الطائرات الأفغانية تثير القلق.. هل تقدم واشنطن على تفجيرها؟
كتبت “الجزيرة” خلال زحفها الأخير للسيطرة على أراضي أفغانستان، وقعت مروحيات قديمة كان الجيش الأفغاني يستخدمها في قبضة طالبان، وهو ما يُثير قلق الولايات المتحدة والغرب حال سيطرة الحركة على معدات جوية أكثر تطوُّرا، فما مصير القطع العسكرية المتطورة والجوية الأميركية إن وقعت في يدي طالبان؟ هل تملك أصلا القدرة على استخدامها؟ وهل يمكن أن تبيعها للصين وروسيا؟ هذا ما يُناقشه ماركوس وايسبِرجِر وتارا كوبْ في مقالهما المنشور بموقع “ديفِنس وان”.
تمتلك قوات الأمن الأفغانية سجلا حافلا من فقدان المسدسات والرشاشات المزوَّدة من جانب الولايات المتحدة، بيد أن زحف طالبان وسيطرتها على المزيد من الأراضي الأفغانية بعد انسحاب القوات الأميركية يُنذر بفقدان أفغانستان لما هو أخطر من ذلك: طائرات مقاتلة.
تقول وزارة الدفاع الأميركية، البنتاغون، إن ذلك لم يحدث بعد، وإن القوات الجوية الأفغانية تضطلع بمهامها وتشن غارات جوية ضد طالبان يوميا. لكنَّ مقاتلي طالبان سيطروا بالفعل على عربات مصفَّحة وطائرات مُسيَّرة للتجسُّس وعدد من المروحيات غير القابلة للإقلاع حاليا. السؤال الآن هو: هل تصل أيادي طالبان إلى المزيد؟ “نحن قلِقون باستمرار من وقوع المعدات الأميركية في أيادي أعدائنا، أما ما يمكننا فعله لمنع ذلك والحيلولة دون وقوعه فهو أمر لن أفكر فيه اليوم”، هكذا تحدَّث “جون كيربي”، المسؤول الصحافي بوزراة الدفاع الأميركية.
توجد بحوزة الحكومة الأفغانية أيضا خمسون مروحية مقاتلة أميركية الصنع من طراز “إم دي-530” مزوَّدة بصواريخ ورشاشات آلية، ويُضاف إلى ذلك ما تملكه القوات الجوية الأفغانية من مروحيات أميركية من طراز “يو إتش-60 بلاك هوك”، وروسية من طراز “مي-17″، وطائرات نقل عسكرية من طراز “سي-130″ و”سيسنا”. هذا ولا تزال الولايات المتحدة تُقدِّم الدعم المالي لصيانة هذه الطائرات، وفق تصريحات كيربي: “لقد قدَّمنا التزامات لمساعدتهم (القوات الجوية الأفغانية) على تعزيز قدراتهم، وهي التزامات قائمة وباقية”.
وقد استحوذت طالبان وفق التقارير القادمة من أفغانستان على مروحية “مي-35” أهدتها الهند سابقا إلى الحكومة الأفغانية، لكن التسجيل المصوَّر للواقعة أظهر الطائرة بدون الدوَّارات التي تساعدها على الإقلاع. ونشرت الحركة أيضا تسجيلا مصوَّرا لمروحيتين “مي-17” مع قطع الغيار الخاصة بهما، علاوة على تحصُّلها على مروحية “إم دي-530” نالها تدميرٌ شديد.
ولكن حتى إذا وصلت أيادي طالبان إلى طائرات عسكرية سليمة، فسيصعُب عليها استخدامها دون تدريبات لائقة حسبما يقوله مُطَّلِعون على الفنيات المُتعلِّقة بالطائرات العسكرية من هذا النوع. ويمكن لطيَّار مُدرَّب أن يقود طائرة من تلك الطائرات بالفعل، لكنه سيحتاج أيضا إلى معرفة بطبيعة ذخيرتها من قنابل وصواريخ، وكيفية إعدادها للاستخدام وتسليح الطائرة بها، ولأن الطائرات بحاجة مستمرة إلى الصيانة، ليس مرجَّحا استخدامها لفترة طويلة، حتى بواسطة هؤلاء الطيارين الأكفاء.
غير أنه للحيلولة دون سقوط تلك الطائرات في أيادي لا ترغب بها الولايات المتحدة، بإمكان البنتاغون أن يُفجِّر الطائرات ومهابطها، لكن كيربي لم يُصرِّح بطبيعة القرارات التي قد يتخذها الجيش الأميركي في هذا الصدد: “لن أفكِّر في مسألة مثل تدمير ممتلكاتنا، ستظل أنظارنا مُنصبَّة على التأكُّد من أن (القوات الأفغانية) لديها إمكانيات استخدام الطائرات في المعركة”.
ثمة احتمال آخر هو أن تبيع طالبان تلك الطائرات إلى روسيا والصين، اللتين ستسعيان بدورهما لاستغلال التكنولوجيا الموجودة فيها، وبوسع طالبان أيضا أن تستفيد من الطائرات وإن كانت غير صالحة للطيران، وذلك بنشر صور وتسجيلات للطائرات التي تستحوذ عليها باعتباره ضربا من ضروب الدعاية السياسية لها.
بيد أن ناقوس الخطر دقَّ بالفعل قبل بدء زحف طالبان على المدن والبلدات الأفغانية الأسبوع الماضي، إذ حذَّر البعض من عدم قدرة الولايات المتحدة على مراقبة الأسلحة الممنوحة لقوات الأمن الأفغانية. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، صرَّح المفتش العام (SIGAR) بأن البنتاغون “لم يستوفِ بعد شروط ’المستخدم النهائي‘ المُعدَّلة لوضع القطع العسكرية الحساسة الممنوحة للحكومة الأفغانية في الحسبان؛ وهي شروط مُصمَّمة لتقليص مخاطر الأمن القومي المُحتمَلة جرَّاء إساءة أو تعديل استخدام القطع العسكرية التي تتضمَّن تكنولوجيا حساسة (من جانب الأطراف التي مُنحت لها تلك الأسلحة)”.
نظرا لأوامر الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب، يقول المفتش العام (SIGAR) إن “ثمة زحاما ضخما يفوق طاقة منصات الطائرات نتيجة الطلبات المتزايدة للحصول على الدعم الجوي عن كثب ومهمات الرصد والرقابة وجمع المعلومات الاستخباراتية، وعلى خدمات إعادة التزويد الجوي التي فقدتها قوات الدفاع والأمن الأفغانية بعد انقشاع مظلة الدعم الجوي الأميركي”. يُضاف إلى ذلك أن رُبع الطائرات الموجودة بحوزة القوات الأفغانية متأخرة في جدول صيانتها المعتاد، وهو ما يُفاقم من مشكلات الإمداد ويؤخِّر الصيانة الدورية وكذلك الصيانة المطلوبة بسبب آثار المعارك.