بين الإرتياب المشروع واستشعار الحرج…من ينصف أهالي ضحايا المرفأ؟
تشهد مجريات دعوى إنفجار مرفأ بيروت جموداً يدعو إلى ألريبة منذ أن أوقف المحقق العدلي في الملف القاضي فادي صوان إجراءاته بعد التقدم بطلب نقل الدعوى المقدم ضده من قبل الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل “للإرتياب المشروع” وهو آخر ما استجد من مصطلحات قانونية يتم التداول بها.
القاضي صوان، المعروف عنه ابتعاده الطوعي عن الأضواء الإعلامية خلال عمله في المحكمة العسكرية كقاضي تحقيق عسكري متابع لملفات الإرهاب ومتفرعاتها، يلتزم “بمبدأ التحفظ” الملزِم للقضاة تاركاً التأويلات والتحليلات والإجتهادات القانونية على غاربها لـ”يللي بيعرف وما بيعرف”.
وحدها هيئة محكمة التمييز برئاسة القاضي جمال الحجار(المقرب من الرئيس سعد الحريري) تتحرك بشكل خجول في إطار صلاحياتها بعدما طلبت من المحقق العدلي إيداعها الملف للإطلاع على الإجراءات المتخذة من قبله، تمهيداً لاتخاذ قرار تنحيته من عدمه وذلك عبر آلية التصويت.
العارفون بخبايا الأمور يجزمون أن ما كان ينقص هيئة محكمة التمييز لتدخل بدورها في دائرة الجمود غير البنّاء هو “استشعار الحرج” من متابعة النظر بالملف من قبل المستشارين القاضي فرنسوا الياس(شقيق رئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس) والقاضية رولا مسلم ما دفعهما الى تقديم طلب التنحي عن متابعة النظر بالملف حتى وان استدركت الهيئة الأمر من خلال انتداب القاضية إيفون بو لحود للانضمام اليها، بعد صدور قرار بهذا الشأن من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود.
يبقى أن الهيئة تستثمر الوقت المستقطع في تلقي الردود على طلب تنحية القاضي صوان وكف يده عن متابعة النظر بالملف، التي كان آخرها رد مدير عام الجمارك بدري ضاهر عبر وكيله القانوني على الطلب، مع الإشارة الى مهلة الأيام العشرة المحددة أصولاً للإجابة على الطلب من تاريخ التبليغ، علماً أن التبليغات لم تستكمل بعد نظراً للعدد الكبير من الفرقاء المعنيين سواء كانوا من جهة الإدعاء أو المدعى عليهم وهو عدد يقارب 150 شخصاً، مع تسجيل أحقية عدم الرد اذا إرتأى البعض أن الموضوع لا يشكل إرتياباً مشروعاً بالنسبة اليهم.
قد يكون الإرتياب المشروع حقاً مكتسباً تضمنه القوانين المرعية في ملف إنفجار المرفأ أو غيره من الملفات القضائية، لكن ما ليس مشروعاً ولا يقبله ضمير إنساني حي أن “تتعفر” عيون أهالي ضحايا المرفأ بتراب أرضه الذي حضن أشلاء أحبائهم ومياه البحر المالحة التي خبأت قطعاً من قلوبهم المحترقة الى يوم قيامة العدالة.