القمح متوفر في تربة لبنان…والحل في يد الدولة!
تعتبر زراعة القمح من الزراعات الاستراتيجية في لبنان ، ولكنها لم تأخد حقها من الاهتمام الكافي في السنوات السابقة وحلت مكانها مجموعة من الزراعات البديلة. فلم يعد سهل البقاع، اهراءات روما كما كان يعرف في قديم الزمان .
واليوم وبعد عاصفة الازمات التي ضربت لبنان، والتي وضعت الامن الغذائي امام تهديدات خطرة، هل تعود زراعة القمح لتأخذ حقها من الاهتمام الكافي خاصة ان هذه المادة تشكل العمود الفقري للأمن الغذائي في لبنان والعالم؟
فرحة لم تكتمل
انتاج القمح في لبنان ليس جديداً، وهو من المواسم التي يعول عليها المزارعون سنة بعد أخرى. هذا ما اكده ابراهيم ترشيشي رئيس تجمع المزراعين في البقاع لـ” لبنان 24″، مشدداً على اهمية زراعة القمح كانتاج غير موسمي في المحافظة على خصوبة التربة ودورتها الزراعية الصحيحة. ولفت إلى ان مساحة الارض المزروعة بالقمح في لبنان هي ما يقارب 125 الف دونم تقربياً، اي ما يعادل 14 الف هكتار.
فرحة المزراعين بقطف ثمار جهودهم لم تكتمل هذا العام . وهي سرعان ما تحولت إلى صدمة وخيبة امل، فبعد اعلان الحكومة عن استعدادها لشراء محصول القمح لهذا العام بأسعار تشجيعية، ومسارعة المزارعين لتقديم الطلبات، تأخر البت بالملف رغم بدء موسم الحصاد، والذي تبدو بشائره مشجعة لهذا الموسم.
حال الخيبة والقلق هذه عبر عنها ترشيشي بقوله: “حتى الان لم ير تشكيل اي لجنة لاستلام القمح من المزارعين كما كانت تفعل في المواسم السابقة. كما انه لم يتم التأكد من ان كميات القمح المزروعة مطابقة لتلك المصرح عنها في الطلبات المقدمة لوزارة الاقتصاد من قبل المزارعين”.
البيع للمهربين أفضل من الإفلاس!
سوء الادارة والتنظيم اوقعا المزارع في مأزق، فهو بعد ان مل الانتظار وفقد الامل من قيام الدولة بشراء محصوله منه، وجد نفسه مضطراً للبحث عن بديل، خاصة بعد ان كانت وزارة الاقتصاد قد اصدرت قرارا منعت بموجبه تصدير القمح إلى الخارج .
ما هو هذا البديل المنقذ؟ يجيب ترشيشي:” البديل يكمن في امرين اثنين: أما ان يقوم المزارع ببيع محصوله علفا للحيوانات، او في الذهاب إلى اشخاص يملكون القدرة على تصريف المحاصيل بطرق شرعية، أو عن الطريق التهريب تاركين المواطن يعاني الامرين في امنه الغذائي.
ترشيشي طالب الدولة بتوضيح الاسباب التي تمنعها من تنفيذ وعدها للمزراع بشراء محصوله من القمح لهذا العام، وخاصة ان هناك نوعين من القمح ينتظران التصريف، هما القمح القاسي، والذي يعتبر من اجود انواع القمح في العالم، وهو يستعمل لصناعة المعكرونة والحلويات، اما النوع الاخر فهو القمح الطري، والذي يستعمل لصناعة الخبز .
وسأل في حديثه: “كيف لدولة ان تستجدي شراء القمح من الخارج وتقوم بتسديد ثمنه بالعملات الصعبة، في حين هذا القمح متوافر لديها وموجود من خلال الانتاج المحلي”.
وكشف أيضاً عن وجود عرض كان قد تقدم به المزارعون في لبنان إلى الحكومة، وهو يقضي ببيعها طن القمح ب 450 دولار، بدلاً من ان تقوم باستيراده من الخارج ب 550 دولار للطن للواحد ولكن الدولة لم تجب حتى الان.
الدولة غائبة عن السمع
مصدر مطلع دعا في اتصال مع “لبنان 24” إلى وضع استراتيجية زراعية لتشجيع زراعة القمح في لبنان على ان تكون قادرة على المنافسة. وطلب من وزارة الاقتصاد تقديم المساعدة الضرورية خاصة لجهة الاهتمام بخدمات التسويق والارشاد واقامة المؤسّسات التي تعنى بهذه الزراعة، كما دعا إلى اعتماد خطة لحماية الإنتاج الزراعي وتشجيع المزارعين على زيادة إنتاجهم وتطوير زراعة القمح من خلال إعتماد التكنولوجيا الحديثة، وتوسيع رقعة زراعته، وشراء المحصول بأسعار تشجيعية.