“حزب الله” يسعى الى عزل لبنان عن المنطقة.. ويفرض المعادلات!
تتكاثر المؤشرات السياسية والتسريبات الاعلامية التي تزيد من قناعة الرأي العام اللبناني بأن لا حكومة في المدى القريب وتقلل في الوقت عينه من اهمية وصول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض وتأثيره على الوضع السياسي اللبناني، علماً أن لانتقاله تبعات جدية من شأنها ان تؤدي بشكل مباشر الى تهيئة الظروف لتشكيل الحكومة وتذليل بعض العقبات الاساسية التي دفعت القوى السياسية للتمسّك بالمماطلة.
وفق مصادر متابعة، فإن هذه التسريبات تقف خلفها قوى سياسية محددة وتهدف من خلالها الى فصل الساحة اللبنانية عن المشهد الاقليمي المقبل، ومنع لبنان من أن يكون جزءاً من التسوية الشاملة في المنطقة، والدفع باتجاه تسويات داخلية تؤدي الى حل الازمة بالتوازي مع بعض الوساطات الخارجية كفرنسا مثلا وغيرها من الدول المهتمة بالواقع اللبناني.
مما لا شك فيه أن “حزب الله” هو الطرف الاساسي المعني بعزل الساحة اللبنانية عن الاقليم، ولعلّ خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله قبل أمس حمل تأكيدا على أنّ لا تسوية بين ايران والولايات المتحدة الاميركية ولا اي مفاوضات حول القضايا الاقليمية. واللافت أن الحزب يعمل بشكل ملحوظ على حصر التسوية في لبنان بالقوى الداخلية بعيدا عن ملفات الاقليم والأخذ والرد ما بين ساحة واخرى.
وإذا كان الحزب سيسعى الى استغلال وصول بايدن الى البيت الابيض من أجل تحسين شروطه التفاوضية، فإن هذا الامر سيحدث تلقائيا، إذ يبدو أن الاخير لا يبدو مهتما بالمشهد اللبناني في هذه المرحلة وربما بالشرق الاوسط بشكل أعمّ الا لجهة تخفيف حدة التوترات فيه، ومن الواضح أن الحزب المدرك لكل هذه التفاصيل سيستفيد حتما من هذه النقاط التي يعتبرها لصالحه من اجل الدفع باتجاه تسوية داخلية سريعة وعدم انتظار أي إشارة اقليمية لن تطال الملف اللبناني.
وانطلاقاً من كونه في هذه المرحلة الطرف الاقوى بين القوى السياسية في لبنان، فإن الحزب يهدف الى الحصول على مكتسبات اكبر ولا يبدو مستندا الى أي تطورات اقليمية ليتقدم في لبنان، بل على العكس، فهو، وبحسب المصادر، قادر اكثر على فرض معادلاته واستراتيجيته الخاصة في الداخل اللبناني بمعزل عن أي مفاوضات وتسويات اقليمية.
من جهة اخرى، فإن “حزب الله” يبدو مقتنعا بأنه يستطيع أن يكسب الرضى الفرنسي، إذ ان باريس تفاهمت مع ايران منذ مدة على عزل الساحة اللبنانية وعدم ربطها بأي مفاوضات خارجية. وحيث أن إيران تملك فائض قوة في لبنان، فهي لن تحتاج الى تقديم أي تنازلات في سوريا او العراق، لذلك فإن الحزب سيدفع في المرحلة المقبلة اعلاميا وسياسيا باتجاه حل متوازن للازمة الحكومية تتبعه حلول اقتصادية مقبولة ترعاها فرنسا والدول الاوروبية في ظل الانكفاء الاميركي.