لبنان

قراءة في المشهد السياسي: الحكومة أسيرة المحاصصة.. وتجاهل سني لباسيل!

كتب غسان ريفي في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “قراءة في المشهد السياسي: الحكومة أسيرة المحاصصة.. وتجاهل سني لباسيل!”: “في الوقت الذي يجول فيه الموفد الفرنسي باتريك دوريل على القيادات السياسية في لبنان بهدف إعادة الروح الى مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، يُمعن بعض المعنيين بتشكيل الحكومة في تقديم آداء سياسي مناقض تماما للجهود الفرنسية المبذولة، من خلال التمسك بالمحاصصة وتناتش الحقائب الوزارية.

اللافت أن زيارة دوريل تأتي في وقت تتأرجح فيه عملية التأليف بين “هبّة باردة وهبّة سخنة” وبين تفاؤل بقرب الولادة وتشاؤم بتعثرها، وبين المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية والمداورة الجزئية، وبين 18 وزيرا من دون ثلث معطل و20 و24 وزيرا مع ثلث معطل، ما يجعل مهمة الموفد الفرنسي أشبه بالمستحيلة إذا ما إستمرت التناقضات السياسية التي قد تدفع الفرنسيين الى الخروج من لبنان بأقل الخسائر الممكنة قبل أن تصبح مبادرتهم في خبر كان.

وفي الوقت الذي تكثر فيه التكهنات حول ما يمكن أن يحققه الموفد الفرنسي من ثغرات في الجدار الحكومي، تسأل أوساط متابعة ما إذا كان دوريل يحمل في جعبته إغراءات أو وعود لرئيس الجمهورية ميشال عون بما يخص العقوبات الأميركية التي فرضت على باسيل إنطلاقا من العلاقة الجيدة التي تربط الرئيس ماكرون بالرئيس المنتخب جو بايدن؟، علما وبحسب هذه الأوساط أنه إذا تم الافراج عن الحكومة قبل الأعياد، فإن الرئيس ماكرون سيزور لبنان بين عيديّ الميلاد ورأس السنة لتهنئة الكتيبة الفرنسية العاملة ضمن قوات اليونيفل، ويجول على القيادات اللبنانية للبحث في التقديمات المالية التي ستنتج عن مؤتمر دعم لبنان، أما في حال إستمرار التعطيل، فإن الزيارة ستقتصر فقط على الكتيبة الفرنسية.

وبانتظار ما ستسفر عنه زيارة دوريل من نتائج يأمل اللبنانيون الرازحون تحت عبء الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصحية أن تكون إيجابية، يبدو أن حال المراوحة في مسار تشكيل الحكومة مستمر، من دون أن يكون مرتبطا بالعقوبات الأميركية على جبران باسيل الذي أعلن تحرره، ما يؤهله للعودة بقوة الى طاولة المشاورات وفرض الشروط التي بدأت ترخي بثقلها على عملية التأليف.

في حين أن الرئيس سعد الحريري بات في وضع لا يُحسد عليه، وهو لم يعد في موقع يؤهله الاستفادة من هذه العقوبات لفرض شروطه على باسيل، لأن أي محاولة من هذا النوع سوف تصطدم بأكثر من جدار سياسي ورئاسي ليحول دون ولادة الحكومة، الأمر الذي قد يُبقي الحريري رئيسا مكلفا الى ما شاء الله، ويسمح بإعادة تفعيل وتنشيط حكومة حسان دياب.

ترى أوساط متابعة أن الأجواء السياسية غير مؤاتية حتى الآن للتوافق على شكل ومضمون الحكومة، فالرئيس عون لن يتخلى بسهولة عن مطالب صهره جبران باسيل، والحريري لم يعد قادرا على تقديم مزيد من التنازلات وهو تراجع مؤخرا عن التخلي عن وزارة الداخلية بعدما شعر بحجم الغضب الشعبي السني عليه، أما باسيل المعاقب أميركيا فهو يطلق سهامه في كل إتجاه، وهو لم يتوان في مؤتمره الصحافي عن إستهداف قيادات الطائفة السنية من دون تسمية أحد، ما دفع هذه القيادات الى تجاهله وعدم الرد عليه حرصا منها على إبقاء اللعب السياسي في ملعب إتاحة الفرص وتغليب الأجواء الايجابية على ما عداها.

هذه الايجابية التي لطالما تميزت بها القيادات السنية، لا تمنع تحفظها على ما تشهده عملية تأليف الحكومة من تعطيل بفعل الشروط والشروط المضادة، وقد جاء موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي أطلقه من طرابلس أمس ليضع “الاصبع على الجرح”، حيث أكد أنه “معيب أن يستمر الحديث عن حصص وحقائب ومحميات”، داعيا الى “عدم إضاعة الفرصة الوحيدة المتاحة للبنان حاليا وهي المبادرة الفرنسية”.

واللافت في موقف ميقاتي قوله: “لقد عبرنا للرئيس المكلف بأننا غير معنيين بالمحاصصة وندعم جهوده في إختيار الفريق الوزاري المناسب وعدم التأخير في عملية التشكيل”.

وتقرأ مصادر سياسية ما بين سطور موقف ميقاتي، أنه يدعم ولادة الحكومة برئاسة الحريري، على الرغم من إستيائه من المحاصصة والذي قد يدفعه الى عدم المشاركة في الحكومة، الأمر الذي سيُفقد الحريري الجناح السني الثاني الذي تحلق فيه الطائفة السنية”.

مقالات ذات صلة