شكل مثير للقلق، يبدو أن كورونا، ومتحوره الأحدث أوميكرون، قد سجلا نقطة مزدوجة في السباق ضد شركات العقاقير والأدوية، التي تعتبر حاليا الدرع الأقوى للبشرية ضد هذا الفيروس الذي قتل حتى الآن أكثر من خمسة ملايين شخص حول العالم.
ففي الوقت الذي تظهر فيه الدراسات إن واحدا من أصل اثنين من العقاقير التي كان يعول عليها كثيرا لمحاربة الفيروس بعد إصابته الجسم، يظهر نتائجا أضعف مما كان متوقعا ضد كورونا، أظهرت دراسات أخرى إن ما كان يعرف بـ”المناعة الفائقة” التي يفترض أن الجسم يكونها بعد تلقيه جرعتي لقاح، وتعرضه للإصابة بالفيروس، هي ليست فائقة جدا، كما كان يتوقع.
ويقول تقرير لموقع Nature العلمي إن “البيانات التجريبية الكاملة المقدمة إلى إدارة الأغذية والعقاقير تشير إلى أن عقار مولنوبيرافير، المستخدم لمحاربة كورونا، هو أقل فعالية مما كان يعتقد في الأصل، مما يضعف آمال العلماء في أن العلاج الرخيص نسبيا والسهل الإعطاء قد يغير مسار الوباء”.
وفي بداية البحوث الأولية والدراسات الابتدائية للعقار الذي طورته شركتا ميرك وريدجباك الأميركيتين، احتل هذا العقار – بالإضافة إلى عقار يعمل وفق مبدأ مماثل طورته شركة فايزر – مكانا كبيرا في آمال العلماء، الذين تحمسوا لفكرة عقار يعطى عبر الفم ويقلل بشكل كبير من الحمل الفيروسي داخل الجسم مما يحد من خطورة الإصابات بكوفيد.
لكن نتائج الدراسات أظهرت أن المضاد الفيروسي قلل من خطر دخول المستشفى بسبب COVID-19 بنسبة 30٪- وليس 50 بالمئة كما لوحظ في وقت مبكر من التجربة”.
مع هذا ينقل الموقع عن مسؤولي ميرك قولهم إن “هذه النسبة تبقى مفيدة خاصة في المناطق التي تشهد طفرة في الإصابات”.
بالمقابل، تقلل العلاجات بالأجسام المضادة أحادية النسيلة من خطر الإصابة ب COVID-19 الشديد بنسبة تصل إلى 85٪. لكنها مكلفة وتحتاج إلى أن تعطى عن طريق الوريد، مما يقلل القدرة على علاج المصابين في المناطق الريفية والبلدان ذات الموارد غير الكافية.
مع هذا قررت اللجنة الطبية المسؤولة عن منح الموافقات على الأدوية – بأغلبية بسيطة – الموافقة على استخدام العقار استخداما طارئا.
ويقول الموقع إن هذا جاء بسبب مواجه أعضاء الفريق صعوبة في تحديد ما إذا كانت فوائد مولنوبيرافير تفوق مخاطره غير المعروفة إلى حد كبير.
وتعمل مضادات الفيروسات من خلال دمج نفسها في الحمض النووي الريبي للفيروس، وخلق مشاكل تعيق تكاثره.
ويقول النقاد إن إدخال الطفرات عمدا إلى الحمض النووي الريبي للفيروس قد يخلق نسخة اكثر خطورة منه.
كما ناقشت اللجنة الاستشارية خطر أن يخلق مولنوبيرافير طفرات في الحمض النووي البشري، وخاصة في الخلايا المستنسخة بسرعة مثل خلايا الدم أو الحيوانات المنوية.
مع هذا أظهرت الاختبارات التي أجريت على الحيوانات أن هذا الخطر منخفض.
وأوصى العديد من أعضاء اللجنة الاستشارية بأن تضع الوكالة تحذيرات على مولنوبيرافير أو تمنع الأطفال دون سن 18 عاما والحوامل من تلقيه إلى أن تتوفر المزيد من البيانات عن مدى أمانه بالنسبة لهم.
