لبنان

وقفت على البصل؟!

كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”: 

فشل، حتى الساعة، رئيس مجلس النواب نبيه بري في تأمين النصاب لعقد جلسة تشريعية. والأسباب تتراوح بين رفض فريق من النواب لتجاوز الدستور، الذي يقضي بتحول المجلس إلى هيئة ناخبة، وظيفته الوحيدة انتخاب رئيس للبلاد، وبين المزايدات النابعة من حق المسيحيين بهذا الرئيس، قبل التشريع.. وإلا المقاطعة وصولا إلى الفيدرالية.. وبين الابتزاز لأن في طيات أعمال الجلسة تمديد لقادة أمنيين وموظفين في مناصب عليا، بما يتيح لذوي الجوع العتيق المقايضة لمزيد من التحاصص في عز هذه الحشرة.

المشهد طبيعي ومنتظر في البانوراما السياسية لأهل المنظومة، التي كان سعيها، ومنذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي تحل ذكراه الثامنة عشر، واضح الهدف، وهو تغيير الأولويات، واستبدال الوصاية بالاحتلال..

لذا، وبالتزامن مع العهر الدستوري المتواصل، جن جنون الدولار الصاعد كالصاروخ إلى أرقام قياسية كارثية، مع تلويح المصارف بالإقفال التام، بما يعني أن لا رواتب آخر الشهر، ولا معاملات لتأمين استيراد الضرورات..

وهات على انتعاش لأسواق سوداء، أسفرت عن دخول البصل إلى البورصة، لأن تجارا يتمتعون بفائض من النزاهة لمَّوا الكميات الموجودة في السوق وصدَّروها إلى حيث يقبضون ثمنها بالدولار الطازج.. بعد تقصير الهند والباكستان عن تغذية الأسواق بهذه السلعة.

وقبل أزمة البصل وبعدها، يزدهر الانهيار غير المسبوق في دولة تتهاوى مرافقها من دون سيادة، ومن دون رجال دولة.

ولعل هذا الواقع هو ما دفع سفراء الاجتماع الخماسي الباريسي إلى التحذير من أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيرتّب إعادة النظر في مجمل العلاقات مع لبنان. وكأن هذه الدول، وعلى رأسها فرنسا، تحاول إفهام من تلتقيهم، بأنها منحتهم أكثر من فترة سماح، ومكنتهم من الالتفاف على انتفاضة الشعب، ومددت حتى تاريخه بقاءهم في السلطة، وتحديدا بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت، إلا أنهم لم يستوعبوا ولم يتلقفوا الفرصة، لذا لا بد من اللجوء إلى التهديد بغسل الأيدي من مجرد التعامل معهم ونبذهم، لعلهم يفقهون.

ولعل أصحاب الوجوه السوداء والنفوس الأكثر اسودادا يتمنون لو أن الزلزال وقع عندنا ليحظو باهتمام دولي، وليس بتأنيب دولي، حينها لربما كانت دبلوماسية الكوارث تعيد لهم “برستيجهم”، وتجنبهم هذه البهدلة الآتية من خلف البحار..

فمن حظي بهذا الاهتمام على الرغم من فظاعة جرائم نظامه ليس أحسن منهم. بالتالي كان من الأفضل لهم لو أن الطبيعة جادت عليهم ببعض زلازلها وهزاتها وأعاصيرها التي لا توازي بفظاعتها فطائع مصالحهم القذرة.

وفي حين يبدو أن الحظ لا يضعهم في مرماه هذه الفترة، وأن عليهم أن يطأطئوا رؤوسهم أمام الأجانب المستنفرين لحثهم على إداء واجبهم الدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة من دون تكرار مشاهد قرف الحقبة الماضية، لا يلوح في الأفق ما يبشر بالفرج على أسس واعدة..

وجل ما يمكن انتظاره، إذا ما تجاوب أهل المنظومة والحاكم بأمرهم مع مطالب سفراء دول الاجتماع الخماسي، هو صفقة يسمح بها رأس المحور، ويستفيد منها، لأنه الطرف الوحيد الممكن التفاوض معه، في غياب أي حيثية لأصحاب الوجوه السوداء العاجزين عن الحلِّ والربط.

ولنا في ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي الغاشم عبرة..

فتاريخنا غني بالسوابق منذ الطائف الذي انحسر تطبيقه لمصلحة الوصاية السورية، وبمباركة دولية..

والظاهر أننا لا نزال في الدائرة ذاتها وان تغيرت هوية الوصاية وتحولت احتلالا.. وصارت كل الصفقات بشأن لبنان أسيرة سوق سوداء سياسية، ولن تقتصر أضرارها على السلع الأساسية أو حتى الكماليات..

شو وقفت على البصل؟؟!!

Related Articles