بعد خلدة.. طريق بيروت – الجنوب مهدّدة بمعركة جديدة!
7 أيام مرّت على أحداث خلدة الدامية والتي كادت أن تقود البلاد نحو انفجارٍ أمني غير محسوب. وحتى الآن، فإنّ الجيش مستمرّ بخطوتهِ التي بدأها قبل أيام، والمتمثلة بتوقيف واستجواب المشاركين في الكمين المسلح الذي استهدف موكب تشييع المواطن علي شبلي وأدى إلى مقتل عناصر من “حزب الله”. فعلى هذا الصعيد، هناك إجماعٌ سياسي لاستكمال هذا الأمر حتى خواتيمه، حتى أن التصميم كبير لدى المرجعيات الأمنية بالتعامل مع الحادثة على أنها غير عابرة و”مهددة للسلم الأهلي وقد تقود البلاد إلى حرب دامية”.
ومع هذا، تقول مصادر أمنية أن الجيش مستمرّ بعمليات التوقيف لأنها لم تنتهِ بعد، وقد تشمل أسماء إضافية من “عرب خلدة” الذين أبدت أوساطهم تعاوناً كاملاً مع الأجهزة الأمنية لتسليم المطلوبين من دون أي قيدٍ أو شرط، وهو الأمر الذي ساهم في تبريد الأجواء بنسبة كبيرة.
وفي ظل ذلك، فقد علم “لبنان24” أن أمر إقامة مصالحة، كما دعا النائب السابق وليد جنبلاط، ما زال بعيداً نسبياً في الوقت الحاضر، خصوصاً أن عملية التوقيفات لم تنتهِ بعد، وتقول المصادر المتابعة: “لا نقاش الآن بهذا الأمر إلى بعد الانتهاء من مروحة التوقيفات، وعندها لكل حادث حديث”.
وإزاء هذا المشهد الذي تعمل الجهات السياسية على لملمة ذيوله، برز معطى آخر يرتبط بطريق الساحل بين الجنوب وبيروت ككل. فيوم أمس، دعا الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى إيجاد حل جذري لمسألة اغلاق هذه الطريق، في حين أن عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض قال عبر قناة “المنار”، في الأول من أمس، إنّ “الجيش تعهد أنه لن يكون أي إغلاق أو قطع لطريق الساحل”.
وخلال المراحل السابقة، كانت هذه الطريق التي تمر في خلدة، تشهدُ الكثير من الاحتكاكات والمشاكل لا سيما أثناء التحركات الشعبية التي أدت مراراً إلى قطعها. وفي العديد من خطاباته، كان الأمين العام لـ”حزب الله” يؤكد على وجوب منع قطع هذه الطريق بأي شكل من الأشكال، إذ اعتبر أن ما يحصل عليها كان بمثابة “إذلال لأهل الجنوب”، وهذا الأمر غير مقبول بالنسبة للحزب.
وفي المقلب الآخر، فإن الفكرة التي كشفها فياض عن تعهد الجيش بعدم قطع طريق الساحل، قد تستفزّ المجموعات الشعبية التي كانت تنفذ تحركاتها على ذلك الشريان الحيوي، علماً أن الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدهورة تشكل نواة لأي حركات احتجاجية تجعل من طريق الساحل منصة لها في المستقبل.
وفي الواقع، فإن الحديث عن “تعهد من الجيش” بشأن الطريق المشار إليها، يعني أن أي حركة احتجاجية ستُقابل بردّ فعلٍ عنيف من قبل المؤسسة العسكرية. وفعلياً، فإنه في حال عمل الجيش على فضّ أي تحرك احتجاجي بالقوة على طريق الساحل، فإن ذلك سيضع الأهالي في مواجهة المؤسسة العسكرية، وهنا ستنشأ أزمة كبيرة جداً قد تمهد لنقمة غير محسوبة.
وهنا، يقول أحد الناشطين في إقليم الخروب لـ”لبنان24″ إنّ “القرار المرتبط بطريق الساحل يشير إلى أن المنطقة لا يمكنها التحرك بعد الآن، وأن أي خطوة يقوم بها الأهالي ستُقابل بمواجهة ومعركة وهذا الأمر غير وارد في قاموسنا لأن أزمتنا مع الدولة والطبقة السياسية وليس مع المؤسسة العسكرية التي هي من نسيجنا الاجتماعي”.
ad
وأضاف: “على الجميع أن يعي أن التحركات على طريق الساحل ليست موجهة ضد أحد، بل هي ضد السلطة السياسية التي ساهمت بالانهيار، وأبناء الجنوب يعانون مثلنا من الغلاء وانقطاع البنزين والكهرباء، كما أن الأزمة تطال الجميع ولا تطالنا وحدنا”.
وفي الأسابيع القليلة السابقة، وتحديداً قبل عطلة عيد الأضحى، كانت طريق الساحل شهدَت تحركات أمنية لافتة، وكشفت معلومات “لبنان24” أنّ هناك قراراً منذ ذلك الحين بمنع أي قطع للطريق، حتى أن “حزب الله” دخل على الخط بشكل مباشر للحؤول دون حصول هذا الأمر. وقبل فترة، برز حديث عن أن الحزب قد يتحرّك ميدانياً لفتح الطريق بالقوة في حال لم يتدخل الجيش، لكن هذا السيناريو – إن حصل – سيفتح الباب أمام أزمة كبيرة قد تؤدي إلى فتنة.
ما انعكسات ذلك على “حزب الله”؟
في الواقع، فإن التعاطي مع خط الساحل حساسٌ جداً ويتوجب إيجاد آلية تفصل بين تحركات شعبية مطلبية وبين حركات مشبوهة تستوجب لجماً وتحركاً سريعاً.
أما ما كان يُحكى عنه بشأن تحرك لـ”حزب الله” عسكرياً في خلدة أو على خط الساحل فهو مستبعدٌ بالدرجة الأولى للأسباب التالية:
1- ليس من مصلحة “حزب الله” أبداً الدخول في معركة داخلية في ظل الأجواء القائمة، كما أن الاشتباك مع المناطق السنية سيؤدي إلى اقتتال داخلي كبير.
2- إن أي معركة على طريق بيروت – الجنوب ستساهم في جعل أبناء الطائفة الشيعية تحت الاستهداف المتكرر، ما يعني مشاهد جديدة من الجرائم.
3- في حال قام الحزب بردّة فعل عسكرية، فإنه سيكون قد تورط بمعركة ستشعلُ حرباً وتفتح جبهات متصارعة في مناطق عديدة، خصوصاً بين إقليم الخروب وخلدة.
4- إن أي صراعٍ بين هاتين المنطقتين والجيش سيتم توظيفه حكماً للقول بأن هناك استهداف للطائفة السنية من أجل مصلحة “حزب الله”، وهو الأمر الذي سيفتحُ الباب أمام صراعٍ كبير لا تُحمد عقباه.
ولذلك، فإنه من المطلوب تنظيم التحركات ومعرفة الجهات التي تقوم بها وذلك منعاً لأي احتقان ودرءاً لاي توتر قد يضرب خط الساحل ويكرّس معارك في ظل الانهيار القائم.
lebanon24