عالم الحيوانات الاليفة… ما السر وراء تقلص حجم رأس القطط؟
شهدت أدمغة القطط المنزلية وجماجمها تضاؤلا ملحوظا في الحجم على مدار 10 آلاف سنة الماضية. فقد أشارت دراسة بحثية حديثة نشرت في 26 يناير/كانون الثاني الماضي في دورية “رويال سوسيتي أوبن ساينس” (Royal Society Open Science) إلى أن اعتماد القطط على البشر على مدى آلاف السنين -في إشارة إلى استئناس البشر لها- قد أدى إلى تقلص أدمغتها.
والجدير بالذكر أن بعض الدراسات السابقة قد قارنت القطط الحديثة مع القط البري الأوروبي فقط، الذي لا يعدّ سلفا مباشرا للقطط الحديثة. وأشارت هذه الدراسات أيضا إلى أن حجم دماغ القطط المستأنسة قد شهد انخفاضا كبيرا على مر السنين.
وأجرى الباحثون في الدراسة الحديثة قياسات لجمجمة القطط المنزلية (كمؤشر على حجم الدماغ) وقارنوها باثنتين من جماجم أسلافها البرية القريبة الصلة. وحاول الباحثون في هذه الدراسة تكرار المقارنة بين حجم جمجمة القطط البرية الأوروبية من نوع “فيليس سيلفستريس” (Felis silvestris) ونظيرها في القطط الأليفة.
غير أن هذه الدراسة قد أدخلت في المقارنة نوعا من القطط البرية لم تشمله الدراسات السابقة، هو القط الأفريقي الذي يعرف أيضا باسم القط الليبي (Felis lybica)، وتظهر النتائج الجينية أن القط الأفريقي يعدّ أقرب سلف حي للقطط المنزلية الحديثة.
انخفاض ملحوظ في حجم الجمجمة
ووجد الفريق أن حجم الجمجمة، ومن ثم حجم الدماغ، في القطط المستأنسة قد تقلص تقلصا ملحوظا على مدار 10 آلاف سنة الماضية، وذلك مقارنة بأسلافها في البراري.
ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن قطتك الأليفة أغبى من أقرانها من القطط البرية. ولكن أحد الفرضيات تقول إن ترويض الحيوانات واستئناسها قد يؤثر من دون قصد في الطريقة التي تتطور بها أدمغة هذه الحيوانات.
ووفقا للتقرير الذي نشره موقع “لايف ساينس” (Live Science)، فإن الباحثين يعتقدون أن هذه التغيرات تبدأ منذ المراحل الأولى التي يتكون فيها الجنين. إذ تتشكل هذه التغيرات عندما يبدأ الجنين تطوير خلايا العُرف العصبي (Neural crest)، وهي نوع خاص من الخلايا تتفرد به الفقاريات دون غيرها، ولها دور رئيس في تطور الجهاز العصبي، فضلا عن مهام أخرى.
وأشار الباحثون في دراستهم إلى أن “ترويض الحيوانات ربما أفضى إلى تثبيط هجرة خلايا العرف العصبي وانتشارها، وذلك أسهم بدوره في تقليل اسْتِثاريّة الخلايا، وتولد الخوف”. ويضيف الباحثون أن “هذا التثبيط قد يرتبط أيضا بالتغيرات الشكلية وبحجم الدماغ وبكيفية التجاوب مع الضغط”.
مخاوف تتعلق بالتدجين
أظهرت النتائج أن حجم الجمجمة قد تقلص بنسبة 25% مقارنة بحجمه في القطط البرية الأفريقية والأوروبية، وهو ما يتوافق مع نتائج الدراسات السابقة، كما قام الفريق بفحص عدد من القطط الهجينة سواء كانت برية أو مستأنسة. وبيّنت قياسات الجمجمة لهذه القطط الهجينة أنها تتوسط قيم القياسات المرصودة لكل من القطط البرية والأليفة.
ومن ثم، فإن هذه النتائج تشير إلى أن استئناس الحيوان وتدجينه كان له بالغ الأثر في تطور القطط على مدى آلاف السنين الماضية. وهي الظاهرة التي رُصدت في العديد من الأنواع الأخرى من الحيوانات الأليفة.
وذلك ما أشار إليه الباحثون في دراستهم قائلين “إن تغيرات حجم الجمجمة قد رُصدت ووثّقت توثيقا جيدا في العديد من الأنواع المستأنسة الأخرى، مثل الأغنام والأرانب والكلاب وغيرها”.
ومن ثم فإن هذه الدراسة لا تسلط الضوء على التغيرات التطورية التي أدخلها التدجين على الحيوانات البرية فحسب، بل إنها تثير المخاوف بشأن الأنواع البرية “المهددة باستئناسها وتدجينها مع الحيوانات الأليفة” كما يقول الباحثون.
(الجزيرة)