التوتّر في “عين الحلوة”… يُنهيه “تعهُّد”؟
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تحبس القوى السياسية الفلسطينية ومعها اللبنانية أنفاسها ترقّباً لموقف «عصبة الأنصار الإسلامية» من الموافقة على «تعهّد» بتسليم أحد عناصرها خالد علاء الدين، المتّهم بقتل العنصر في حركة «فتح» محمود زبيدات، بعدما بلغ التوتّر ذروته تزامناً مع استنفار عسكري «فتحاوي» غير مسبوق، ترجم باستقدام عناصر من بعض المخيّمات جنوباً وبنصب دشم وشوادر حاجبة للرؤية بين منطقتي الطيرة و»البركسات» في الشارع الفوقاني حيث وقع الاشتباك منذ الأربعاء الماضي.
حبس الأنفاس جاء خلاصة اجتماع مطوّل عقد في مقرّ «الجبهة الديمقراطية» في المخيّم، أكّدت أوساط فلسطينية لـ»نداء الوطن» أنّه إيجابي، إذ شارك فيه للمرّة الأولى ممثّلون عن حركة «فتح» (أمين سرّ الحركة في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة) وعن «عصبة الأنصار الإسلامية» (الشيخ أبو طارق السعدي والشيخ أبو شريف عقل)، وعن عائلة علاء الدين جمال (والد خالد) وشقيقه ناصر، وقائد القوة المشتركة العقيد عبد الهادي الأسدي، إضافة إلى ممثلين عن القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية.
والاجتماع الذي كسر حاجر الوساطة بين الأطراف المعنية مباشرة («فتح»، «العصبة» وعائلة علاء الدين) ودعا إلى التلاقي ومناقشة تفاصيل ما جرى بروح من المسؤولية والجدّية حقناً للدماء وقطعاً للطريق على أي فتنة بعدما أخذت الحادثة أبعاداً خطيرة لا تمتّ إلى الواقع بصلة، خلص إلى اتفاق على ضرورة تسليم مطلق النار وعلى الأقلّ تعهّد «العصبة» بتسليمه، بعد الإجماع الفلسطيني على تحميلها المسؤولية.
وأبلغ أحد المشاركين «نداء الوطن» أنّ «العصبة» طلبت مهلة غير محدّدة (ضمناً ما بين 24 و48 ساعة) لإعطاء جواب، لمعالجة الإختلاف الداخلي، حيث تتباين المواقف بين من وافق على تسليم مطلق النار بعدما تبرّأ من العمل الذي قام به، وبين من يرفض ذلك ويحاول تأمين الحماية له، في وقت يصرّ فيه ذوو زبيدات على تسليمه كمفتاح للحلّ وعودة الأمور إلى نصابها والحياة إلى طبيعتها.
بالمقابل، بادرت حركة «فتح» إلى خطوة إيجابية برفع بعض الدشم والسواتر الحاجبة للرؤية في منطقة الطيرة المحاذية للصفصاف، بعد يوم من التوتّر تراوح بين إطلاق نار متقطّع بين الحين والآخر لمنع فتح المحال التجارية أو عودة الحركة الى الشارع الرئيسي أو حركة الإطارات المطاطية، وإلقاء قنبلة انفجرت عند مفرق بستان «القدس» بالقرب من سنترال البرّاق من دون وقوع إصابات.
وفيما اعتبرت أوساط الحركة أنّ التعزيزات التي استقدمت ليست فقط للاستعراض والضغط وتوجيه الرسائل، جدّد السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور خلال حفل استقبال «الجبهة الديمقراطية» في ذكرى انطلاقتها في مقرّ السفارة في بيروت حرصه على أمن واستقرار المخيّمات، قائلاً في الوقت نفسه: «البعض اختار مصالحه الشخصية… وما زالت الفرصة أمامنا للمعالجة، فلا تفوّتوها».
والمساعي الحميدة لسحب فتيل التفجير على قاعدة تسليم مطلق النار، في ظلّ تصعيد العدوان الإسرائيلي في فلسطين وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية اللبنانية، استكملت باجتماع عقد في مقرّ «التنظيم الشعبي الناصري» في صيدا بدعوة من أمينه العام النائب أسامة سعد ومشاركة ممثّلين عن القوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية. وركّز الاجتماع على أربع نقاط، الأولى: ضرورة العمل على تسليم مطلق النار الى القضاء اللبناني، وإفساح المجال للمبادرات الجارية للتوصّل إلى ذلك في أسرع وقت، الثانية: التزام الأطراف المتمثّلة في هيئة العمل الفلسطيني المشترك بما اتّفقت عليه لجهة التسليم واعتماد لغة الحوار والقانون وعدم الاحتكام للسلاح، الثالثة: تقدير دقّة الظروف السياسية والأمنية في فلسطين والتي تتطلّب الوحدة ومزيداً من الدعم، والرابعة: ضرورة مراعاة صعوبة الأوضاع السياسية اللبنانية والأزمات المعيشية والاقتصادية الخانقة لحفظ أمن المخيّم والجوار اللبناني.
وقال سعد: «الأزمة موجودة وهناك حاجة لجهد مشترك ومخلص للخروج منها منعاً للوصول إلى مزيد من التوتّرات، وهذا يرتّب علينا مسؤوليات، نحن نعتبر أنّ حالنا واحد وأمن المدينة من أمن المخيم، وأمن المخيّم من أمن المدينة، والأمن الوطني اللبناني وأمن الشعب الفلسطيني واحد، نحن لا نستثني أي قضية من القضايا من حساباتنا لأنّ أمننا ونضالنا وحياتنا مشتركة. إنّ القضية الطارئة في المخيّم تحتاج إلى علاج، ونحن جاهزون للمساعدة».
وليلاً أصدرت «عصبة الأنصار» الإسلامية بياناً أدانت فيه الجريمة وتعهّدت «العمل وبكل جدّية، وضمن هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبالتعاون مع الحريصين من أشقائنا في لبنان، على تسليم مرتكبي الجريمة إلى السلطات اللبنانية الرسمية، ليقول القضاء كلمته بحقهم». وأكدت «الحرص على إزالة كل مظاهر التوتير في المخيّم، وندعو الجميع إلى الالتزام بذلك، بما يحقّق عودة الهدوء والأمن إلى المخيّم».