لبنان

فضيحة تامة في “اللبنانية”: تنجيح 170 طالب طب

لطالما كان الدخول إلى كلية الطب في الجامعة اللبنانية منال الطلاب، نظراً لصعوبة امتحانات الدخول، والمعدلات المرتفعة التي يجب على أي طالب تخرّج في مرحلة الثانوي الحصول عليها، فضلاً عن التمكن من اللغات الأجنبية. لكن منذ يومين جرت امتحانات الدخول. وعوضاً عن قبول مئة طالب، إضافة إلى ثمانية طلاب من أبناء أساتذة الجامعة، تم “تنجيح” 170 طالباً، في سابقة خطيرة تضاف إلى الممارسات “الباطنية” على سجل عميد الكلية ورئاسة الجامعة، كما علق أحد الأساتذة لـ”المدن”.
وفي التفاصيل، نجح يوم الإثنين 100 طالب إلى كلية الطب، إضافة إلى ثمانية طلاب من أبناء أساتذة وموظفي الجامعة. لكن خطأ حصل في تصحيح الامتحانات، التي تتم إلكترونياً، لأنها تعتمد على أسئلة بأجوبة متعددة. فبعد ورود شكاوى من الطلاب بشأن شكوك في المعدلات، ولدى مراجعة الأمر، تبين أن هناك خطأ حصل في مفتاح الإجابة على مسابقة اللغة الفرنسية، التي أدخلت على الكمبيوتر كمفتاح اللغة الإنكليزية. فأعيد تصحيح الامتحانات من جديد. لكن عوضاً عن إعادة ترتيب أسماء الطلاب من جديد، تمت إضافة الناجحين الجدد إلى اللائحة. وبررت اللجنة الفاحصة الأمر أنه من الأفضل عدم شطب أسماء من نجحوا، مرتئية إنجاح جميع الذين حصلوا على المعدل. والنتيجة فاز 146 طالباً إلى كلية الطب إضافة إلى 24 طالباً من أبناء الأساتذة ليصبح العدد 170 طالباً، عوضاً عن 108.

اللجنة الفاحصة اعتبرت في محضر الاجتماع أن خطأ في تصحيح مسابقة اللغة الفرنسية، يتلخص بتدنٍ شديد في علامات مسابقة هذه اللغة مقابل اللغة الانكليزية، أدى إلى خلل في نتائج المباراة عموماً. وأعادت فرز مسابقة اللغة الفرنسية وتصحيحها وفقاً للائحة مفاتيح الأجوبة الصحيحة. وأبقت على النتائج كما هي، معدلة علامات مسابقة اللغة الفرنسية، فعاد ونجح جميع الطلاب الذين أخذوا المعدل المطلوب.
لكن إعادة التصحيح تفترض حتماً نجاح أشخاص رسبوا في المرة الأولى ورسوب من نجح. إذ كان يفترض إعادة ترتيب الأسماء لشطب غير المستحقين طالما أن المرسوم يقر بدخول 100 طالب، لأن الخطأ الذي حصل يغير النتائج. وتبريرات اللجنة مشكوك بها.

ووفق الدكتور جورج قزي، وهو أحد أعضاء اللجان الفاحصة (كان غائباً بسبب مناقشة أطروحة دكتوراه)، ربما كانت إدارة الجامعة حريصة على الشفافية، حتى لو أننا في لبنان لا نصدق ماذا تعني الشفافية. وأضاف في حديث لـ”المدن” أن همّ اللجنة الفاحصة إبداء الشفافية أمام الرأي العام بما أعلنته عن ملابسات ما حصل من أخطاء. لكن الشفافية أوقعتهم بورطة لأن المواطنين يسألون إذا ما حدث صحيح أم ثمة تلاعب ما. لذا رأت اللجنة أنه من غير الجائز عدم قبول الناجحين الذين تم إبلاغهم في اليوم الأول. وبالتالي، تمت إضافة الطلاب الناجحين الجدد بعد تصحيح الخلل.

لكن قزي علق عما سمعه من أن عناصر حزبية تابعين لحركة أمل كانوا يدققون في هويات الطلاب للدخول إلى قاعات الامتحانات، قائلاً: في حال كان الأمر صحيحاً، فهذه فضيحة كبيرة وخرق كبير لقوانين الجامعة. وهذا غير مقبول وسنطالب بتحقيق حول الأمر.

بيان الاشتراكي
وتعليقاً على هذه الحادثة، صدر عن الحزب التقدمي الإشتراكي جاء فيه: “في زمنٍ أحوج ما نكون فيه إلى تعزيز الثقة بالجامعة اللبنانية لكي تبقى الملاذ الأكاديمي الراقي لطلاب لبنان باختلاف توجهاتهم وقدراتهم المعيشية، مؤسف فعلاً أن يدقّ القيّمون على الجامعة أسافين في جدار الثقة المهتزّ أساساً، وما الفضيحة التي حصلت في نتائج امتحانات الدخول إلى الكليات الطبية إلا المثال الفاقع على سوء التدبير والإدارة لهذا الصرح التربوي الأم”.

ويضيف البيان: “إذا كان من البديهي أن يتم معالجة الأمر بإقالة المسؤولين عن هذا الخطأ الجسيم من أكبرهم إلى أصغرهم، فإن الشفافية المطلقة مطلوبة في هذا الملف، ويجب إعادة إجراء التقييم والتصحيح لجميع المسابقات، أو إعادة الامتحانات من جديد، لكون ما حصل ليس مقبولاً على الإطلاق.
وطالما الشيء بالشيء يُذكر، فهل من يُجيب عن سوء الإدارة أيضاً في ملف تصنيف الأساتذة والترقيات التي تنضح بالمحسوبيات والتدخلات والهيمنة المذهبية والسياسية؟ وهل من يكشف حقيقة ما يجري في توزيع الأبحاث المدعومة التي تذهب للمعارف والمحاسيب مع “رشّة” تنويع لستر المخالفات؟ وهل ما يُبرر تعيين اللجان بطرق استنسابية محض، وتكليف عمداء بالإنابة غبّ الطلب و”على القِطعة”؟
ولماذا ضرب التوازن الوطني في الجامعة اللبنانية التي نريدها بعيدة عن كل أنواع التدخلات والتصنيفات والهيمنة من أعلى رأسها حتى آخر موظف فيها؟
لم يعد ينفع التغاضي عن هذه المخالفات التي تهدم بنيان الجامعة، وليس مسموحاً التغييب المتمادي لمجلس العمداء ولدور الطلاب الذي كان طليعياً في زمن اتحاد مجلس طلاب الجامعة.
إن الحزب التقدمي الإشتراكي الذي وضع الكثير من نضاله منذ زمن المعلم الشهيد كمال جنبلاط لتأسيس الجامعة وقيامها وتطورها، وقدّم في أكثر من محطة واستحقاق النموذج الوطني في كيفية التعامل مع الجامعة وكلياتها وفروعها وأساتذتها وطلابها، يصرّ أكثر من أي وقت مضى على خوض تحدّي حماية الجامعة اللبنانية من الانهيار، أسوة بالانهيار الحاصل على مستوى الوطن، ويحثّ الحزب كل الشركاء في هذا الهمّ الوطني على التعاون في مختلف المستويات الأكاديمية والقانونية والمطلبية والطلابية لوقف التدهور القاتل في الجامعة الأم، وإقرار قانون استقلالية الجامعة اللبنانية قبل فوات الأوان

almodon

مقالات ذات صلة