وقالت جانيت كراغان المسؤولة الطبية في المراكز الأميركية لمكافحة الامراض والوقاية منها في أتلانتا والتي كانت أحد أفراد اللجنة الاستشارية “لا أعتقد أنه يمكنك القول أخلاقيا إنه لا بأس من إعطاء هذا الدواء في الحمل”.
ومع ارتفاع عدد الوفيات المؤكدة في العالم بسبب الفيروس التاجي إلى أكثر من 5 ملايين شخص، يأمل مسؤولو الصحة العامة في أن يتم نشر مضادات الفيروسات مثل مولنوبيرافير بسرعة في جميع أنحاء العالم لإنقاذ الأرواح – خاصة مع انتشار متغير أوميكرون بسرعة.
مع هذا، لا يزال العلماء ينظرون بعين الأمل إلى لقاح فايزر، بعد النتائج الأولية التي تظهر أن عقارها خفض حالات الدخول إلى المستشفى والوفاة بنسبة 89٪.
ولم يتم إصدار البيانات الكاملة بعد، كما لم تخضع للمراجعة من قبل الأقران.
وتختلف آلية عمل عقار فايزر عن آلية عمل مولنوبيرافير.
تلاشي “المناعة الفائقة”
وبالإضافة إلى خيبة الأمل النسبية في عقار شركة ميرك، أظهرت دراسة أخرى نشرها موقع Nature أيضا أن المناعة الفائقة’ ضد الفيروس قد لا تكون فائقة جدا بعد كل شيء.
وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن الحماية من فيروس كورونا تنخفض تنزلق بمرور الوقت حتى في الأشخاص الذين عانوا من العدوى وتلقوا لقاحات ضده.
وهذا “المزيج” كان يعتقد في البداية أنه يوفر مناعة كبيرة ضد الفيروس، لكن الشكوك بدأت تحوم حول هذا المفهوم.
وتأتي الدراسة في وقت يتسابق فيه العلماء الآن لمعرفة مدى قدرة متحور أوميكرون على الإفلات من المناعة التي تمنحها العدوى أو التطعيم، أو كلاهما معا.
وتشير النتائج الأولية للدراسات المختبرية إلى أن التطعيم، و”المناعة الفائقة”، يوفران بعض الحماية ضد المتحور.
وتظهر الأدلة أن فعالية اللقاحات المتاحة حاليا ضد متحورات الفيروس التاجي الأخرى تتضاءل تدريجيا، ويقول مسؤولو الصحة العامة إن انتشار أوميكرون زاد من حاجة الناس إلى تلقي جرعة معززة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت “المناعة الفائقة” ستثبت أنها أكثر استمرارا من اللقاحات ضد أوميكرون.
وحلل الباحثون إصابات كوفيد-19 لدى أكثر من خمس ملايين إسرائيلي من أوائل أغسطس إلى أواخر سبتمبر 2021.
وتم فرزه العينات إلى ثلاثة أقسام، أولئك الذين أصيبوا بالفيروس وما زالوا غير مطعمين، وأولئك الذين تعافوا من العدوى وتم تطعيمهم، وأولئك الذين تلقوا جرعتين أو ثلاث جرعات من اللقاح ولم يصابوا.
ووجد الفريق أنه خلال فترة الدراسة، ارتفع معدل العدوى في كل مجموعة مع مرور الوقت منذ التطعيم أو العدوى.
كما أن معدل الإصابة ارتفع، بمرور الوقت، حتى بين المشاركين الذين لديهم “مناعة فائقة”، وإن بشكل أقل من الفئات الأخرى.
مع هذا، يقول، ديفيد دودي، عالم الأوبئة في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة في بالتيمور بولاية ماريلاند، إنه على الرغم من أن معدل العدوى قد يكون أعلى في الأفراد الذين تم تطعيمهم في الدراسة، إلا أن المرض الناجم عن مثل هذه العدوى أقل حدة بكثير مما هو عليه في الأشخاص غير المطعمين.
المصدر: الحرة