أسماءٌ “محروقة” لن تترأس الحكومة الجديدة
كتب محمد المدني في ليبانون ديبايت
أكثر ما يمكن استخلاصه من المشهد النيابي الذي دارت أحداثه يوم أمس في ساحة النجمة، أن لبنان السياسي مقبلٌ على معارك طاحنة ونزالات شرسة، لا يمكن التنبؤ بالطرف الرابح فيها، حيث بدا المجلس أقلّه من جهة المحور “السيادي” كما يُلقّب، مفككًا إلى درجة كبيرة.
بعد فوز الرئيس نبيه برّي، وبداية الموسم السياسي الجديد، آن أوان الحديث عن تشكيل الحكومة والمواصفات المطلوبة لرئيسها “العتيد”، في ظلّ هذا الكمّ الهائل من الإنقسامات والتجاذبات التي عكستها الجلسة الأولى للمجلس لانتخاب الرئيس ونائبه وأعضاء هيئة المجلس.
بحسب مصادر نيابية، إن المواصفات المطلوبة في رئيس الحكومة هي بالدرجة الأولى، قدرته على نيل تأييد معظم الكتل النيابية الرئيسية من جهة ما يسمى بالممانعة، ومن جهة السياديين، وحتى من ناحية النواب التغييرين، وهذه الصفة غير متوافرة في أيّ من المرشحين، ومعظم الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام شبه “محروقة”.
وتلفت المصادر إلى أن الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يُحكى انه عائد بسهولة، عودته قد تكون معقّدة وأكثر تعقيداً بسبب سوء علاقته مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي قد يعرقل كثيراً تشكيل الحكومة، إن لم تتناسب مع تطلّعاته، إضافة إلى أن الدعم الفرنسي الذي يتمتع به ميقاتي، ليس كافياً لإعادته لرئاسة الحكومة، وبالتالي لم يتبيّن حتى الآن أن ميقاتي قادر على تولّي هذه المهمة.
رغم ذلك، يحظى ميقاتي بتأييد عدد من القوى السياسية التقليدية، حركة “أمل” و”حزب الله” يرغبان به، كتلة الحزب الإشتراكي لا تمانع أيضًا، بل على العكس ربما تفضّل التعامل مع ميقاتي وعدد من المستقلّين. إضافة الى ذلك، ربما تكون إحدى نقاط قوته، أنه لم يخض الإنتخابات النيابية، وبالتالي هو لا يبحث عن ترجمة السلطة في رئاسة الحكومة إلى مكاسب سياسية على الأرض، لأنه غير موجود بالمعنى السياسي.
من جهة أخرى، تُطرح في السوق السياسي أسماء مرشحين محتملين لترؤس الحكومة المقبلة، عبد الرحمن البزري، فؤاد مخزومي، نواف سلام وأشرف ريفي. وبالنسبة لهؤلاء المرشحين، تلفت المصادر إلى أن دونهم عقبات كبيرة. مخزومي لم يحصل على النتيجة التي يتوخّاها من الإنتخابات ولم يستطع أن يصنع كتلة نيابية، إضافة الى أنه ذهب إلى اشتباك سياسي شرس مع المعسكر الممانع، أي معسكر 8 آذار وفقد دعمهم.
بالنسبة لنواف سلام، عليه فيتو حاسم من “حزب الله”، وسيتمّ إجهاض أي محاولة لإيصاله إلى السراي الحكومي.
أما عبد الرحمن البزري، قد يكون صاحب علاقات مقبولة عند مختلف القوى، لكن تنقصه مسألة أساسية وجوهرية وهي أنه لا يملك أي خبرة إدارية بالمعنى السياسي الحقيقي. البزري أصبح نائباً للمرة الأولى، هو كان قد شغل منصب رئيس بلدية، لكن الأمور كانت مختلفة وهو لا يملك خبرة وزارية، والعمل الحكومي يحتاج إلى خبرة أوسع من خبرته البلدية المتواضعة أو من خبرته الطبية، لكنه مقبول بشكل عام.
أشرف ريفي، قد يحصل على دعم القوى السيادية لكنه سيواجه بقوة من معسكر الممانعة، إضافة إلى أنه قد لا يحصل على تأييد من التغييريين بالقدر الذي يسعى إليه، لكن المشكلة في رئاسة الحكومة أنها ليست مجرد تصويت حيث يتمّ اختيار الرئيس، بل المشكلة أن رئيس الحكومة يُكلّف وبعدها يؤلّف.
بناء على ما ذُكر، يمكن القول أن رئيس الحكومة المقبلة لا يزال “مجهول الهوية”، ويمكن القول أيضًا أن أي حكومة لا تنال رضى الثنائي الشيعي لن تُكتب لها الولادة، وذلك لأن الثنائي هو الوحيد الذي يملك ورقة الميثاقية والوحيد الذي لديه أكثرية 61 نائبًا، إضافة إلى سيطرته مجدداً على رئاسة المجلس النيابي.