جولة الصباح الاخبارية: زحمة موفدين الى بيروت… والعين على لقاء الحريري – ماكرون
شكّل الكلام البابا فرنسيس أمس امام السلك الديبلوماسي في الفاتيكان عن الوضع في لبنان امتداداً اكثر من طبيعي للصرخات التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في خلال الاشهر الماضية، وصولاً الى عظته الاحد الماضي، التي استدعت تحركاً للتيار الوطني الحر باتجاه بكركي لاستيضاح أبعاد هذا الكلام.
في هذا الوقت، تتجه الأنظار الى حركة الموفدين الى لبنان في الايام المقبلة، حيث من المتوقع ان يزور بيروت اليوم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن ال ثاني، على ان يصل الموفد الفرنسي نهاية الاسبوع. وما بين الموعدين ترقب للقاء الذي سيجمع الرئيس سعد الحريري والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس التي وصلها الحريري مساء.
صرخة البابا وبكركي
اذاً، شكّل كلام البابا فرنسيس أمس امام السلك الديبلوماسي والذي تطرق فيها الى الملف اللبناني بمثابة صرخة على الساحة اللبنانية، حيث قال: “…وأتمنّى كذلك تجديد الالتزام السياسي الوطني والدولي من أجل تعزيز استقرار لبنان، الذي يمرّ بأزمة داخلية والمُعرَّض لفقدان هويّته ولمزيد من التورّط في التوتّرات الإقليمية. من الضروري للغاية أن يحافظ البلد على هويّته الفريدة، وذلك أيضًا من أجل ضمان شرق أوسط متعدّد ومتسامح ومتنوّع، حيث يستطيع الوجود المسيحي أن يقدّم مساهمته وألّا يقتصر على أقلّية يجب حمايتها. إن المسيحيّين يشكّلون النسيج الرابط التاريخي والاجتماعي للبنان، ومن خلال الأعمال التربويّة والصحّية والخيريّة العديدة، يجب أن تُضمَنَ لهم إمكانيّة الاستمرار في العمل من أجل خير البلد الذي كانوا من مؤسّسيه. فقد يتسبّب إضعافُ الوجود المسيحي بفقدان التوازن الداخليّ والواقع اللبناني نفسه. ومن هذا المنظور، يجب أيضًا معالجة وجود اللاجئين السوريّين والفلسطينيّين. فالبلد إضافة لذلك، دون عمليّة عاجلة لإنعاش الاقتصاد وإعادة الإعمار، مُعرّض لخطر الإفلاس، مع ما قد ينتج عنه من انحرافات أصوليّة خطيرة. لذلك فمن الضروريّ أن يتعهّد جميع القادة السياسيّين والدينيّين، واضعين جانبًا مصالحهم الخاصّة، بالسعي لتحقيق العدالة وتنفيذ إصلاحات حقيقية لصالح المواطنين، فيتصرّفوا بشفافية ويتحمّلوا مسؤولية أفعالهم”.
وأشارت الأوساط الى ان كلام البابا فرنسيس، يأتي امتداداً لنداءات البطريرك الراعي المتكررة لإنقاذ البلد، حتى بدت تعابيره بمثابة تطويب بابوي لصوت بكركي وصداه السيادي الذي بدأ يتردد في دوائر الفاتيكان ولاقى انعكاساته الواضحة في الفقرة اللبنانية من خطاب البابا أمام أعضاء السلك الديبلوماسي، تشخيصاً لبيت الداء والدواء في المعضلة اللبنانية.
وكانت لافتة أمس الزيارة التي قام بها وفد من “التيار الوطني الحر” للصرح البطريركي في بكركي امس غداة المواقف البارزة اتي اعلنها البطريرك الراعي الاحد الماضي في شأن الملف الحكومي كما في موضوع دعوته الى عقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لمقاربة الوضع في لبنان. وعلمت “النهار” في هذا السياق ان موقف البطريرك الراعي اثار قلقا لدى العهد وتياره السياسي لجهة انه شكل أقوى ادانة ضمنية للدولة والسلطة والحكومة في ظل العهد وترك ترددات قوية خارجية وداخلية من شأنها اثبات الفشل المحكم للعهد في إدارة الازمة الى حدود جعلت البطريرك يطرح بجدية بالغة موضوع السعي الى عقد مؤتمر دولي. وعقد لقاء الراعي ووفد “التيار الوطني الحر” في ظل هذا الموقف والإحراج الذي تسبب به للعهد وتياره السياسي. ولوحظ على الأثر ان كلام الوفد بلسان الوزير السابق منصور بطيش بدا كأنه يتحدث باسم رئيس الجمهورية اذ ركز على رغبة الرئيس في تشكيل الحكومة بأسرع وقت، لكنه كرر دعوة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى المبادرة للقاء عون. كما ان مؤشرا ثالثا برز في سياق تحريك المسار الحكومي وتمثل في المعلومات التي تحدثت عن وصول الموفد الرئاسي الفرنسي مستشار الرئيس ايمانويل ماكرون باتريك دوريل الى بيروت في نهاية الأسبوع الحالي للقاء عدد من المسؤولين وستتركز محادثاته على استكشاف المنافذ الممكنة لتشكيل الحكومة الجديدة.
