زيادة فرصهم في أن يكونوا أول من يعثر على التجزئة المستهدفة، يجمع المعدِّنون قوتهم الحاسوبية في مجموعات ثم يقسمون مكافأة التعدين.

وتحدث معظم عمليات التعدين حاليا بهذه الطريقة، وذلك يثير مخاوف من احتكار مجموعات محددة للتعدين.

انخفاض المعروض وارتفاع الأرباح
ويشير الكاتب إلى أن حجم المعروض من البتكوين محدود مثل أي سلعة أخرى، وقد حدد مبتكرها الذي يُعرف باسم “ساتوشي ناكاموتو” -لم تُكتشف هويته الحقيقية حتى الآن- العدد الأقصى للعملات بـ21 مليون وحدة.

وكشف تقرير حديث أن 90% من عملات البتكوين قد تم تعدينها بالفعل، كما أن الخوارزميات مصصمة بطريقة لا تسمح بإصدار آخر عملة من الـ10% المتبقية قبل عام 2140.

ويضيف الكاتب أن المكافأة التي يحصل عليها المعدّن من البتكوين ليست ثابتة، بل تنخفض بمقدار النصف كل 4 سنوات. ففي عام 2009 كان المعدِّن يحصل على 50 بتكوينا مقابل كل معاملة يتم التحقق منها بشكل كامل، لكنه يحصل حاليا على 6.25 بتكوينات، وستنخفض المكافأة إلى 3.125 في عام 2024.

ورغم من ذلك، فقد تحسن عائد عمليات التعدين تحسنا كبيرا بسبب ارتفاع أسعار البتكوين في العامين الماضيين. ففي عام 2010 كان سعر 50 وحدة بتكوين 0.04 دولار، أما اليوم فتبلغ قيمة العملة الواحدة أكثر من 35 ألف دولار.

ويوضح الكاتب أن أي شخص لديه المهارات الأساسية لاستخدام الكمبيوتر يمكن أن يصبح معدِّنا، ولا يحتاج إلى مهارات متطورة ومعرفة بتقنيات الترميز، إلا أنه يحتاج في المقابل إلى كمبيوتر متطور لتلبية متطلبات المعالجة العالية.

كذلك، يجب أن يتمتع المُعَدِّن بالقدرة على الوصول إلى اتصال إنترنت منخفض التكلفة وسريع وغير محدود، لأنه يحتاج أثناء التعدين الرقمي إلى تحميل وتنزيل حجم هائل من البيانات، كما يحتاج إلى إمدادات كهرباء غير باهظة لأن منصات التعدين المشفرة تعمل على مدار 24 ساعة في اليوم وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة.

مخاوف بيئية

يؤكد الكاتب أن كميات الطاقة الكبيرة التي يحتاج إليها تعدين البتكوين تثير الشكوك والمخاوف إزاء مدى التأثير السلبي على البيئة. وكانت دراسة نُشرت في مجلة “كنسيلينس” (Consilience) التابعة لجامعة كولومبيا قد خلصت إلى أن تعدين البتكوين يستهلك 121.36 “تيراواط ساعة” من الطاقة سنويا، وهو أكثر من الاستهلاك السنوي للكهرباء في دول مثل الأرجنتين وبلجيكا.

وتكشف الدراسة أن 61% من الطاقة المستهلكة في التعدين تُولّد باستخدام موارد غير متجددة، مثل الفحم والغاز الطبيعي.

ويمكن لزيادة استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة في عمليات التعدين أن تؤثر سلبًا في الجهود العالمية للحد من انبعاثات الكربون.

وتحذر بعض الأبحاث من أن تعدين البتكوين والأنشطة الأخرى ذات الصلة يمكن أن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وتزيد من استهلاك المياه الصناعية، وتعمّق مشكلة النفايات الإلكترونية على كوكب الأرض.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة