الأفران لن تعمل اليوم… وتخوّف من الأيام المقبلة
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
عادت أزمة الخبز الى الواجهة، هذه المرة بوتيرة أقسى، فالأفران ستتوقف اليوم عن العمل ومعها لن يتوفر أي ربطة خبز، ولا عجب إن دخل الخبز بازار السوق السوداء مع تجار الأزمة، وقد سجلت الربطة في أحد المتاجر في منطقة النبطية 25 ألفاً، وغداً قد تسجل رقماً قياسياً.
«اشتدي أزمي بتنفرجي»، إلا في لبنان، الأزمة تتفاقم أكثر، طالما لا سياسة واضحة للمعالجة. منذ عام تقريباً، وأزمة الخبز تستفحل، في كل مرة تحمل عنواناً مختلفاً، تارة «ما في طحين، وتارة «ما في اعتمادات»، وتارة أخرى «رفع الدعم»، وفي كل مرة تخضع الأزمة الى «ترقيع وتلزيق» الى حد وصل الوضع الى الاهتراء.
طوابير الخبز الطويلة التي امتدت على طول أفران النبطية تخبر عن حجم معاناة المواطن، يحارب اليوم برغيف خبز، مشاكل بالجملة سجلت، تشي بانفجار حتمي، فالناس «أعصابها مش حاملتها»، وهو ما يوتّر ساعات الانتظار الطويل.
لم يتمالك محمد نفسه، فانفجر غاضباً، رفع صوته في وجه صاحب الفرن، «بدي ربطة خبز»، يرفض الانتظار في صفّ الذل، صف أغلب الواقفين فيه «سوريون»، يؤكد «أنه ما بقى قادرين نتحمل».
ساعات طويلة بات مجبراً المواطن على وقوفها في صف الخبز، الذي حكماً سيخَرَّج انتفاضة حتمية، فالخبز لم يعد متوفراً أصلاً، وهو ما دفع كثراً لقصد الأفران، ما يعني ان ربطة الخبز تجاوزت الـ100 الف ليرة. فكلفة الانتقال من اي بلدة الى الفرن عالية، وهو ما أكدت عليه مريم التي قالت «من يومين ما عنا خبز، نضطر للمجيء الى الفرن باكراً جداً لنحصل على ربطة تكلفني مع البنزين 60 الف ليرة، وكلما ابتعدت البلدة ارتفع ثمن الربطة وهناك من تكلفه 100 الف، مين مسؤول عن ذلنا؟».
تشير المعطيات الى أن سيناريو انقطاع الخبز وطوابيره سيتكرر خلال هذا الاسبوع، وقد يشهد تأزماً أكثر، لا سيما مع دخول الأفران في مرحلة الإقفال، بحسب علي قميحة عضو نقابة الجنوب للأفران فإنه لن يعمل اليوم الثلاثاء بعد نفاد مادة الطحين، فالكمية التي نتسلّمها لا تكفي، ما يؤدي الى وضعنا بالمباشر مع الناس. وفق قميحة فإن الأفران ستنتظر حتى الاربعاء لتسلم الطحين بعد صدور نتيجة فحصه، وربما قد يتأخر أكثر، وهو ما يعني أننا في قلب أزمة قاسية جداً، وعلى الوزارة ايجاد صيغة عادلة لتوزيع الطحين قبل فوات الأوان.
الانفجار الاجتماعي اقترب، صبر المواطن نفد، آخر خرطوشة الرغيف، ما قد يؤدي الى حوادث وإشكالات، فالناس اختنقوا من شدة الأزمات، وما كان ينقصهم سوى رغيفهم، الذي بات مفقوداً من كل الدكاكين، والشاطر من يجد ربطة.
لا تخفي مصادر مطلعة صعوبة الوضع، لا سيما ان سيناريو البنزين بدأ يتكرر مع الخبز، وطوابير الذل تتزايد، ولا عجب أن يؤدي الأمر الى إشكالات قد تتطور لإطلاق نار، وهو أمر لا يمكن تفاديه بحسب المصدر إلا بوضع خريطة حل سريعة، حتى رفع الدعم لن يضع حداً للأزمة، بل ستصبح مثل البنزين «في وما في».
داخل الفرن ازدحام، تتسابق الأيدي للوصول الى ربطة خبز الى الكمية المحددة لكل فرد، يقول احد العاملين: «حياتنا باتت بخطر، كل يوم مشكل وكل يوم تهديد لوين بدن يوصلونا؟ تحلها وزارة الاقتصاد».
عادت رحلة البحث عن الرغيف، وعاد الخوف من عدم توفره يؤرق الناس، الذين لا طاقة لهم على شراء الخبز الافرنجي والمشاطيح وقد حلّق سعرها وباتت خارج المتناول، وهو ما اثار حفيظة المواطن الذي بدأ يضرب أسداساً بأخماس بانتظار الفرج. وحده سؤال عن النواب يسيطر على المشهد؟ أين هم من أزمة الرغيف؟
من السهل أن تجد البنزين، ولكن من الصعب أن تجد خبزاً هي المعادلة الجديدة التي فرضتها الدولة اليوم التي تحاول تمريغ أنوف الناس حتى رفع الدعم ولا عجب إن أصبح سعر الربطة «دولاراً واحداً»، تسعيرة من شأنها أن تقول للدولار «ارتفع وما يهمك فقير»، فالحديث اليوم عن دولرة ربطة الخبز مثل الحديث عن «جوع يا فقير ما حدا سئلان».