لبنان

“المُسَكّن” للهروب من “وجع الضرس وحكيمو”

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

«على المُسكّن»، يعيش البعض في هذه الأيام، بعدما باتت زيارة طبيب الأسنان، تحتاج إلى ميزانية مرتفعة، أو بالأحرى، بات العلاج لفئة محددة من اللبنانيين. أما الفقراء في النبطية فلا حول لهم إلا «البنادول».

منذ أيام، يعاني أبن جمال من آلام في أسنانه، لم تجد غير «البروفينال» للحد منه. لجمال ولدان، ولكن معالجة التهاب الأسنان، باتت خارج القدرة، ولذا تعتمد على البنادول لتخفيف الوجع، فالأولوية برأيها اليوم هي للصحة والأمور الحياتية.

«يؤلمني أن أرى ابني يتألم ولا قدرة لي عن حجز موعد له عند طبيب الأسنان» تشير جمال، وتقول «ما باليد حيلة»، «بالكاد نتمكن من شراء دواء من الصيدلية، وفي أحيانٍ كثيرة، نعتمد على البدائل».

«نسينا شكل عيادة الأسنان»، «لم نزرها منذ زمن طويل»، عبارات تسمعها كثيراً هذه الأيام، بعدما باتت زيارة الطبيب لمنْ استطاع اليها سبيلاً، وعليه، عاد الناس إلى طب الأعشاب وإلى بعض الأدوية الرخيصة للحد من الألم.

في خضم رفع الدعم عن كل شيء، يصبح واقعاً، أن يئن المواطن من وجع أسنانه، ولا يقوى على معالجتها، وبات الأمر أكثر من عادي، فعلاج «السوسة» يكلّف 50 دولاراً، فيما راتب موظف القطاع العام لا بتجاوز الـ50 دولار، ما دفع كثراً للاستسلام للوجع، لتصبح زيارة عيادة طبيب الأسنان، غير واردة في حساباتهم.

وهو ما تؤكد عليه آسيا، معلمة اللغة عربية. تعاني منذ أيام من آلام في أسنانها، «لجأت إلى المُسكنات، لأنني عاجزة عن مداواته عند الطبيب». لآسيا مبرراتها التي تأتي في مقدمها الكلفة العالية للعلاج، وهي خارج قدرتنا. «قلع الضرس يكلّف مليوناً، فعلاً، أصبحنا عاجزين عن وصف الزمن الذي نمر فيه». لجأت إلى تناول شراب عشبة البابونج والخبيزة، للحد من إلتهاب عصب السن، إضافة إلى بعض المهدئات من الصيدلية، ذات الثمن الرخيص نسبياً. وفقها «لا قدرة لي على معالجة ضرسي، فتوفير الطعام والمازوت للتدفئة أهم، فالرشح والأنفلونزا، قد يطرقان بابنا بسبب البرد، حينها نداوي الرشح ونؤجل علاج الاسنان».

يقر أطباء الأسنان تراجع الإقبال على عياداتهم، ويعترف مسؤولو المراكز الصحية بانخفاض عدد رواد طبيب الأسنان، بعدما صارت زيارة الأخيرة تساوي زيارة الطبيب الاختصاصي في عيادته.

البعض قصد سوريا لعلاج أسنانه، حيث كلفة «التلبيس» توازي كلفة تلبيس سنٍ واحد في لبنان أي 200 دولار. فيما تبلغ كلفة «الرصة» 10 دولارات فقط، في حين تخطت الـ30 دولاراً في العيادة اللبنانية.

يتحدث الدكتور جمال عن تراجع قدرة المواطن، في ظل هذه الأزمة الراهنة. لافتاً إلى أن «التركيز اليوم هو على «القلع»، نتيجة إهمال الناس للمعالجة، والسبب بطبيعة الحال الفقر».

برأيه العلاج «بات للميسورين فقط. أما المعدومون ومن يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية، فباتوا عاجزين عنه»، جازماً بأنّ «قطاع الأسنان يعتمد الدولار وبالتالي إرتفعت كلفته، بطبيعة الحال».

يلجأ كثر اليوم إلى الطب العربي والأعشاب لمعالجة مشاكل الأسنان، فالطب البديل حلَّ اليوم مكان الدواء الباهظ الثمن. الأزمة الحالية وفقدان العملة قيمتها، أعادا لعشبه الخبيزة مجدها، فهي توقف الإلتهاب وفق تأكيد العطار خلف مؤكداً إرتفاع الطلب على الأعشاب المهدئة للوجع، في تأكيد على أن طب الأعشاب عاد ليزدهر.

Related Articles