مبادرات محلية متتالية في طرابلس.. والعمل بدأ في ترميم المحكمة الشرعية
شهدت مدينة طرابلس على مدى الايام الماضية جهودا متسارعة على ثلاثة محاور اولها امني حيث تابع الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي تنفيذ خطة المداهمات بحثا عن متورطين بأعمال الشغب التي سجلت في المدينة ، وعلى مستوى آخر بدأ العمل في ترميم المحكمة الشرعية وقد تلقت المحكمة دعما من “جمعية العزم والسعادة الاجتماعية” بتوجيه من الرئيس نجيب ميقاتي وحمله وفد من دار العلم والعلماء. كما أعلن القاضي سمير كمال الدين عن تلقيه مساعدة أخرى من موفد الرئيس سعد الحريري، فيما تعمل قوى محلية على توفير أجواء مؤاتية لمنح الصمود المحلي اسباب القوة عبر التكافل والتعاضد وتامين مشاريع الدعم المتبادل.
وقد جاءت خطوة “العزم” في موازاة خطوات أخرى بذلت في المدينة نفذ جانب منها قبل الاحداث الأخيرة، في حين كانت المؤسسات الاخرى التابعة للعزم تبذل جهدا مسبقا بدأ مع تطور انتشار وباء كورونا في المجتمع اللبناني. كما تتبع الرئيس ميقاتي عن كثب مختلف التطورات مشددا على أخذ ظروف الباعة المتجولين بعين الاعتبار والسماح لهم بالعمل.
وفي هذه الاثناء توقفت فاعليات المدينة في غير مناسبة عند مساعي الحكومة لمساعدة أبناء طرابلس، وما نقل في هذا المجال عن مسؤولين حكوميين كانوا قد لفتوا إلى مساعدة المدينة بمبادرات مالية أو مواد غذائية. واعتبرت هذه الفاعليات أن خدمة طرابلس بهذه الطريقة لن تقدم ولن تؤخر في الواقع السيء للمدينة ولن تغير في ظروفها.
ويقول عارفون في طرابلس أن ظلم المدينة عام، رغم انها توفر ناتجا ماليا ضخما للخزينة من خلال الرسوم والضرائب وتسديد المتوجبات الأخرى، لكن الدولة لم تبادرها بالمثل يوما ، وبذلك تابع أصحاب هذا الرأي الإشارة إلى أن العمل في المدينة لا يبدا من قبل الدولة بحصة غذائية بل هذا أمر مستهجن، وفي حال وجد مشاغبون فذلك مرده إلى ظروفهم وواقعهم الحالي، ولكن حكما فإن أحدا في المدينة لن يلجأ إلى احراق بلديته أو محكمته الشرعية وهذا امر أساسي .وفي كل الأحوال على الدولة أن تتحمل مسؤولية دعم موقف طرابلس لما يشكله من دعم لمنطق الدولة وبداية العمل على إعادة بناء جسم الدولة النازف.
ملحم: ليس من شيم ميقاتي الهروب والتخريب في طرابلس هدفه تدجينها
شروط تموضع طرابلس في قلب الدولة… وواقعية ميقاتي
جامعة طرابلس
وفي حديث لـ”لبنان 24″ قال رئيس جامعة طرابلس الدكتور رأفت ميقاتي انه لا بد من السؤال عن مصير لبنان في ورشة إعادة تقسيم المنطقة وعمليات الضم والفرز الدولي في هذا المشرق العربي الإسلامي الكبير بمعناه الحضاري والتاريخي الشامل للمسلمين وشركائهم، حيث أن لبنان معني بآثار بنود التفاهمات الاقليمية والدولية على سوريا على أعتاب الذكرى العاشرة لاندلاع ثورتها التي قضى فيها مئات آلاف الشهداء الأبرار ، واستشهدت فيها مدنٌ بأسرها واغتيلت فيها حواضر كاملة برعاية دول معروفة، وهُجر فيها أكثر من ثلثي الشعب داخليا وفي دول الجوار وفي طليعتها لبنان وصولا إلى مختلف قارات العالم ، في أكبر عملية اجتثاث ديموغرافي عرفها التاريخ.
وقال: “لقد بات لبنان مهددا بالذوبان والتفكك إزاء التوسع الاسرائيلي في المنطقة العربية وتسريع إقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل”.
