عربيد: ليستفق السياسيون ويُسرعوا في إنتخاب رئيس
عقد في مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في وسط بيروت، إستكمالاً للقاءات العمل التي ينظمها المجلس حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي والنقدي، بدعوة من رئيسه شارل عربيد، لقاء تشاركي مع رئيس مجموعة طلال أبو غزالة العالمية طلال أبو غزالة، تمحور حول الأزمة الاقتصادية في لبنان والمنطقة، أسبابها وطرق الحل.
حضر اللّقاء الى عربيد وأبو غزالة نائب رئيس المجلس سعد الدين حميدي صقر، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر وأعضاء المجلس.
بداية، تحدّث عربيد الذي استهل كلمته بالترحيب بأبو غزالة في “هذا اللقاء للاستماع الى مقاربته حول الواقع اللبناني، سيما وأن له باعا كبيرة في ما يقدمه للبنان والمنطقة من خلال المجموعة التي يترأسها ومن خلال كل الاعمال والمقاربات الايجابية التي يقوم بها”.
واذ أشار عربيد الى “أن المجلس الاقتصادي، هو مساحة للحوار والنقاش ومكان كي نفكر في الحلول ولابداء الرأي الى من يجب أن يسمع، أسف لأن “الوضع في لبنان يتدهور ويتراجع يوميا وأصبح هناك نوع من القناعة بأن من يدير هذا البلد لا يتخذ القرارات اللازمة مع أننا نستطيع أن نوقف هذا التدهور”.
وأضاف: “هذا الواقع لن يستمر ويجب أن تتخذ قرارات سريعة، لأن واقع الاجور والاستشفاء والهجرة والفقر والتعليم لم يعد يحتمل. فهل يجوز أن نبقى في انتظار الحل الاقليمي أو أي تسوية، وكأننا كلبنانيين عاجزون كليا عن ايجاد الحلول”.
وأكد أنه “لا يجوز أن تستمر القوى السياسية في لبنان في العجز عن ايجاد الحل وترك الامور على ما هي عليه، سيما موضوع الودائع والمصارف”.
ورأى “أن الامور في لبنان لا تحل عن طريق الثورات، بل يجب علينا كلبنانيين أن نتشاور ونتباحث حول كيفية التعايش مع بعضنا البعض”، مؤكداً “أن هذا البلد قابل للحياة لكن نحن في حاجة الى التواضع وروح المسؤولية والوطنية”، معتبراً “أن الكثير من القيمين على الحياة السياسية يفتقدون لهذه الامور، ولا يوجد سبب كي يبقى الوضع على حاله وتبقى والناس متروكة في هذا الشكل”.
ورأى “أن مستويات الفقر التي وصل اليها اللبنانيون، أصبح من الصعب معالجتها وتستلزم وقتا طويلا”، متخوفاً أنه في حال “استمررنا على هذا الحال، فنحن ذاهبون نحو الخراب أكثر وأكثر وعندها لا نسأل انفسنا لماذا خسرنا هذا البلد الجميل؟ فنحن خسرناه بايدينا”.
وختم عربيد متوجهاً الى أبو غزالة: “نحن نعوّل على أصدقاء لبنان، وأنت من اصدقائه الكبار. وحان الوقت لأن يستفيق السياسيون ونباشر في اطلاق ورشة سريعة تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية والذهاب نحو تفكير وطني برسم خارطة طريق تعيدنا الى السكة”.
بدوره أبو غزالة قال: “أنا معجب جدا بالشعب اللبناني من خلال أمر واحد الا وهو القدرة على الصبر وتحمل ما لا يحتمل وهذا امر عظيم ويعني انه لدينا شعب يمتلك قدرة تحمل غير موجودة عند شعوب الدنيا كلها. فمثلا فرنسا لديها تخبط بالنسبة الى رفع سن التقاعد لمدة سنتين وهو موضوع صغير بالنسبة لنا. ونحن اليوم لدينا سعر الدولار 82 الف ليرة والشعب صامت وبالفعل هو شعب جبار. وكان أبو عمار يقول عن الفلسطينيين “شعب جبار” ولكن الشعب الجبار هو اللبناني لانه أولاً وانا اتشرف ان اكون مع العمال والذين يعملون لكسب رزقهم وانا واحد منهم. والقيادات غير العاملة او القيادات الفكرية والرأسمالية والاقتصادية لم تقم بدور وانتم تركتم للشارع أن يعبر عن مطالبه وهو غير قادر على التغيير بل انتم لكم القدرة على التغيير”.
