“دبلوماسيّة المُصيبة”.. ومُشكلة لبنان البنيويّة
كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
بقساوة مشاهدها، وبالمآسي التي تُخرجها من تحت الأنقاض الى جانب ما تبقّى من ناجين، تستمرّ عمليات الإنقاذ في تركيا وسوريا جنباً الى جنب دبلوماسيات الظروف الصّعبة التي تمارسها مختلف الدول تجاه منطقتنا منذ نحو أسبوع، من مُنطلقات إنسانيّة.
دبلوماسيّة المصيبة
فتركيا تحظى بدعم من جانب دول “الناتو”، رغم توتُّر علاقاتها مع الحلف منذ سنوات بسبب روسيا، وصواريخ “إس – 400” الروسيّة، وتأخيرها دخول فنلندا والسويد إليه منذ العام الفائت. كما أنه رغم التوتّر المزمن في العلاقات اليونانيّة – التركية، إلا أن دبلوماسية المصيبة والمساعدات خفّفت حدّة اللّهجة بين أثينا وأنقرة.
ورغم أنها لن تصل الى حدّ تغيير الأوضاع الجيوسياسية، في وقت قريب على الأقلّ، إلا أن دبلوماسيّة الزلازل تبدو مُفيدة لمصالح جميع الدول، حتى تلك المُنهارة عملياً كسوريا، التي تحاول الاستثمار في الكارثة لفكّ الحصار عنها بشكل كامل، وبما يوافق شروط النّظام السوري وراعيه الروسي.
زلزال
ولكن ماذا عن لبنان في ما لو اهتزّ في أي زلزال، لا سمح الله؟
تُعلّمنا التجارب أن بلدنا لا يستفيد، لا من دبلوماسيّة الكوارث، ولا من ضرورات المصائب، سواء كانت طبيعية أو من صُنع البشر. لا بل على عكس ذلك، إذ تُمعِن الكوارث في زيادة انهيارنا المعيشي والحياتي، كما السياسي والاقتصادي.
وبالتالي، ماذا لو “اهتزّ” البلد بكارثة طبيعية في أي وقت؟ في تلك الحالة، لن نخرج عن قاعدة المساعدات الدولية الإنسانيّة، وتكثيف بعض برامج المساعدات الخارجية “اللّحظوية” التي لن نعرف من يستفيد منها؟ وكيف؟ ومتى؟ والى متى؟ وذلك بموازاة زيادة التقهقُر المالي والاقتصادي والمعيشي، وانحدار أضعف الشرائح اللبنانية في هاوية الانهيار.
تسوية دولية؟
أكد مصدر واسع الاطلاع أن “الوضع في لبنان سيستمرّ على تلك الحالة مهما حصل، بانتظار سقوط النظام الإيراني في طهران، أو حصول تسوية دوليّة مع إيران تدفعها الى تبديل دورها على صعيد المنطقة. وإذا فشلت كل تلك الاحتمالات، فإن لا حلول لبنانية مُمكِنَة من دون تغيير التركيبة اللبنانية، بشكل يمنح الرأي العام اللبناني القدرة على تظهير تركيبة جديدة تمنع تأثير إيران على لبنان”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم”، الى “وجود فئة لبنانية أولويتها غير لبنانية، وهي تمنع قيام دولة لأنها تستفيد من ذلك لتمويل أنشطتها ونفسها، وهو ما يترك لبنان بحال الفشل”.
قطع الجسر
ورأى المصدر أن “هذه هي مشكلة لبنان البنيوية، فيما لا يمكنه أن يستفيد من أي مساعدة خارجيّة إذا استمرّت أوضاعه على تلك الحالة”.
وأضاف: “صحيحٌ أن مسؤولية المواجهة لبنانية، ولكن اللبنانيين ليسوا قادرين على مواجهة دولة إقليمية مثل إيران. وأقصى ما هم قادرون عليه، هو تنظيم مواجهتهم مع الفريق المسلَّح التابع لإيران في لبنان بطريقة سياسية. ولكن عندما يتكفّل المجتمع الدولي بقطع الجسر بين طهران وفريقها في الداخل اللبناني، عندها ستُفتَح الطريق لميزان قوى يحقّق النّقاط اللازمة في وجه فريق “المُمانَعَة”.
وختم: “بكارثة طبيعية، أو بأخرى غير طبيعية، لا إمكانيّة لتحقيق أي خرق في ظلّ دولة يسيطر عليها محور “المُمانَعَة”. وأبرز مثال على هذا الواقع هو سوريا، حيث اللادولة، والجيوش الأجنبيّة المتعدّدة التي تنشط على أراضيها، والتي لا مجال لحصولها (سوريا) سوى على مساعدات إنسانيّة عند الحاجة، مهما تدهورت أوضاع شعبها. فالدول المحجوزة لدى محور “المُمانَعَة” لا تتبدّل الوقائع فيها، إلا إذا انتهت سيطرة هذا المحور عليها”.