زينة أعياد هذا العام: “من الموجود جود”
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
“المارد الخفي”، قد يكون هذا التّوصيف هو الاكثر دقّة لبلديات لبنان التي أُلقيت عليها الكوارث والمسؤوليات دفعة واحدة، هي التي سُلّمت صلاحيات “ثقيلة” ودفتراً للشيكات من دون رصيد لتصنع منه المعجزات والعجائب في وقت تستفحل فيه أزمتا “كورونا” والدّولار في لبنان.
وفي زمن ليس ببعيد، كانت البلديّات تتسابق على الفوز بلقب أجمل زينة للميلاد، وتتنافس على استقطاب اللبنانيّين والسيّاح للاستمتاع بالاجواء الميلاديّة في أرجائها، أمّا هذا العام، فيحلّ العيد مختلفاً، “فقيراً” و”حزيناً”، فالبلديّات التي كانت في مثل هذا الوقت من كلّ سنة أشبه بخلايا نحل تتحضّر لتزيين الشوارع والطرقات ولاقامة الحفلات الميلاديّة و”الريسيتال”، ها هي هذه السنة مرهقة بإحصاء وإسعاف إصابات “كورونا”، وتأمين لقمة العيش والدفء الى كنف الكثير من البيوت والعائلات المحتاجة.
لكنّ عدداً كبيراً من هذه البلديّات لن يترك العيد يمرّ هذه العام من دون بهجة ولو “متواضعة”، وهذا ما لمسه موقع mtv الذي تواصل مع بعض القيّمين في البلديات الذين أفضوا له بما يحضّرون في الكواليس لشهر الاعياد، رغم كلّ الظروف الصّعبة والقاهرة.
في العاصمة التي ضُربت في صميمها في تفجير المرفأ الدامي، قرّرت بلدية بيروت أن تخلق من رحم المأساة ولادة جديدة وأملاً بأيّام أكثر فرحاً وإنصافاً لاهلها وأبنائها، وهي تنسّق مع الجمعيّات على الارض لتحضير زينة تلوّن المدنية في الشهرين المقبلين، بالاضافة الى شجرة وقرية ميلادية في ساحة ساسين، فضلاً عن تزيين مختلف الشوارع بالتعاون مع جمعيتي تجّار الاشرفية والرّميل، ومع نقابة أصحاب المطاعم في الجميّزة ومار مخايل. ليس هذا فقط، بل تحضّر البلدية أيضاً نشاطات عديدة تعيد النبض الى الاسواق والشوارع التي توشّحت بلون الحزن والدّمار.
أمّا في بلدة الشوير – عين السنديانة المتنيّة التي كانت تعرف في كلّ عام بشجرتها العملاقة وبمعرضها الميلادي، فسوف تستعين بشجرة وزينة السنوات الماضية في ظلّ الاوضاع الاقتصادية الصّعبة هذا العام، وستركّز البلدية على المبادرات لمساعدة الاهالي، ومن المقترحات هذا العام أيضاً، تنظيم “ريسيتال أون لاين” لكي لا يغيب العيد صورةً وصوتاً.
ومن الشوير – عين السنديانة الى بلدة برمّانا، حيث ستعيد البلدية تزيين الشوارع بزينة العام الماضي التي تميّزت بأشجار عملاقة مضيئة في عدد من شوارع المدينة الرئيسة.
في المتن أيضاً، قرّرت بلدية أنطلياس – النقّاش أن تعيد تأهيل وصيانة زينة السنة الماضية، وسيكون التركيز على تقديم مساعدات غذائية للمحتاجين بدل صرف الاموال على زينة جديدة.
أمّا جبيل التي كانت تتفوّق خلال سنوات عدّة ماضية بزينتها وشجرتها ومغارتها المميّزة، فلن تنصب شجرة عملاقة هذا العام نظراً للتكاليف الباهظة مع ارتفاع سعر صرف الدّولار مقابل الليرة، وفي ظلّ الاوضاع الاجتماعية والمعيشية الصّعبة، وستقتصر الزينة على الاضواء وعلى مغارة مميّزة جدّاً، لانّها رمز الميلاد الحقيقي.
لا يغيب أيضاً دور الجمعيات على الارض، فعددٌ كبير منها يعمل وينسّق مع بلديّات عدّة، ومن هذه الجمعيّات نذكر Lebanon Of Tomorrow التي تحضّر لمعرض سوق الميلاد الذي سيقام في ساحة ساسين في الاشرفية من 4 كانون الاوّل حتّى 7 كانون الثاني، ويهدف لدعم التجّار وبثّ أجواء التعاضد بين أبناء المدنية.
قد لا تكون الاعياد في الـ2020 كالسنوات الماضية، وقد لا تكون الزينة في الشوارع مبهرة وغنيّة، وقد لا يحصل العديد من الاطفال على هدايا، إلا أنّ الدرس الذي لقنتنا إياه الازمات هذا العام، هو أنّ العيد الحقيقي هو عائلة مكتملة ومجتعمة من دون كمامات وتباعد… وأجمل الاضواء تلك التي تشعّ في الابتسامات والقلوب!