وتابع: “لقد صنع لهذا الشعب نظرية الخراب وانا لدي رأي في هذا الشأن وهو انه ليست مسؤولية الشعب، بل هو مسؤولية من صاغ نظام هذا البلد. والذي صاغ النظام ليس الشعب اللبناني وهذا صيغ منذ أيام “سايكس بيكو” وفصل عليكم. ومن الحرام أن نبقى نجلد أنفسنا ونقول نحن مجرمون بل نحن ضحايا وطبعا يوجد بيننا المجرمون ولكن أغلبيتنا ضحايا”.
وأضاف: “وفي الامم المتحدة وفي أحد مناصبي كنت أرأس جمعية. وكان الموضوع عن الرشوة في الدول النامية. وهذه الدول تعيش على الرشوة وعلى الفساد. وكان يتحدث احد كبار المعنيين من الدول الكبرى الذي أشار الى ان العمل صعب في منطقتنا لاننا لا نقوم باي عمل من دون ان ناخذ عمولة، وفي الدولة نفسها يأخذ كذلك السياسيون عمولتهم. وسألت حينها المسؤول: ممن يطلب هؤلاء عمولتهم؟. فأجاب: من الشركات الغربية التي تود العمل في المنطقة. فقلت له: وهنا من هو الفاسد في هذه الحالة؟. فالذي اخذ العمولة فاسد مرة واحدة لانه فاسد لكن الغربي الذي اعطاه العمولة فاسد مرتين لانه هو الذي دفع رشوة ولانه هو أفسد شخصا ثانيا. فاذا اردتم التحدث عن الفساد فانتم أصله. ولو انتم لم ترشوا فلم يكن هناك شخص مرتش. وعليك أن تمنع الراشي ان يرشي وليس فقط ان تمنع المرتشي ان يرتشي. ولم يجيبوا عندها. وفي المناسبة انا صغت ميثاق الامم المتحدة الذي اسمه UN The United Nations Global Compact مع كوفي انان ودرسناه سوية ومن بعده مع وبانكي مون. وقد وضع الـThe United Nations Global Compact عشرة معايير للاخلاق لرجال الاعمال. ومقاومة الفساد واحدة منهم”.
وأضاف: “إن الراشي هو مجرم أكثر من المرتشي ولا يجب فقط ان نحاسب المرتشين بل علينا ان نمنع الرشوة ونحاسب المرتشي. وانا غير مستعد ان ادفع رشوة لو خربت الدنيا وذلك في اي موضوع حتى على حساب حياتي وروحي”.
وأردف: “أود أن اختصر نقطتين أساسيتين اولا بالنسبة للمستقبل لا تنتظروا مستقبلا لان المستقبل لا يأتي اليك. المستقبل يصنع. ومشكلتنا في لبنان اننا ننتظر ان تحل الامور. ولكن الامور لن تتحسن. الوضع من سيء الى أسوأ كما قلت في الماضي وفي كل المناسبات ما دام توجهنا ليس لعمل اي شيء بل انتظار ان يحصل شيء. وقد قال أحد المفكرين انه من احسن الطرق لتنبؤ المستقبل هو ان تصنعه. وثانيا: نحن في هذا الوضع ننتظر من السياسيين ولكن التغيير ليس من الضرورة ان يأتي من السياسيين. فالذي صنع المشكلة ليس من الممكن ان يحلها.
ولهذا، فاننا نحتاج الى أمر جديد كليا، غير ان ننزل الى الشارع ونقول “كلن يعني كلن”، فهذه اهانة لشعب كامل ان تقول دائما كلن”.
