لبنان

بعد الصرخات الرافضة.. ما مصير القاضي الرديف؟

كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
اكتملت حلقة المواقف الشاجبة التطورات القضائية على خط تحقيقات انفجار المرفأ، بانضمام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عوده اليها امس، بعد موجة من الاستنكارات السياسية والتحركات الشعبية الرافضة لها في الايام الماضية.

فقد قال الراعي في عظته امس: من المؤسف أن يصل اللبنانيون إلى حالة اللاثقة التي باتت تشكك في كل نية ولو صادقة، وإلى حالة التسييس التي ترى مسيسا كل قرار أو تدبير. وهاتان الحالتان تؤديان إلى التعطيل. هذه حال ما يحصل اليوم بين أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ووزير العدل. إنه نزاع تبرره حالتا اللاثقة والتسييس، ويؤدي إلى التعطيل وأصبح إبداء الرأي ولو موضوعي محكوما عليه بالتشكيك والتسييس. معروف أن قاضي التحقيق طارق البيطار ثابت في منصبه وممسك بملف التحقيق في تفجير المرفأ بحكم القانون، لكنه مكبل اليدين بسبب رفض وزير المالية عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية فيعطل تعيين رؤساء غرف التمييز الذين يشكلون الهيئة العامة لمحكمة التمييز فتتمكن هذه من إعادة الحياة القضائية التي بها يرتبط عمل قاضي التحقيق. هذا هو الموضوع الأساس الذي يسمح حله بعودة القاضي البيطار إلى عمله. أما القضية التي يطرحها وزير العدل مع مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، ولا تؤثر بشيء على صلاحية القاضي بيطار، فتتعلق بمعالجة الموقوفين منذ أكثر من سنتين، ويحق لهم بإخلاء سبيلهم بموجب المادة 108 من أصول المجاكمات الجزائية. ولكن القاضي البيطار لا يستطيع إصدار أي قرار بهذا الشأن بسبب تكبيل يديه. فإنا نقترح سماع رأي رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقين بشأن هذه القضية، من أجل بتها من جهة، وطمأنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ من جهة ثانية. فتبقى العدالة والإنصاف مصونين”.

من جانبه قال عوده: نؤكد مجددا على ضرورة كشف حقيقة تفجير المرفأ وعدم تعطيل التحقيق طمسا للحقيقة. وعوض تعيين محقق رديف، أليس الأفضل تيسير عمل القاضي الأصيل؟ مؤلم ومخز عرقلة عمل الأصيل ثم الإتيان برديف. وكأنهم يستخفون بعقول الناس وبألم المصابين وأهالي الضحايا. وهل يجوز انقضاء أكثر من عامين على تفجير أودى بأرواح الناس وبروح العاصمة ولم تنجل الحقيقة بعد؟ هذا غريب وغريب جدا.

وعلى وقع هذه الصرخة القوية، الروحية والسياسية والشعبية، ضد قرار تعيين القاضي الرديف، والتي حمّلت في جزء منها القضاءَ، وزيرًا وقيّمين، وفي جزئها الآخر، وزيرَ المال، مسؤولية هذه الخطوة غير المسبوقة، سُجل امس بيانٌ للمكتب الاعلامي في وزارة المالية جاء فيه “حرصا على الحقيقة الكاملة، ان مشروع مرسوم تعيين غرف محكمة التمييز قد تم استرداده منذ قرابة الشهر من وزارة المالية، بناء على كتاب من وزارة العدل، لتحيله الى المراجع القضائية المختصة لتصحيح الخلل الذي يعتريه، وتم ذلك بواسطة رئاسة مجلس الوزراء”.

في موازاة البيان هذا الذي يوحي بأن وزير المال بات محرجا ومحشورا في بيت اليك، والذي يُضاف الى تبريرات لا تنتهي يقدّمها وزير العدل هنري خوري منذ لحظة طلبه من مجلس القضاء تعيين القاضي البديل، تكشف مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” عن ان عملية البحث عن قاض بديل تبدو صعبة جدا، حيث لا يُظهر السواد الاعظم من القضاة استعدادا او حماسة لتولي هذه المهمة “الشاذة” مهنيا وغير المحبوبة لا بل “المكروهة” شعبيا.

فهل يمكن ان يؤدي هذا “الهجوم المرتد” العريض والواسع على التدبير القضائي الاخير، الى إحباطه وخنقه في المهد، والى منع اي تدخل سياسي اضافي في تحقيقات المرفأ؟ ام ان ما كُتب قد كُتب والقرار اتُخذ كما قال رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لأهالي الضحايا منذ ايام؟ فلننظر ونر، تختم المصادر.

مقالات ذات صلة