كيف فاقم فيسبوك أزمة المهاجرين على حدود بيلاروس؟
كتبت “الحرة”: خلصت دراسة بحثية حديثة، تعقبت نشاط وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بأزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروس وبولندا، إلى أن موقع فيسبوك فاقم من الوضع المزري، وساعد المهربين على جني الأموال من الأشخاص اليائسين الذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وتتحدث صحيفة نيويورك تايمز عن إحدى ضحايا الأخبار الكاذبة على فيسبوك، وهو محمد فرج، فبعد أكثر من أسبوع من الظروف الصعبة التي عايشها في مخيم شديد البرودة على الحدود بين بيلاروس وبولندا، ومحاولات فاشلة لعبور الحدود صدها رذاذ الفلفل وهراوات الشرطة، استسلم هذا الشهر وعاد لمينسك، عاصمة بيلاروس، للإقامة بأحد الفنادق.
لكنه بعد فترة وجيزة، شاهد تقريرًا مصورًا على فيسبوك يزعم أن بولندا على وشك فتح حدودها وأنها تطالب من يرغب في دخول الاتحاد الأوروبي التجمع في محطة وقود بالقرب من المخيم الذي أطلق عليه المهاجرون اسم “الغابة”.
هرع فرج، وهو كردي عراقي يبلغ من العمر 35 عامًا، إلى المخيم البائس الذي غادره للتو، وسافر 305 كلم من مينسك إلى محطة الوقود في الوقت المناسب تماما، في أوائل تشرين الثاني، انتظارًا لفتح الحدود حسبما أفاد التقرير على فيسبوك بذلك.
لكن الحدود البولندية ظلت مغلقة بإحكام، وقضى فرج الأيام العشرة التالية فيما وصفه بأنه “شيء من فيلم رعب”.
ويتهم الاتحاد الأوروبي رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشنكو بافتعال الأزمة عبر استقدام مهاجرين إلى حدود الاتحاد الأوروبي، انتقامًا من العقوبات الغربية التي فرضت على النظام البيلاروسي بعد قمعه حركة معارضة.
ونفت بيلاروس الاتهامات وانتقدت الاتحاد الأوروبي لرفضه استقبال المهاجرين.
وتقول نيويورك تايمز: “من المؤكد أن السلطات البيلاروسية ساعدت في تأجيج الأزمة، حيث سهلت الحصول على تأشيرات سياحية لآلاف العراقيين ومهدت طريقهم إلى الحدود مع بولندا”.
وما إن يصل المهاجرون إلى الحدود حتى يجدوا أنفسهم عالقين بين بولندا التي ترفض إدخالهم وقوات الأمن البيلاروسية التي تمنعهم من العودة أدراجهم.
لكن وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما فيسبوك، قدمت أيضًا مساعدة حيوية للوكاشنكو، زادت من آمال وأوهام الأشخاص الذين وقعوا فريسة للوعود الفارغة من المستغلين والمزيفين على الإنترنت، بحسب الصحيفة.
وتضيف أن فيسبوك انقسم بين أشخاص وعدوا المهاجرين بتهريبهم عبر الحدود مقابل رسوم باهظة، وآخرين فرحوا بالاهتمام الذي تلقوه كـ”مؤثرين” عبر الإنترنت لمشاركة المعلومات، ورغبة حقيقية لدى البعض في مساعدة الأشخاص الذين يعانون.
وتؤكد نيويورك تايمز أنه “لا يوجد دليل يشير إلى قيام لوكاشنكو بحملة منسقة لاستهداف المهاجرين بمعلومات مزيفة على الإنترنت”.
وقال فرج، الذي نُقل الأسبوع الماضي من المعسكر الحدودي مع 2000 شخص آخر من سكان “الغابة”، إلى مستودع عملاق قريب تم تحويله إلى مركز للمهاجرين، لنيويورك تايمز، إن الأخبار الكاذبة على فيسبوك “سكبت الطين على رؤوسنا ودمرت حياتنا”.
وتلاحظ مونيكا ريكتر، رئيسة قسم الأبحاث والتحليل في شركة سيمنتك فيجنز، وهي شركة استخبارات تتعقب نشاط وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالأزمة، منذ يوليو الماضي، نشاطا متزايدا على فيسبوك باللغتين العربية والكردية يتعلق بالهجرة إلى الاتحاد الأوروبي من خلال بيلاروس.
وقالت ريكتر لنيويورك تايمز: “فاقم فيسبوك من تفاقم هذه الأزمة الإنسانية، والآن لديك كل هؤلاء الأشخاص الذين تم إحضارهم وتضليلهم وخداعهم صراحة”.
وقال الباحثون في سيمنتك فيجنز إن المهربين شاركوا علانية أرقام هواتفهم وأعلنوا عن خدماتهم على فيسبوك، بما في ذلك شهادات بالفيديو لأشخاص قيل إنهم وصلوا إلى ألمانيا بنجاح عبر بيلاروس وبولندا.
وفي أحد المنشورات، أعلن مهرب “رحلات يومية من مينسك إلى ألمانيا على مسافة 20 كلم فقط سيرًا على الأقدام”.
وحذر منشور آخر، بتاريخ 19 أكتوبر، من أن الرحلة “ليست مناسبة للأطفال بسبب البرد”.
فيما أعلن مهرب جديد يحمل اسم “فيزا فيزا” عن رحلات إلى ألمانيا من بيلاروس عبر بولندا. قال إن الرحلة ستستغرق من 8 إلى 15 ساعة لكنه أضاف تحذيًرا: “لا تتصل إذا كنت خائفًا”.
وعلى الرغم من التجربة المريرة للعديد من الوعود على فيسبوك التي تبين أنها خاطئة، اجتاحت الاضطرابات الحدود بين المهاجرين على حدود بيلاروس وحشود الجنود وحرس الحدود في بولندا، وذلك بعد تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأنه لا يزال من الممكن الوصول إلى أوروبا لأي شخص يرغب في دفع 7000 دولار لمرشد ادعى أنه يعرف طريقا سهلا عبر الحدود بين الدولتين.
ولا يزال يُخيم آلاف المهاجرين، معظمهم من الأكراد العراقيين، منذ أيام في غابة باردة ورطبة عند حدود بيلاروس مع بولندا، على أمل دخول الاتحاد الأوروبي.
وأعيد نحو 400 منهم بالطائرة إلى العراق، الخميس الماضي، ونقلت السلطات البيلاروسية حوالي 2000 منهم إلى مركز لوجستي قريب من الحدود.
(الحرة)