لماذ تتعمّدون أيهّا الحكّام إلهاء اللبنانيين بقشور الموز؟
غريب أمر أهل السلطة في لبنان. فبدلًا من أن يصبّوا جهودهم من أجل تأليف حكومة نراهم يتلهّون بأمور قد تكون في الأيام العادية مهمّة، ولكنها ليست أكثر أهمية من الموضوع الحكومي في الأيام غير العادية. فالخلافات بين بعضهم البعض، الظاهر منها والمستتر، تحرّكها مصالحهم الخاصة والنزعة إلى الإستئثار بالسلطة على طريقة “أنا أو لا أحد”. وهكذا تستمرّ البلاد معلّقة على خشبة الأهواء الشخصية لهذا المسؤول أو ذاك الزعيم، من دون الأخذ في الإعتبار المصلحة العامة، التي يجب أن تكون، كما يقول المنطق السليم، أولى الأولويات.
على ما يبدو، وكما هو ظاهر، فإن إهتمامات أهل السلطة، من كبيرهم حتى صغيرهم، في مكان أبعد ما يكون عمّا يريده الناس من مطالب محقّة، نعتقد أنها أقلّ الإيمان. اللبناني لا يهمّه في هذه الأيام سوى تأمين المأكل والمشرب. هو لا يطلب الكثير. يرضى بالقليل. المهمّ الاّ يّذل وأن تبقى كرامته مصانة، فيما نرى مَن في يدهم مفتاح الحلّ والربط يتفنّنون في إبتكار وسائل الذّل، أمام الأفران، وفي السوبرماركات، وفي الصيدليات، وأمام محطّات البنزين. “البهدلة” و”الشحادة” أصبحتا من يوميات اللبناني. ولا من يسأل أو يهتمّ.
قرأنا كلامًا لرئيس الجمهورية يقول فيه إنه سيذهب إلى الآخر في موضوع التحقيق الجنائي. نحن معه وكل الشعب اللبناني معه لو جاء هذا الموضوع بعد تشكيل الحكومة، إذ لا يُعقل أن توضع العربة أمام الأحصنة. وهذا ما هو حاصل اليوم. وهذا يعني أن هذه العربة ستبقى في مكانها، إلاّ إذا أريد لها أن تسير “خليفانة”.
مَن مِن اللبنانيين لا يريد إسترجاع أمواله المحجوزة في المصارف؟ مَن منهم لا يريد معرفة مَن سرقهم طوال كل هذه السنوات، وبالتالي محاسبتهم وإستعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج؟ مَن لا يريد وضع حدّ لكل هذه المسرحية التي لم تنتهِ فصولها بعد؟ مَن لا يريد أن تكون المحاسبة شفافة، وأن يكون المحاسَبون عبرة لمن يعتقد أن نهب الأموال العامة أمر سهل المنال؟
فإذا كان التحقيق الجنائي سيؤدي إلى أي نتيجة فإن كل الشعب سيقف وراء المطالبين به. أمّا إذا كان مجرد “همروجة” لغايات غير تلك التي تصّب في مصلحة الخزينة، كما كانت حكاية أبريق “الإبراء المستحيل”، فأظن أن مثل هذه المسرحيات لم تعد تنطلي على أحد.
وكما هي الحال مع التدقيق الجنائي كذلك الأمر مع ترسيم الحدود البحرية، مع ما رافق هذه القصّة من مهازل، فيما كل من إسرائيل وسوريا على حدّ سواء ماضيتان في قضم حقّ لبنان بمياهه الإقليمية.
السنيورة: للاسراع بتأليف الحكومة وإلا الوضع متجه الى مزيد من التدهور
المجتمع الدولي “يؤنّب” لبنان.. والمسؤولون لا يكترثون!
قصص جديدة تضاف إلى القصص القديمة من أجل إلهاء الشعب عن القضية الأمّ، ومن أجل المزيد من التمويه وذرّ الرماد في العيون وإطلاق القنابل الدخانية.
إفهموها للمرة الأخيرة يا أيها الحكّام. الشعب الخائف على مستقبله لا يريدكم لأنكم “جوعتموه أذليتوه وحرقتو مسّينو”.