حاجزٌ من نوع آخر… وعن المتسوّل الأوّل في لبنان
كتبت صباح وتّار في موقع mtv:
هنا حاجز الغبيري في الضاحية الجنوبيّة لبيروت. يمرّ باص تعتقد، للنظرةِ الأولى، بأنّه باص مدرسة، لكنّ صوت السائق الذي يصرخ بالأطفال “توزّعوا، توزّعوا”، ورؤية أجساد نحيلة بملابس بالية صيفيّة، حتى في الشتاء،يكشف الحقيقة: إنّه “باص تسوّل”.
على الرغم من أنّه لا يتجاوز العشر سنوات من العمر، يبدو الطفل جمال جريئاً في الإجابة على الأسئلة. يقول إنّ سائق الباص مجرّد “شغيل” يبدّل مواقعهم يوميّاً من إشارةٍ إلى اخرى، واحياناً من منطقة إلى أخرى. لكنّ نادراً ما تتغيّر المواقع فلكلّ “تاجر تسوّل” مكانه الخاص، وهكذا يتم تفادي تصادم “التجّار” ببعضهم.
أغلب الأحيان يكون روّاد الباص من العائلة نفسها أوالمحيط. “اهليّة بمحليّة”. وهذه حال جمال الذي يعمل لدى عمّه “الراعي الرسمي للتسوّل في محيطه”. “يستأجر” العمّ الأطفال من اهلهِم بمبلغٍ قدره 5000 ليرة ليومٍ كامل، وبعض الأطفال في عمر الخامسة!
أمّا الرضّع فـ “سعرهم” أغلى، ويتجاوز غالباً العشرة آلاف ليرة، كما يتمّ اختيار الأم وفق رغبتها، وهي قد تكون أحياناً الأمّ البيولوجيّة أو أخرى تكون أمّاً بدواعي التسوّل.
عرض هذا الواقع يقودنا الى السؤال الشهير في لبنان: “وينيّي الدولة؟”.
يقول مصدرفي وزارة الشؤون الإجتماعيّة، لموقع mtv: “لا صلاحيّة لدينا في التدخّل إلّا بإذن من وزارتَي الداخليّة والعدل.وهذا كلّه يحتاج إلى تنسيق بين الوزارات (الداخليّة، العدل، الشؤون الإجتماعية، الصحّة والعمل) والتنسيق غير موجود”.
ويشير المصدر الى أنّه يجب أن تحصل تغييرات في القوانين والأنظمة، فالمسؤول الأوّل عن هذا الأمر هم الأهل، و بكفالة 50 ألف ليرة ينتهي الأمر في المخفر، ويعني ذلك عودة الطفل الى التسوّل بعد فترة قصيرة.
وبما يخصّ المؤسسات الإجتماعيّة، يلفت المصدر إلى أنّ عدد المؤسّسات أقلّ من الحاجة، خصوصاً أنّ الطفل يحتاج الى دعمٍ نفسيّ وحماية وتحصيل علمي…
ويختم المصدر أنّ الكثير من المؤسّسات لم تستطع تأمين إحتياجاتها كاملة في الفترة الماضية، فكيف ستتمكّن من الإستمرار في ظلّ الأزمات الإقتصاديّة المتراكمة؟ سؤال يقوده الى استنتاج أنّ بعض المؤسسات ستقفل أبوابها. وكلامٌ يقودنا الى استنتاج أنّ عدد المتسوّلين سيزداد. ولعلّ الدولة التي تنتظر مساعدات من الخارج هي المتسوّل الأوّل.