وقال “إن مجريات الأمور، وللأسف الشديد ، تشير إلى الاتجاه بلبنان تدريجيا إلى فيديراليات مقنّعة، الرابح فيها خاسر، كما أثبت التاريخ اللبناني المعاصر، وقد تغري حقول النفط والغاز زعماء بعض المناطق اللبنانية التي ابتدعت محافظات جديدة ، لكنها تغفل عمليا عن وجود القوى العسكرية الكبرى التي ستستأثر بها حفرا وتنقيبا واستخراجا وبيعا ولن تترك هذه الخيرات لأحد. ومن هذا المنطلق ، فان نداءنا العاجل إلى السلطة المتحكمة برقاب المواطنين ، أن تتقي الله فيما تبقى من هذا البلد ، وأن تعود إلى رشدها قبل فوات الأوان ، وأن ينطلق قطار تشكيل الحكومة وخطة الانقاذ المالي ولجم المزيد من الانهيار واستعادة الثقة الدولية بلبنان”.
وشدد على” ان المطلوب من الدولة، او ما تبقى منها، أن تتذكر أنها دولة لديها مواطنون في كل المحافظات ، و أن تؤكد لنا ولو لمرة واحدة أن مدينة طرابلس والشمال عموما هما في الجمهورية اللبنانية، وأن ينعكس ذلك فورا على إجراءات تنفيذية عاجلة، وفي مقدمها إغاثة من أصابتهم المجاعة الفعلية إغاثة تحفظ لهم ما تبقى من حياة وكرامة، ثم تمكين المواطنين ممن تبقى من الطبقة، التي كانت وسطى، من أموالهم ومدخراتهم الصغيرة ورواتبهم وتعويضات نهاية خدمتهم المصادرة ظلما في المصارف”.
وردا على سؤال قال: مطلوب من أهل طرابلس أن يُقبلوا جميعا على الله تعالى في لحظة غرق السفينة، وأن يراجعوا فورا حساباتهم مع الله ومع العباد، وأن يبذلوا ما يستطيعون لإنقاذ بعضهم تكافلا وتضامنا، زكوات وصدقات، ليلا ونهارا، سرا وجهارا، فرادى وجماعات، وهيئات وجمعيات ونقابات، وأن يجتهدوا في التآخي بين لبنانيي الاغتراب ولبنانيي الداخل. كما انه مطلوب من طرابلس ورموزها وسياسييها ومرجعياتها أن يتعاونوا على البر بطرابلس وتقوى الله في أهلها ، فرُبَّ وقفة تاريخية جماعية واحدة خيرٌ من ألف وقفة منفردة في وجه الظلم الممنهج المتعاقب على المدينة، والعنصرية البشعة التي نعاني منها جميعا في ممارسات بعض رموز هذا العهد، الذين يصرون على عقاب طرابلس كهربائيا وإقصائها إنمائيًا واغتصاب حقوقها إداريا.. ثم يتساءلون لماذا الصرخات المدوية في طرابلس. ومطلوب ايضا من نواب طرابلس عدم البصم على تسويات سياسية فاشلة ولا على قوانين انتخابية جائرة ولا على تشريعات تحل الحرام عند المسلمين والمسيحيين وتحرم الحلال وخاصة في المجال الأسري.
وعن حقوق المدينة قال: “مطلوب الوقوف صفا واحدا لانتزاع حقوق طرابلس وقانون العفو العام الذي تأخر كثيرا، والذي يتسلى به بعض الحاقدين على طرابلس من كتل نيابية معروفة وكأنهم يفتحون جروح مئات العائلات المنكوبة جراء العدالة المفقودة. ولا بد حكما من مساءلة الوزراء المقصرين، وخاصة في قضية الأحداث التي أفضت إلى قتل مواطن بريء في وسط المدينة، ثم إحراق القصر البلدي والمحكمة الشرعية والتخلي الجرمي الكامل عن حماية المؤسسات الرسمية”.
ولفت ميقاتي ردا على سؤال عن دور العلماء الى انه “مطلوب منهم أن يكونوا يدا واحدة كما كان المشهد بعيد اليوم النكبة في دار الفتوى في طرابلس، وأن يثبتوا على تبليغ الناس الوحي الالهي في السراء والضراء، وأن يثابروا على رعاية شؤون الناس بما استطاعوا ، فإن دورهم الآن كبير جدا رغم كل التحديات، ومطلوب من المرجعيتين الدينية والسياسية مؤازرتهم ماديا ومعنويا في زمن النكبات ، إنصافا لهم وإجلالا لرسالتهم النبيلة التي يقومون بها ، ودرءا لاتخاذ الناس رؤوسا جهالا ، يفتون الناس بغير علم فيَضلون ويُضلون”.