وتابع: “نحن هنا في مكان فكري وبحثي. وبالامس كنت عند رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لموضوع واحد فانا لا اتحدث سياسة بل اتحدث في امور يمكنني ان اغير فيها. وتحدثت في موضوع التعليم. إن انهيار التعليم في لبنان هو نهاية للبنان، وهذا البلد لا يملك قوة الا انه منارة العلم والثقافة ونحن لا نملك الا علمنا وكفاءاتنا وعظمة شعبنا. وقدمت للرئيس ميقاتي كما سأقدم لوزير التربية نظاما تعليميا موازيا، اذ لا يجوز ان نقول ان التعليم انهار ولا يوجد اساتذة اذ ليس لديهم رواتب كافية وليس لديهم بنزين للوصول الى المدرسة وليس لدينا ورق للطباعة”.
وسأل أبو غزالة: “هل دوري ان اقول ليس لدينا؟ وهكذا أكون أديت واجبي الوطني؟ ولكن هذا لا يجوز وهذا حرام. وهنا يجب ايجاد الحل. وانا قدمت حلا متكاملا وسلمته للرئيس ميقاتي وهو نظام تعليمي متواز هو التعليم الرقمي والذي هو المستقبل في كل الاحوال. وانا اود ان أخرج طالبا رقميا يعمل في عصر المعرفة ويتعلم المهارات المطلوبة. وآمل ان اؤدي واجبي في هذا الاطار في ان نقيم نظاما تعليما رقميا موازيا ولا اقول بانني ساحل مكان الجامعات والمعاهد والمدارس ولكن اتكلم عن نظام التعلبم للمستقبل”.
وأضاف: “بالنسبة للاقتصاد يجب أن نوجد نظاما اقتصاديا لا علاقة له بالفساد ولا بالسياسة ولا بالطائفية ولا بغيره وهو الاقتصاد الرقمي فانت لا يمكنك العمل في هذا البلد ولا في اي بلد اذا لم تتحول الى التجارة الرقمية والى التحول الرقمي. وطبعاً سنواجه المشاكل اكان لناحية الانترنت، وانا مستعد ان انشئ “انترنت خاص” للتعليم المجاني اذا اعطتني الدولة ترخيصا لذلك. وقد قدمت لذلك طلبا رسميا. وسأؤمن خطا دوليا للانترنت يشمل كل المناطق اللبنانية وكل مراكز المعرفة وقد أسسنا لغاية الان عشرة مراكز وان شاء الله تصبح مئة مركز. ويأتي الطالب الى هذه المراكز وهي مجهزة بكل المتطلبات من انترنت وبرامج التعليم العالمية كلها وغيرها وكل ذلك مجانا من دون مقابل. وانا لا ارغب باي ربح مادي في ذلك وهذا ضروري للعمل. وفي قطاع الاقتصاد يمكن ان نعمل بنفس الطريقة”.
وأردف: “وفي العودة الى التعليم قدمت مشروعا كاملا قائم على ثلاث أساسيات:
أولاً: برامج التعليم العالمية كلها مع الحصول على شهادة عالمية.
ثانياً: انترنت مجاني.
ثالثاً: أدوات وأجهزة مثل “تابليت” فقط للدراسة وهي عبارة عن كتاب الكتروني فقط تعمل “اونلاين”، وتتضمن برامج تعليمية بحتة وتستعمل في اكثر من سنة دراسية وهي في حاجة الى تغيير البرامج التعلمية فقط”.
في موضوع الودائع، قال أبو غزالة: “بوجود قضاء مجمد لا يوجد أمل ان يحقق اي تقدم في لبنان في موضوع المودعين”، معتبراً ان “ما حصل في حق المودعين هو جريمة ضد الانسانية والقضية التي اتولاها هي قضية دفاع في جريمة ضد الانسانية لانه ضرب مئات الالاف دون اختيار. والتوجه الرئيسي، هو ان نتقدم الى حقوق الانسان”.
وختم متوجهاً الى اللبنانيين: “لا تحلموا بالنفط والغاز في لبنان ولا تحلموا، انكم ستصبحون دولة نفطية، لان العدو الاسرائيلي لا يمكن أن يسمح للبنان، ان يصبح بلدا نفطيا”.