زحمة موفدين
في هذا الوقت، يتحضر لبنان لزحمة موفدين دوليين تحمل في طياتها أكثر من رسالة.
فعلى الرغم من ان غموضا اكتنف الإعلان المفاجئ عن زيارة سيقوم بها اليوم وزير الخارجية القطري لبيروت وسط ترجيح ان تنحصر بموضوع مد لبنان بمساعدات حيوية في هذا الظرف الخطير، فان الأوساط السياسية المشار اليها لم تستبعد ما ذكر عن عودة خليجية الى بيروت توسم بها إيجابا معظم القوى السياسية مع عودة السفير السعودي في بيروت قبل يومين ومن ثم مع زيارة الوزير القطري اليوم. وكانت السفارة القطرية في بيروت أعلنت ان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن ال ثاني سيزور لبنان اليوم حيث سيعقد مؤتمراً صحافياً في القصر الجمهوري في بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، على أن يلتقي بعدها كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وعلم ان وفدا يرافق الوزير القطري ويضم السفراء محمد الجابر وسعد الخرجي ومشعل المزروعي والسيد عبدالله السليطي.
وإذ أكدت مصادر رسمية أنّ الدوائر اللبنانية لم تتبلغ بالغاية من زيارة المسؤول القطري، أعربت مصادر سياسية عن اعتقادها بأنّ الزيارة ذات طابع تضامني مع لبنان وسيتخللها على الأرجح الإعلان عن “مكرمة” قطرية تقع في خانة المساعدات الإنسانية، مع إبداء استعداد الدوحة للعب أي دور توفيقي بين الأفرقاء اللبنانيين.
موفد فرنسي
في هذا الوقت، لا يزال كباش الحصص مستحكماً بولادة “حكومة المهمة” الإصلاحية، ولا يزال المقربون من دوائر القصر الجمهوري يؤكدون أن “أي حكومة لن تبصر النور ما لم تراع معايير الشراكة الدستورية التي يطالب بها الرئيس ميشال عون”، بينما يواصل الرئيس المكلف سعد الحريري جولته الخارجية بحثاً عن مظلة عربية ودولية لتشكيلته المرتقبة، وأكدت مصادر “نداء الوطن” ليلاً أنه وصل إلى باريس، حيث من المرتقب أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في الغضون، تضاربت المعلومات عن زيارة لمبعوث الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل سيقوم بها الى بيروت نهاية الأسبوع لاستعراض مستجدات المواقف مع المسؤولين اللبنانيين حيال مسألة تشكيل الحكومة، غير أنّ مصادر فرنسية رفيعة شددت لـ”نداء الوطن” على أنّ ما يتم تداوله في الإعلام اللبناني حول زيارة دوريل “غير صحيح” وأنّ لا موعد محدداً للزيارة بعد.
في المقابل، أكدته مصادر لـ”الأخبار”، أن دوريل، سيحطّ في بيروت نهاية هذا الأسبوع، بعد الاتصالات التي أجراها الفرنسيون في الأيام الماضية مع القوى السياسية، تحديداً المعنية بملف تأليف الحكومة. من بعبدا الى عين التينة مروراً بحارة حريك.
ومن هنا، ثمة مَن يتعامَل في لبنان مع توقيت العودة الفرنسية، على أنها وثيقة الصلة بمناخ إقليمي مستجدّ أسّست له نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة، وأن هذا المناخ يتجّه بالمشهد اللبناني نحو مرحلة هدنة عبر تأليف حكومة ظرفية بـ”التراضي”. غيرَ أن مسار الأمور في الخارج ليسَ أقلّ تعقيداً من الداخل، وتُعيقه أكثر من عثرة.