منوعات

عندما نبكي… لماذا ننظر الى المرآة؟

لماذا ننظر إلى المرآة عندما نبكي أو بعد البكاء؟ طرح هذا السؤال بصيغ متكررة عبر موقعي الأسئلة “كورا” (Quora) و”ريديت” (Reddit)، وتنوعت إجابات المستخدمين من وحي تجاربهم الخاصة، بين من يحصل على الدعم العاطفي من فكرة وجود شخص أمامه يتعاطف مع حزنه عندما يحزن وحيدا أو بالأحرى دعم نفسه الحزينة أمامه في المرآة، وبين من تحدثوا عن تشتيت الانتباه عن البكاء بالتأمل في الملامح بالنظر في المرآة.

وأشار غيرهم إلى الرغبة والفضول تجاه رؤية أشكالهم في خضم حزنهم، فيما لفت مستخدمون إلى شعورهم بأنهم في فيلم ويشاهدون دموعهم تسقط ببطء على وجوههم الحزينة، وهو ما يجعلهم يسبحون في مشاعر أخرى.

وبعيدا عن هذه الآراء ماذا يقول العلم عن رؤية المشاعر من خلال انعكاس صورتنا في المرآة؟ إذ ركزت بعض الدراسات على نقطة قد تجيب عن هذا السؤال بإجابة أكثر علمية من الآراء سالفة الذكر، وهي مسألة الحصول على التعاطف الذاتي أو وعي المشاعر ذاتيا من خلال النظر إلى المرآة.

التعاطف الذاتي من خلال النظر إلى المرآة

“يمكن أن يساعد النظر إلى المرآة في تعزيز اللطف والتعاطف مع الذات، وإذا كنت تميل إلى تجنب المرايا فإنك على الأغلب تفقد رؤية شيء أعمق في نفسك”، هكذا قالت عالمة النفس وأستاذة التأمل والتحديق في المرايا تارا ويل لموقع “هيلث لاين” (Health Line)، فمن بين أنواع التأمل والتمارين الذهنية “التحديق في المرآة”، ويكون بالأساس عبر إجراء اتصال بالعين من انعكاس صورتك في المرآة بدلا من محاولة تركيز الانتباه إلى الداخل بإغلاق العينين.

ويعتبر النظر في المرآة ممارسة تأملية تساعد على إيجاد شعور بالاسترخاء وسط الضغوط اليومية، وذلك عبر الوعي باللحظة الحالية ومواجهة النفس ومعرفة المزيد من الأفكار والمشاعر الداخلية.

إنها طريقة تأملية مخول بها لتساعد في تعلم زيادة الوعي بالذات وتقديرها وتخفيف التوتر كون المرآة تعتبر نافذة على الروح، والنظر لها يوفر طريقا مباشرا إلى داخلك، وفق المصدر ذاته.

لذلك، يرى علماء النفس أن النظر في المرآة يمكن أن يساعدك على تبني منظور أكثر واقعية وتسامحا مع عيوب الإنسان وضعفه، سواء عند النظر إلى العيوب الخارجية في الشكل أو الداخلية في نفس الشخص.

هؤلاء يعتبرون النظر للمرآة بمثابة لجوء إلى صديق تثق به -وهو نفسك- عند الشعور بالضعف والوحدة، كما يعتبرون أن هذه الممارسة التأملية قد تساعد في أن يسامح الشخص أخطاءه، ووضع حد لانتقاد الذات المؤذي، وتقليل مشاعر عدم الاستحقاق، مما يسمح بحب وتقبل الذات بدرجة أكبر.

ويعتقد منظرو هذا النوع من التأمل أنه يساعد الأشخاص الذين اعتادوا على إخفاء المشاعر الصعبة التي يشعرون بها، لأنه عند النظر إلى المرآة لا يمكن إخفاء أو الاختباء من هذه المشاعر، بل تتحتم عليهم مواجهتها عبر مراقبة ملامح الوجه ولغة الجسد، وهو نوع من التواصل غير اللفظي المستخدم في العلاج النفسي.

كما تشير بعض مدارس “تأمل المرآة” (Mirror Meditation) المتخصصة في تشجيع هذا النوع من التأمل إلى أن الأشخاص الذين جربوا التحديق في المرآة لمدة 10 دقائق يوميا خففوا التوتر وزاد تعاطفهم الذاتي.

حسب دراسة منشورة في المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية التابع للمكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة “إن سي بي آي” (NCBI)، فإن مراقبة الأفعال والأحاسيس الملموسة تنشط المناطق الحركية والحسية الجسدية في دماغ المراقب، وهي ما تعرف بـ”المحاكاة المجسدة”، وإذا طبق ذلك على مراقبة البكاء أو الحزن في المرآة فإنه يساعد في فهم الدماغ المشاعر بدرجة أكبر عن طريق رؤيتها مجسدة أمامه.

الشعور بأننا أفضل بعد البكاء
عموما، وجدت دراسات عدة أن البكاء قد يكون له تأثير مباشر في تهدئة النفس، إذ ينشط البكاء الجهاز العصبي السمبثاوي “بي إن إس” (PNS)، مما يساعد الناس على الاسترخاء.

وذهبت دراسة نشرت في العام 2016 إلى أن البكاء سلوك يتعلق بـ”التعلق” و”حشد الدعم لنا”، وأنه يهدف إلى تحقيق “المنفعة الشخصية أو الاجتماعية”، كما أنه سلوك يهدف إلى حشد الدعم والتعاطف، فعندما يبكي الشخص بمفرده فإنه -حسب هذه الدراسة- لن يحظى بالدعم والتعاطف إلا من نفسه التي يراها أمامه في المرآة. “الجزيرة”

مقالات ذات صلة