خبراء يدقون ناقوس الخطر.. نشاط داعش الإعلامي يتصاعد في العراق
الأربعاء، نعت قوات الأمن العراقية عقيدا في الشرطة، كان يعمل في مديرية لإصدار الجوازات في العاصمة بغداد، مؤكدة صحة إصدار لداعش، ظهر فيه العقيد وحوله مجموعة من المسلحين الملثمين، قبل أن يقوم أحدهم بقطع رأسه.
العقيد كان يقوم بجولة صيد مع أصدقائه في منطقة بحيرة حمرين في ديالى العراقية، قبل أن يختطفهم المسلحون، ويقوموا بقتلهم جميعا أمام الكاميرات، في تذكير بشع، بإصدارات سبقت سيطرة داعش على محافظات عراقية عام 2014، وعادت بعد طردهم من تلك المحافظات في عام 2017.
رحم الله الشهيد العقيد #ياسر_الجوراني الذي كان مثالاً للأخلاق الحميدة والضابط المحب لوطنه.
سنلاحق الإرهابيين ونصل اليهم لتحقيق العدالة والثأر لشهدائنا الأبرار.
إن القائد العام للقوات المسلحة @MAKadhimi، وجه بتكثيف الجهد الاستخباري والاستمرار بالنهج التعرضي للقضاء على عصابات #داعش pic.twitter.com/twvhXHvLZD— يحيى رسول | Yehia Rasool (@IraqiSpoxMOD) December 29, 2021
قلق من عودة الإصدارات
ويثير هذا التكتيك قلق الخبراء الأمنيين والإعلاميين العراقيين، إذ إنه “تكتيك يهدف لزرع الرعب” في قلوب المدنيين، و”يدخل ضمن الحرب النفسية التي تسبق الهجمات الكبيرة”، كما يقول الخبير الأمني العراقي، عبد الله الدليمي، لموقع “الحرة”.
يعيش الدليمي في محافظة الأنبار، ويحمل شهادة في التحليل الإعلامي لإصدارات الجماعات المتطرفة، كما أنه قاتل مع عائلته داعش في مدينة حديثة، التي صمدت أمام هجمات المسلحين لسنوات.
ويقول الدليمي إن “داعش يلجأ إلى هذه التكتيكات لتعويض الفرق العددي بينه وبين القوات الأمنية التي يقاتلها، إذ أن إخافة 100 جندي أسهل من مقاتلتهم”، كما يقول.
وسجل الدليمي ارتفاعا في نشاطات التنظيم في الأنبار والمحافظات الغربية الأخرى خلال الشهرين الماضيين، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على الأرض.
ويقول: “من جديد، أصبحت هناك مناطق غير آمنة للتنقل، ويعتقد أن المسلحين يسيطرون عليها بشكل كبير، وهذا يشبه سيناريوهات ما قبل 2014، حينما استخدموا تلك المناطق النائية لشن هجماتهم”.
ويؤكد عبد الله أن “الأجواء متشابهة مع تلك الفترة، سياسيا واجتماعيا وأمنيا، وأنا أشعر بقلق شديد من احتمال شن هجمات كبيرة يستعيد بها التنظيم قابليته على التجنيد والدعاية، خاصة مع زيادة كبيرة في وجودهم على مواقع التواصل الاجتماعي”.
والأربعاء، حذر مرصد الإعلام الرقمي، وهو منظمة عراقية غير حكومية، من “ظهور نشاط لحسابات فردية مختلفة تابعة لأنصار عصابات داعش على منصة فيسبوك، بعد انتشار صور وخبر استشهاد مدير جوازات الأعظمية العقيد ياسر الجوراني مع المخطوفين الذين معه”.
ارتفاع في الهجمات
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى ارتفاع في هجمات التنظيم مؤخرا، بالتزامن مع زيادة التوتر الداخلي العراقي، وأيضا مع نهاية العمليات القتالية لقوات التحالف في البلاد”.
والأربعاء، أعلن رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، انتهاء الدور القتالي لقوات التحالف، في البلاد.
ويعني هذا أن الطائرات الأميركية لن تقوم على الأغلب باستهداف ملاذات تنظيم داعش في العراق، ولن تساعد القوات العسكرية الغربية ميدانيا في حال شن التنظيم هجوما، أو شنت القوات العراقية عملية أمنية.
