الحُرَيريّون
كتب داني حداد في موقع mtv:
ليس تفصيلاً خروج سعد الحريري من الحياة السياسيّة. لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً، كما يحلو لبعض خصومه المحتفلين، ولا يمكن تصديق ما يكرّره بعض أتباعه أنّ قراره حرّ وسيّد ومستقلّ.
لن نعالج خلفيّات القرار الذي سيتّخذه الحريري، وهو مرتبط مباشرةً بعلاقته بالسعوديّة وبديونٍ متراكمة عليه وبعدم رضى في المملكة على أدائه… سنتطرّق الى ما سيخلّفه هذا القرار.
سيشكّل عزوف الحريري انتكاسةً لكثيرين، خصوصاً من النواب أو الطامحين للترشّح على لوائح تيّار المستقبل، إلا أنّه سيمنح أملاً لبعض الطامحين، كما لبعض النواب السنّة الراغبين بتوسيع حجمهم النيابي.
من المهمّ التأكيد أنّ ما من خلفٍ جاهز للحريري، لا اليوم ولا في السنوات القليلة المقبلة. سنكون أمام فراغٍ سنّي قاتل. لذا، ستكون الساحة السنيّة مفتوحة أمام ولادة من تصحّ تسميتهم بـ “الحُريريّين”، تصغيراً لكلمة الحريري.
ونقصد بذلك أنّنا سنكون أمام “ميني زعماء”، وبعضهم من “مخلّفات” مرحلة الحريريّة السياسيّة، وبعضهم الآخر نشأ حديثاً. مع ابتعاد الحريري عن المشهد، سيظنّ كلّ سنّي يعمل في الشأن السياسي أنّ باستطاعته أن يحلم بخلافة الحريري، أو بالوصول الى رئاسة الحكومة. حسان دياب فعل ذلك. أمين سلام يحلم بها اليوم، مستفيداً أيضاً من عزوف الرئيس تمام سلام.
وتطول لائحة “الحُريريّين”، وبعضهم من أصحاب المال الكثير، وسيستخدمون بعضه لتثبيت موقع داخل الطائفة. تماماً كما يستخدمه بهاء الحريري لفرض نفسه، يوماً ما، خياراً بديلاً.
ولكن، إن شئنا الواقعيّة، ما من أحدٍ قادر على خلافة الحريري، أو ملء فراغ الحريريّة السياسيّة. حتى سعد الحريري نفسه كان عاجزاً عن ملء فراغ والده، الذي قد لا يتكرّر في الطائفة السنيّة إلا بعد عقود.
إنّها مرحلة الخواء. سعد الحريري ينسحب، وبعض أصحاب العقول الثقيلة اختاروا الانكفاء. تبقى الساحة لـ “الحُريريّين”، يصولون ويجولون، ويضرب بعضٌ منهم على صدره عارضاً خدماته. وسيكون بوسع مرشّحين كثيرين، حتى من غير السنّة، أن يجذبوا بعض أهل السنّة للتصويت لهم، ما دام الأصيل قد رحل.
ثمّة مثل فرنسي عن الهرّ الذي يرحل، وما يفعله الفئران في غيابه…