لبنان

46 يوماً على نهاية عهد عون.. فراغ أم معجزة؟

كتب أحمد زين الدين في “اللواء”:

فيما لم يبقَ من ولاية الرئيس ميشال عون سوى 46 يوما، وبعد دخول البلاد في مدار المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية منذ 14 يوما، إلّا أن تجارب الانتخابات الرئاسية السابقة منذ بداية عهد الاستقلال عام 1943 تؤكد ان الوضع ما زال في حيّزه الزمني، ووفقا لمعظم وقائع الانتخابات الرئاسية، فان الشهر الأخير من ولاية رئيس الجمهورية كان يحمل مع بدايته أو مضافا إليه أياما قليلة جدا اسم الرئيس السلف. فالرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري انتخب من مجلس النواب المؤلف من 55 نائبا، اقترع منهم لصالحه 47 نائبا الثلاثاء في 21 أيلول 1943 وأقسم اليمين الدستورية وتسلّم سلطاته في 23 أيلول أي بعد يومين، علما ان هذه الانتخابات كانت قد جرت ولبنان ما زال يرزح تحت الانتداب الفرنسي.

أما انتخاب الرئيس الاستقلالي الثاني كميل شمعون، فقد تمّ انتخابه بعد يومين من استقالة خلفه في 21 أيلول 1952 في منتصف ولايته الثانية المجددة الذي شكّل حكومة برئاسة قائد الجيش آنئذ اللواء فؤاد شهاب التي أدارت البلاد حتى 23 أيلول، حيث انتخب كميل شمعون الذي أقسم اليمين الدستورية وتسلّم سلطاته في نفس الجلسة.
وانتخب الرئيس الاستقلالي الثالث اللواء فؤاد شهاب من مجلس النواب المؤلف من 66 نائبا الثلاثاء في 31 تموز 1958، حيث حضر الجلسة 56 نائبا انتخب 48 نائبا منهم الرئيس شهاب الذي أقسم اليمين الدستورية وتسلّم سلطاته الثلاثاء في 23 أيلول أي بعد 54 يوما وهو اليوم الأخير من ولاية شمعون.

أما الرئيس الاستقلالي الرابع شارل حلو فقد انتخب من مجلس النواب المؤلف من 99 نائبا بأكثرية 92 نائبا، الثلاثاء في 18 آب 1964 وأقسم اليمين وتسلّم سلطاته الدستورية الأربعاء في 23 أيلول، أي بعد 36 يوما. فيما انتخب خلفه الرئيس الاستقلالي الخامس سليمان فرنجية من مجلس نواب الـ99 نائبا الإثنين في 17 آب 1970 في الدورة الثانية بأكثرية 45 نائبا مقابل منافسه إلياس سركيس الذي نال 44 صوتا، وأقسم اليمين وتسلّم سلطاته الدستورية الأربعاء في 23 أيلول أي بعد 37 يوما.

أما الرئيس الاستقلالي السادس الرئيس إلياس سركيس، فقد انتخب بعد تعديل دستوري يسمح لمرة واحدة بانتخاب رئيس جديد قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس فرنجية، فكان انتخاب سركيس السبت في 8 أيار 1976 وأقسم اليمين في بارك اوتيل – شتورة الخميس في 23 أيلول أي بعد 137 يوما في اليوم الأخير من ولاية سلفه سليمان فرنجية.
وانتخب بشير الجميل الإثنين في 23 آب عام 1982 في المدرسة الحربية في الفياضية، لكنه اغتيل بعد 21 يوما أي في 14 أيلول، لينتخب شقيقه أمين الجميل الثلاثاء في 21 أيلول في المدرسة الحربية، وأقسم اليمين وتسلّم سلطاته الدستورية الخميس في 23 أيلول 1982 أي في اليوم الأخير من ولاية الرئيس سركيس.

ترك الرئيس أمين الجميل الحكم بلا انتخاب خلف له في 22 أيلول 1988 واستمر الفراغ الرئاسي حتى إنجاز اتفاق الطائف، حيث تم انتخاب الرئيس رينيه معوض في مطار القليعات الأحد في الخامس من تشرين الثاني 1989، وفي نفس الجلسة أقسم اليمين متسلّما سلطاته الدستورية لكنه اغتيل بعد 17 يوما، في عيد الاستقلال، لينتخب خلفه الرئيس إلياس الهراوي بعد يومين في بارك أوتيل شتورا وليقسم اليمين ويتسلّم سلطاته الدستورية في نفس الجلسة أي يوم الجمعة في 24 تشرين الثاني 1989، وقد مددت ولايته بموجب تعديل دستوري لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات، ليتم بعدها انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد إميل لحود الثلاثاء في 13 تشرين الأول 1998، بأكثرية ساحقة بلغت 118 نائبا حضروا الجلسة، من أصل 128 نائبا بعد تعديل دستوري لمرة واحدة يسمح له بالترشح للرئاسة، وهو أقسم اليمين وتسلّم سلطاته الدستورية في 24 تشرين الثاني، ومددت ولايته بتعديل دستوري لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات.

وفي 23 تشرين الثاني 2007 غادر الرئيس لحود القصر الجمهوري من دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد، ليعود لبنان الى سيرة الفراغ الرئاسي الذي انتهى الأحد في 25 أيار 2008 بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي انتهى عهده في 24 أيار 2014 بفراغ رئاسي استمر حتى 31 تشرين الأول 2016.

فهل سيرث اللبنانيون في 30 تشرين الأول 2022 الفراغ أم سيتمكن النواب الـ128 من انتخاب رئيس جديد خلال 46 يوما المتبقية من ولاية الرئيس عون؟ لننتظر كيف يتجه التوافق الداخلي الذي يترافق عادة في التجربة اللبنانية المُرّة مع توافق عربي ودولي.

مقالات ذات صلة