عينات القمر تحل لغز الدرع المغناطيسية المفترضة للقمر
في عام 2024، سيبدأ عصر جديد لاستكشاف الفضاء عندما ترسل وكالة ناسا رواد فضاء إلى القمر كجزء من مهمة أرتميس، وهي متابعة لمهمات أبولو في الستينيات والسبعينيات.
وتتضمن بعض أكبر الألغاز التي يأمل العلماء استكشافها تحديد الموارد الموجودة في تربة القمر وكيف يمكن استخدام هذه الموارد للحفاظ على الحياة.
وفي ورقة بحثية نُشرت في مجلة Science Advances، أبلغ باحثون في جامعة روتشستر يقودون فريقا من الزملاء في سبع مؤسسات أخرى، عن النتائج التي توصلوا إليها بشأن عامل رئيسي يؤثر على أنواع الموارد التي يمكن العثور عليها على القمر: لم يكن للقمر درع مغناطيسية طويلة العمر في أي وقت من تاريخه البالغ 4.53 مليار سنة.
ووجود الدرع أو عدم وجودها مهم لأن الدروع المغناطيسية تحمي الأجسام الفلكية من الإشعاع الشمسي الضار. وتتعارض نتائج الفريق مع بعض الافتراضات القديمة، بحسب المؤلف الرئيسي للدراسة، جون تاردونو، أستاذ الجيوفيزياء في قسم علوم الأرض والبيئة وعميد الأبحاث في الآداب والعلوم والهندسة في روتشستر.
ولسنوات، كان تاردونو رائدا في مجال المغناطيسية القديمة، حيث درس تطور الدرع المغناطيسية للأرض كوسيلة لفهم تطور الكواكب والتغير البيئي.
وتنشأ الدرع المغناطيسية للأرض في عمق قلب الكوكب. هناك، يولد الحديد السائل الدوامي تيارات كهربائية، ما يؤدي إلى ظاهرة تسمى الجيودينامو، والتي تنتج الدرع.
والدرع المغناطيسية غير مرئية، لكن الباحثين أدركوا منذ فترة طويلة أنها ضرورية للحياة على سطح الأرض لأنها تحمي كوكبنا من الرياح الشمسية، تيارات الإشعاع من الشمس.
في حين أن القمر ليس لديه درع مغناطيسية الآن، كان هناك جدل حول ما إذا كان للقمر درع مغناطيسية مطولة في مرحلة ما من تاريخه أم لا.
ويقول تاردونو: “منذ بعثات أبولو، ظهرت فكرة أن للقمر مجال مغناطيسي قوي أو أقوى من المجال المغناطيسي للأرض منذ نحو 3.7 مليار سنة”.
وكان الاعتقاد بأن القمر يحتوي على درع مغناطيسية يستند إلى مجموعة بيانات أولية من السبعينيات تضمنت تحليلات للعينات التي تم جمعها خلال بعثات أبولو. وأظهرت التحليلات أن العينات بها مغنطة، وهو ما يعتقد الباحثون أنه ناجم عن وجود الجيودينامو.
ويوضح تاردونو: “نواة القمر صغيرة جدا وسيكون من الصعب في الواقع دفع هذا النوع من المجال المغناطيسي. بالإضافة إلى ذلك، فإن القياسات السابقة التي تسجل مجالا مغناطيسيا عاليا لم يتم إجراؤها باستخدام تجارب التسخين. لقد استخدموا تقنيات أخرى قد لا تسجل المجال المغناطيسي بدقة”.
واختبر تاردونو وزملاؤه عينات زجاجية تم جمعها في بعثات أبولو السابقة، لكنهم استخدموا ليزر ثاني أكسيد الكربون لتسخين العينات القمرية لفترة قصيرة من الوقت، وهي طريقة سمحت لهم بتجنب تغيير العينات. ثم استخدموا مقاييس مغناطيسية فائقة التوصيل عالية الحساسية لقياس الإشارات المغناطيسية للعينات بدقة أكبر.
ويقول تاردونو: “إحدى المشكلات المتعلقة بالعينات القمرية هي أن الحاملات المغناطيسية فيها معرضة تماما للتغيير. من خلال التسخين بالليزر، لا يوجد دليل على حدوث تغيير في قياساتنا، لذلك يمكننا تجنب المشكلات التي ربما واجهها العلماء في الماضي”.
وقرر الباحثون أن المغنطة في العينات يمكن أن تكون نتيجة تأثيرات من أشياء مثل النيازك أو المذنبات، وليس نتيجة مغنطة من وجود درع مغناطيسية. وكان لدى العينات الأخرى التي حللوها القدرة على إظهار مغنطة قوية في وجود مجال مغناطيسي، لكنها لم تظهر أي مغنطة، ما يشير إلى أن القمر لم يكن لديه أبدا درع مغناطيسية مطولة.
ويشير تاردونو: “إذا كان هناك مجال مغناطيسي على القمر، فإن العينات التي درسناها يجب أن تكون اكتسبت مغنطة، لكنها لم تفعل ذلك. وهذا أمر حاسم للغاية بأن القمر لم يكن لديه حقل دينامو (الآلية التي من خلالها يمكن لجرم سماوي مثل الأرض أو نجم توليد حقل مغناطيسي) طويل الأمد”.
من دون حماية درع مغناطيسية، كان القمر عرضة للرياح الشمسية، والتي ربما تسببت في غرس مجموعة متنوعة من المواد المتطايرة، العناصر والمركبات الكيميائية التي يمكن تبخرها بسهولة، في التربة القمرية. وقد تشمل هذه المواد المتطايرة الكربون والهيدروجين والماء والهيليوم 3، وهو نظير من نظائر الهيليوم غير موجود بكثرة على الأرض.
ويقول تاردونو: “تشير بياناتنا إلى أننا يجب أن ننظر إلى النهاية العالية لتقديرات الهليوم 3 لأن نقص الدرع المغناطيسية يعني وصول المزيد من الرياح الشمسية إلى سطح القمر، ما يؤدي إلى وجود خزانات أعمق بكثير من الهليوم 3 ما كان يعتقده الناس سابقا”.
وقد يساعد البحث في إعلام موجة جديدة من التجارب القمرية بناء على البيانات التي سيتم جمعها بواسطة مهمة أرتميس. وستسمح البيانات من العينات التي تم جمعها خلال المهمة للعلماء والمهندسين بدراسة وجود المواد المتطايرة وتحديد ما إذا كان يمكن استخراج هذه المواد للاستخدام البشري بشكل أفضل.
ويعني نقص الحماية المغناطيسية أيضا أن التربة القمرية القديمة قد تحتفظ بسجلات لانبعاثات الرياح الشمسية في الماضي. وبالتالي، فإن تحليل عينات عينات التربة يمكن أن يزود العلماء بفهم أفضل لتطور الشمس.
ويشرح تاردونو: “مع الخلفية التي قدمها بحثنا، يمكن للعلماء أن يفكروا بشكل أكثر ملاءمة في المجموعة التالية من التجارب القمرية التي يتعين إجراؤها. وقد تركز هذه التجارب على الموارد القمرية الحالية وكيف يمكننا استخدامها وأيضا على السجل التاريخي لما هو محاصر في التربة القمرية”.