ويقول ضابط الجيش العراقي السابق، عبد الله الجبوري، “من وجهة نظر عسكرية، تحاول الدول دائما الحصول على حلفاء في معاركها، وقد خسرنا دعما عسكريا مهما” في إشارة لما يقدمه الجيش الأميركي للعراق.
ولا تزال قوات التحالف الدولي تعمل لـ”تمكين القوات العراقية” بحسب تصريحات مسؤولي الطرفين.
ويعني التمكين، المساهمة في التدريب والاستخبارات وربما التخطيط أيضا.
لكن الجبوري يقول لموقع “الحرة” إن “الحرب التي تشن على داعش مكلفة اقتصاديا، وكان من الأفضل الاستمرار بتقسيم كلف المعارك على الحلفاء، ناهيك عن أهمية التفوق الجوي الذي كان يمنحه التحالف للقوات العراقية”.
ولا يزال العراق متفوقا جويا بشكل كبير على تنظيم داعش، إذ يمتلك سربا من طائرات F-16 المتطورة، وأعدادا جيدة من المروحيات المقاتلة، والطائرات القاصفة الروسية.
مع هذا يشير الجبوري إلى كلفة القصف الجوي المتكرر على أوكار وطرق نقل مقاتلي داعش، مؤكدا “يكلف كل صاروخ مبلغا كبيرا من المال”.
لكن الخبير الأمني العراقي، سرمد العبادي، يقول لموقع “الحرة” إن ” القصف الجوي في العادة لا يدمر سوى كهوف فارغة، والعراق متمكن بشكل كبير من العمليات البرية الكبيرة، بدون الحاجة لغطاء جوي كثيف”.
ويضيف العبادي “تبرز الحاجة إلى الغطاء الجوي حينما يشن مقاتلو داعش هجوما واسعا، وهذا غير متوقع في الوقت الحالي، إذ أنهم يقومون بهجمات استنزاف صغيرة ومتكررة وبين المناطق السكنية، مما يحد من فعالية الطائرات”.
العودة إلى مواقع التواصل
وقال مرصد الإعلام الرقمي في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية إن ” الكثير من المستخدمين العراقيين تفاجأوا بالتعليقات الداعشية الكثيرة التي انتشرت في بعض الصفحات او الحسابات التي نعت استشهاد الأبطال على أيدي العصابات، حيث رصد الفريق حسابات ارهابية تعلق بكل حرية”.
ولا يبدو أن “المفاجأة”، تقتصر على “المستخدمين” العاديين لمواقع التواصل، إذ أعرب إعلاميون عراقيون لموقع الحرة عن صدمتهم هم أيضا من الوجود الداعشي الكثيف على فيسبوك، ومواقع أخرى.
ويؤكد مرصد الإعلام الرقمي أن “بعض الحسابات الداعشية قديمة تم تفعيلها مؤخرا، وبعضها حسابات لمستخدمين عاديين ولكن تم اختراقها واستغلالها لصالح عصابات داعش”.
وأشار إلى أن “حسابات داعش قد نشطت في الفترة الاخيرة وبدأت تستخدم صورا وأسماء تتغلب على خوارزمية فيسبوك كما تقوم الحسابات بتشفير بعض الكلمات المحظورة كي لا يتم رصدها وبالتالي حذفها”.
ويقول المراقب والمحلل الإعلامي العراقي، سامر جواد، إن “شعورا بالصدمة راوده بعد رؤيته الكم الكبير من تعليقات حسابات التنظيم على منشورات تتعلق بمقتل العقيد”.
وكانت غالبية تلك التعليقات على منشور لزوجة العقيد تناشد فيه من أجل إطلاق سراح زوجها.
ويقول جواد لموقع “الحرة” إن “الإعلام الأمني العراقي لا يزال ضعيفا جدا أمام إعلام التنظيم، كما أنه يرتكب أخطاء، مثل الإعلان عن رتبة المختطف العسكرية فور اختطافه، مما أعطى قوة لدعاية التنظيم وزاد في الخطر على المختطفين”.
ويقارن جواد بين رد الفعل الإعلامي الحكومي الأردني على مقتل الطيار، معاذ الكساسبة، وبين رد الفعل العراقي، الذي “يبدو قاصرا بشكل كبير، ويمنح الزخم لإعلام داعش بدلا من مواجهته” حسب وصفه.
المصدر: الحرة