أسرار مفاوضات الترسيم… وإلى متى تأجّل؟
كتبت ثريا شاهين:
ليس معروفاً بعد التوقيت الذي أُرجئت إليه المفاوضات اللبنانيّة – الاسرائيليّة غير المباشرة من أجل ترسيم الحدود البحرية. وتتوقع مصادر ديبلوماسيّة بارزة أنّ التوقيت سيمتدّ الى ما بعد تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن السلطة.
وتفيد المصادر أنّ التفاوض توقف لأنّ الاميركيّين فوجئوا بأن لبنان يطالب بأكثر مما كان طالب به، وهو مقتنع بأنّ حقّه القانوني يسمح له بالحصول على ما طالب به اخيراً. إذ نتيجة استطلاعه لوضع حقوقه مع مسؤولين في شركات عالميّة تُعنى بالقوانين البحريّة والحدود البحريّة، يتبيّن أنّ ما كان يطالب به في البداية هو أقلّ ما يمكن الحصول عليه. كذلك، إنّ ما أدى الى رفع لبنان لسقف مطلبه في حدوده البحريّة، هو أنّ المسؤولين اللبنانيّين الكبار رأوا أنّه ليس بهذه السهولة يجب أن نوافق على الحدّ المطروح للترسيم، ولا يجب أن يحصل تنازل عن الحقوق. وهؤلاء المسؤولون يعتبرون من الضروري التشدّد لأنّهم يستشعرون احتمال أن يتغيّر الوضع لصالحهم في ضوء المعطيات الجديدة التي قد يفرضها وجود سلطة جديدة في الولايات المتحدة. وأنّ هناك حالة واحدة تعيد لبنان الى التفاوض هي قبول اسرائيل بتسوية تكون أقرب الى موقف لبنان. ما يعني، أنّ موقف لبنان المستجد من حدود الترسيم هو الذي ساهم في توقّف التفاوض من أجل تحصيل حقوق أوسع.
وتشير المصادر الى أنّ الاميركيّين كانوا أسرعوا الى بدء عملية التفاوض، لأنهم اعتقدوا أنّ لبنان تحت الضغط الهائل وتحت تأثير العقوبات، سيقبل بالترسيم بسهولة. لكن الموقف اللبناني الآن في مرحلة تصعيد ولن يتراجع، إذ يطالب لبنان وللمرة الأولى بحقوقه بالنسبة الى المساحة الإضافيّة التي أأأأ كالبيغفيؤؤغعرغهرلااأتتتبلغها الى الاميركيّين، وقبل ذلك لم يكن لأحد أن يطالب بها.
وعندما راجع لبنان شركات دوليّة متخصّصة بقانون البحار وقانون الحدود البحريّة، حمل معه ما يلي: الخطّ الذي وضعته اسرائيل، والخط الذي يعتبر أنّه يحدّد حدوده، كما أنّ لبنان أظهر الخط الذي اعتبره السفير الاميريكي ديڤيد ساترفيلد خطاً وسطيّاً في ضوء إيفاده فريدريك هوڤ الى المنطقة، من أجل إرساء تسوية وإرضاء لبنان بأنّ هناك 60 في المئة من المساحة المتنازع عليها هي للبنان.
وأفادت الشركات برأيها وهو أن ما تطالب به اسرائيل لا يمكن لأيّ محكمة دوليّة أو قانون دولي أن يوافق لها عليه. والمشكلة في اللّجوء الى التحكيم الدولي، هي أنّ اسرائيل ليست موقّعة على الاتفاقيّات البحريّة الدوليّة، اذ ان اللجوء الى التحكيم يفترض التوقيع على الاتفاقيّات الدوليّة. واذا أراد لبنان اللّجوء الى التحكيم يفترض قبول الدولتين به، واسرائيل لن تقبل بذلك. وقالت الشركات الدولية كلمتها منذ مدة بأنّ ما كان يطالب به لبنان هو أقل ما يمكنه الحصول عليه اذا حصل تحكيم دولي. ما يعني ان خط هوڤ كان للتسوية ولإظهار لبنان أنّه سيحصل على مساحة أكبر من تلك التي ستحصل عليها اسرائيل.
ووضع لبنان الآن خطاً رابعاً يطالب بمساحة أوسع، واذا رضي بأقل من الخط الرابع بقليل يعني أنّه بدافع بدء الاستثمار والتنقيب قد يسهّل لنفسه بذلك، لكن من المؤكد أنه لن يقبل بخط اسرائيل.
فاجأ لبنان جميع المنشغلين بالتفاوض، واسرائيل تقوم بالضغط من جهتها للمطالبة بأكثر، والاميركيّون وجدوا أن لا مجال الآن لاستمرار التفاوض. وتقوم واشنطن بتحرّك مع كلٍّ من لبنان واسرائيل على بهدف العودة الى التفاوض.
وبالتالي، وجد رئيس الجمهورية ميشال عون أنّه لا يجب استسهال الأمور، لأنّ الخط اللبناني الأول هو أقلّ ما يمكن الحصول عليه، ولدى لبنان خيارات أخرى غير التحكيم الدولي.