القرار بدأ… استشفاء على سعر صرف 6000 ليرة
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
قد يكون الهمّ الصحي والاستشفائي أكثر ما يقلق اللبنانيين في ظل الأزمة التي يمرّ بها البلد، فكيف الحال بموظفي القطاع العام الذين لا تزال رواتبهم على حالها وباتوا يقاسون أصعب ظروف الحياة.
وفي خطوة لافتة، قامت تعاونية موظفي الدولة، وهي الجهة الضامنة لهؤلاء الموظفين، بزيادة تعرفة الأعمال الطبية الاستشفائية لأربعة أضعاف عمّا كانت عليه في الأول من تموز عام 2021 أي ما يقارب 400 في المئة، وذلك “نظراً للظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وانعكاسها الكارثي على المواطنين، لا سيما على المستفيدين من تقديمات تعاونية موظفي الدولة، خصوصاً بعد ان فقدت رواتب الموظفين قيمتها الفعلية، حيث تدنت الى ما يقارب الـ5 في المئة، وباتوا عاجزين عن تأمين لقمة عيش عائلاتهم، بحده الإنساني الأدنى، وسداد الفواتير الاستشفائية والدوائية الباهضة، وذلك بعد إجراء الدراسة المالية اللازمة وتخفيفاً عن كاهل المستفيدين”، كما جاء في بيان التعاونية.
الخبر سارّ طبعاً، خصوصاً أن جهات ضامنة أخرى لا تزال تعتمد تعرفات متدنية وما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سوى خير دليل على ما يعانيه اللبنانيون حتى أولئك المضمونين منهم.
القرار بات ساري المفعول منذ الأول من تموز الجاري، كما أكد مدير عام التعاونية الدكتور يحيى خميس لموقع mtv، وبات لزاماً على كل المستشفيات الالتزام بموجباته تجاه الموظفين الذين يدخلون للاستشفاء.
وتوضيحاً لحيثيات القرار والظروف التي سمحت له باتخاذ هذا القرار رغم الأزمة المالية للدولة، أشار خميس الى أنه “كانت خطتنا أن نرفع التعرفة في موازنة 2022 بشكل مقبول وذلك بناءً على وصولنا الى أرقام جيدة في الموازنة بالاتفاق مع وزارة المالية. وكنا ننتظر إقرار الموازنة، لكنها لم تُقرّ وللأسف لم نستطع في الوقت السابق أن نرفع التعرفات بما فيها منح التعليم، لكن خلال شهر حزيران الماضي أجرينا دراسة على الاعتمادات التي كانت ملحوظة في العام 2020، وهي آخر موازنة أقرّت، ووجدنا أن لدينا إمكانية للاستفادة من الاعتمادات الموجودة، حيث تبين لنا من الاعتمادات المصروفة حتى منتصف حزيران أن لدينا إمكانية لرفع التعرفة. وبعد إجراء الدراسة لحجم الزيادة المتوقعة، وصلنا الى استنتاج أنه يمكننا رفع التعرفة 4 أضعاف”.
وتبسيطاً للعملية الحسابية الجديدة لفواتير استشفاء موظفي القطاع العام، فإنها باتت ستحتسب وفق سعر صرف 6000 ليرة للدولار، في حين كشف خميس أن التعرفة يمكن أن تشهد ارتفاعاً إضافياً أيضاً إذا ما أُقرت الموازنة، متوقعاًً أن “فروقات الاستشفاء يجب أن تتراجع بنسبة كبيرة”.
بنتيجة هذا القرار سيستفيد 370 ألف شخص تقريباً من التعرفات عند دخول أي فرد منهم إلى المستشفيات، أو زيارة الأطباء وتلقي العلاجات، ما سيشكل ضمانة ولو متواضعة للموظفين. مع الإشارة الى أن زيادة التعرفة تشمل الأعمال الطبية المعتمدة وهي الفحوصات المخبرية، الصور الصوتية والمغناطيسية، اتعاب الأطباء وكذلك تعرفات علاجات الأسنان.
هذا لجهة الاستشفاء، ولكن ماذا عن الدواء؟
يوضح خميس أن “لا مشكلة كبيرة لدى التعاونية في موضوع الأدوية، ونقوم بتغطية أدوية الامراض المستعصية مئة في المئة. فجزء قليل من الأدوية السرطانية لم يعد مدعوماً، ولا تزال التعاونية تقوم بتوزيع هذه الأدوية ضمن إمكانية توفرها في البلد نظراً لأن الشركات لا تستورد كميات كبيرة ونتيجة عدم امكانية حصولها على الاعتمادات اللازمة بالدولار”، لافتاً الى ان “هناك مؤشر أسعار للدواء يصدر عن وزارة الصحة ونحن نتبع هذا المؤشر وندفع على أساسه مع ترشيد لعملية صرف الأدوية والكميات”.
هذا نموذج مختلف من القطاع العام، يؤكد أن الفشل وسوء التنظيم ليس ميزة تلازم الإدارة العامة، التي ستدار بطريقة صحيحة حكماً متى وُجد فيها الموظف المناسب في المكان المناسب.