استفزازات روسيا في أوكرانيا.. ذريعة لتحقيق هدف يخطط له بوتين
كل يوم تصبح الحرب في أوروبا أقرب، بينما يدق المسؤولون الاستخباريون في القارة وفي الولايات المتحدة ناقوس الخطر محذرين من تزايد احتمالات وقوع نزاع عسكري على الحدود الروسية الأوكرانية.
مع هذا، يبدو أن التصعيد الروسي يصطدم بنتائج معاكسة، حيث أن حلف شمالي الأطلسي يبدو أكثر وحدة وتشددا تجاه المطالب الروسية الخاصة بأوكرانيا.
ونقلت مجلة Foreign Policy الأميركية عن مسؤول في العاصمة واشنطن لم تكشف هويته قوله إن “روسيا تضع الأساس لاختلاق ذريعة للغزو والدخول في حرب، بما في ذلك القيام بأنشطة تخريبية فيما تقوم بإعداد عمليات إعلامية تتهم فيها أوكرانيا بالإعداد لهجوم وشيك ضد القوات الروسية في شرق أوكرانيا”.
وحذر المسؤول من أن روسيا وضعت بالفعل مجموعة من النشطاء المدربين على القتال في المناطق الحضرية، وخبراء في المتفجرات لشن هجوم على القوات الانفصالية التى تدعمها روسيا فى شرق أوكرانيا لتبرير هجوم على البلاد.
وأضاف المسؤول أن “الجيش الروسي يعتزم بدء هذه النشاطات قبل عدة أسابيع من الغزو العسكري الذي قد يبدأ بين منتصف يناير ومنتصف فبراير”، مضيفا “لقد رأينا هذا التكتيك في عام 2014 قبل أن يتم احتلال شبه جزيرة القرم”.
وألمح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لأول مرة، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي، إلى أن إدارة بايدن ترى أن روسيا تعد معلومات مضللة لتوفير ذريعة لتعزيز العزم لغزو أوكرانيا.
من جهته، قال المسؤول الذي تحدث لفورين بوليسي إن “وسائل الإعلام الحكومية الروسية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي تنشر بشكل متزايد معلومات مضللة للترويج لشن الحرب، كما أنها تلقي باللوم على الغرب في تصعيد التوترات، وتنشر مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان في أوكرانيا، كما تحاول حشد الدعم الداخلي الروسي للعمل العسكري.
وأضاف المسؤول أن هذه النشاطات ازدادت “200 في المئة عن المتوسط اليومي فى نوفمبر”.
وتأتي التحذيرات الأميركية في وقت اكتسح فيه هجوم إلكتروني العديد من المواقع الحكومية وحذر الخبراء مرارا وتكرارا من أن موسكو قد تستخدم الهجمات الإلكترونية لتشتيت الانتباه أو لعرقلة قدرة كييف على الرد على الغزو.
وذكرت وزارة الإعلام الأوكرانية، الجمعة، أن البيانات الأولية من الاختراق تشير إلى أن روسيا هي المسؤولة.
واجتمع مسؤولون أميركيون وأوروبا مع نظرائهم الروس هذا الأسبوع في مفاوضات رفيعة المستوى في جنيف وبروكسل، لكن المفاوضات فشلت في نزع فتيل الأزمة.
الخطوات الروسية تلقى نتائج “معاكسة”
وعدة مرات قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنه يريد من حلف شمال الأطلسي أن يخفض وجوده في دول أوروبا الشرقية التي كانت ذات يوم جزءا من الكتلة السوفيتية، كما إنه طالب مرارا بعدم قبول أعضاء من تلك الدول في الحلف.
لكن أفعال بوتين تحقق عكس هذا تماما، كما يقول رئيس حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج.
وقال ستولتنبرج في مقابلة إنه “إذا هاجمت روسيا أوكرانيا كما تهدد، فإن منظمة حلف شمال الأطلسي ستزيد من توسيع وجودها بالقرب من روسيا”، وقال إن “التحالف يقيم كيف يمكنه القيام بذلك”.
وتقول صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، إنه بالنسبة للدبلوماسيين الغربيين، فإن مطالب بوتين بتقليص حلف شمال الأطلسي وإجراءات روسيا التي دفعت بعشرات الآلاف من جنودها إلى الحدود، أدت إلى قيام الحلف بتعزيز خطوطه الأمامية، كما أدت إلى تعميق الشكوك حول صدق موسكو في المحادثات الأخيرة.
ويعتقد مسؤولون في الحلف أن روسيا تعرف أن مطالبها ليست معقولة، وأنها ولا تبحث إلا عن ذريعة لمهاجمة أوكرانيا، بحسب الصحيفة.
ومنذ أن استولت روسيا في عام 2014 على شبه جزيرة القرم وأثارت النزعة الانفصالية في شرق أوكرانيا، زاد حلف شمال الأطلسي بشكل كبير من نشر القوات والمعدات لدى أعضائه الشرقيين.
ومنذ ذلك الحين، دفعت إجراءات روسية أخرى، بما في ذلك هجمات إلكترونية وعمليات مشتبه بها في البحر الأسود وبحر البلطيق، حلف شمال الأطلسي إلى توسيع وجوده في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، التي كانت ذات يوم جزءا من الاتحاد السوفياتي، وفي دول أخرى كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق، مثل بولندا.
وقال الأمين العام للناتو إنه ” إذا كانت نيته (بوتين) هي دفع الناتو لعدم الاقتراب من حدود بلاده، فقد حقق العكس تماما”، مضيفا ” “في كل مرة يكون عدوانيا، يحصل على عكس ما يريد”.
ونقلت الصحيفة عن، دانيال سزيليغوفسكي، كبير الباحثين في الشؤون الأوكرانية في المعهد البولندي للشؤون الدولية في وارسو، قوله إن “قلق بوتين من حلف الناتو هو أقل قوة من رغبته بإعادة أوكرانيا إلى سيطرة موسكو”.
ويقول المسؤولون الروس إنهم قلقون من أن الغرب يريد تحويل أوكرانيا إلى دولة تعادي روسيا، وتقويتها من خلال توفير أسلحة متطورة ودعم اقتصادي، وبالنسبة لروسيا، فإن استعادة السيطرة على أوكرانيا من شأنه أن يلغي هذا التهديد الغربي.
ويضيف سزيليغوفسكي للصحيفة “بوتين لم يقبل أبدا بأن تكون أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة، لقد دأب على وصفها بأنها جوهرة التاج”.
وأدى الغزو الروسي للقرم إلى إرسال الآلاف من القوات الأميركية والقوات الحليفة إلى بولندا ودول البلطيق إلى جانب عمليات نشر واسعة لأسلحة متقدمة.
كما زاد أعضاء حلف شمال الأطلسي الإنفاق العسكري بمقدار 260 مليار دولار خلال هذه الفترة وهم يواصلون تعزيز ميزانياتهم العسكرية.
وقال الأمين العام للناتو “هناك عدد أكبر من الجنود الأميركيين في أوروبا الآن عما كان عليه قبل سبع سنوات”، مضيفا “نحن في الواقع نفعل معا، في أميركا الشمالية وأوروبا، أكثر مما فعلنا لعقود عديدة.”
المصدر: الحرة