لمحة عن تسعيرة المطاعم في العيد… هل تُعوَّض الخسارة؟
كتبت ريتا بولس شهوان في “نداء الوطن“:
خسارة رأس السنة هذا العام وغلة سهرة عيد الميلاد، بالف ليلة، فلا الدولار “فريش” سيعوّض على أصحاب المطاعم الصغيرة او المتوسطة ولا الليرة اللبنانية ستغطي تكاليف الاكل. مع ذلك، تتراوح تسعيرة المطاعم في كسروان والمتن على الساحل بين الـ 300 الف ليرة حتى المئة دولار.
سعيد (صاحب مطعم في كسروان) اختار رقم الـ 50 دولاراً “فريش” ليصيب الخسارة في مقتل، ليلة رأس السنة، ان استطاع لها سبيلًا مع علمه ان هذا الرقم لن يستقطب لا موظفي الدولة ولا الأشخاص ذوي الدخل المحدود. يضع نصب عينيه إجراءات وزارة السياحة فيوزع زبائنه وفق الخريطة. تلك نفسها، تتعب بريسيليا (صاحبة مطعم في حراجل) التي تعتبر ان هذا النهار أي ليلة رأس السنة انما هي سهرة عادية هذا العام، اقرب الى أي يوم آخر مع كل هذه الضغوط لذا اتفقت مع المطرب ان يتقاضى على الشخص الحاضر. تعاني بريسيليا مصيبة فعند اطلاق التسعيرة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الليلة، سعر صرف الدولار لم يكن قد وصل الى الـ 27 الف ليرة مما رفع كل أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني ولا يمكن التعديل بالأسعار على الليلة فالناس أصبحت على يقين بالسعر القديم وذلك يضرب صورة واسم المطعم. تعتبر بريسيليا نفسها بهذا اليوم الذي تنظمه للزبائن، وكأنها تتكلف لتسهر مع زوجها وعائلتها في وسط بيروت وعندها ستدفع بالملايين، لذا تفضل ان تسيّر سهرة في مطعمها الذي يتسع الى 80 شخصاً كحد اقصى مع المحافظة على اجراءات التباعد الاجتماعي. تتمنى من الله وتصلي كي لا يفسد الثلج عليها السهرة فتلتغى كل الحفلة، متكلة على إرادة الله وفي حال حصل ذلك فستقع الخسارة الاقتصادية. تقدّر ان كل السهرة لا تقارن بفاتورة في سهرة بوسط بيروت.
الفرق بين عيد الميلاد وراس السنة كم مئة الف ليرة اما الاكل نفسه. والسبب؟ شارلي يعلل ذلك بانه يعود الى تسعيرة المطرب ولا يمكنه ان يقدر ثمن الخسارة فالاتكال على طلبيات الكحول والنرجيلة، ان لم يكن عدد الرواد كافياً للتعويض عن الخسارة. هذه “الروتينية” في يوم كان ينتظره أصحاب المطاعم لتعويمهم لاشهر قادمة، انعكس أيضاً في طريقة التنظيم والتسديد فجوزيان (صاحبة مطعم على طريق بكركي) جهزت مطعمها في عيد الميلاد بعشاء عادي مع حجز لعائلتين بانتظار حجز آخر فقط اما رأس السنة فحدث ولا حرج لذا اكتفت في لعب الموسيقى وحصرت كل المأكولات بقيمة 12 دولاراً على الشخص الواحد مع ادخال تقنية توفير جديدة الا وهي جلب بعض المواد الغذائية معهم. ينسحب التوفير أيضاً في اجرة اليد عبر توزيع المهام على العائلة بالعمل في المطعم.
تتواتر كلمة “الموسم مضروب” بين أصحاب المطاعم فيبحث سمير (صاحب مطعم في المتن) عن تعديل الخسارة باعتبار ان السهرة هي للحفاظ على صورة المطعم. التخويف من كورونا والوضع الاقتصادي وضعاه امام خيار الاقفال على راس السنة ام فتح ابوابه وكان لديه اقل من مئة حجز من اصل 450 شخصاً هذا ما دفعه الى حالة قرف خصوصاً بموضوع قرارات التعبئة العامة ووزارة السياحة التي تبحث عن الملقحين كالبحث في كومة قش في شارع انطلياس علماً ان اقل حانة فيها الف شخص على حد توصيف سمير سائلاً: “اين التعبئة اذاً وهل هي تنطبق فقط على المطاعم؟ ولم هناك استنسابية بالتطبيق ففي المتن يختلف الامر عن بيروت باعتبار ان المالكين من أبناء الوزراء؟”. ضرب قطاع السياحة بنظره من صناعة يد هذه الطبقة الحاكمة والدليل ان كل المقتنيات من مواد غذائية تشترى في السوق السوداء وأصحاب المطاعم يشترون والمواطن يدفع الثمن.
همّ البضاعة حمل على اكتاف عزيز (صاحب محل في طبرجا)، ولا يمكن الغاء السهرة بسبب التكاليف المدفوعة مسبقاً والمطربين المتعاقد معهم ليكون العمل هذا النهار بالنسبة اليه لتعويض الخسارة الواقعة ليس أكثر. الامتعاض المتكرر من وزارة السياحة حاضر في صحن عزيز اذ يرفع الشكوى منها لعدم دقتها في الاستجابة مع الشكاوى و”الدزات” التي تصلهم، فمنذ بضعة أيام تم استدعاؤه بتهمة توظيف سوريين بدون اقامات، علماً انه بريء من هذه التهمة وعلى حد تعبيره هي تهمة ملفقة بسبب المنافسة على هذه الليلة، سائلاً الا ترى هذه الدولة العاملين في شارع المعاملتين من التابعية السورية من دون اقامات؟ “وجعة الراس” يتحاشاها عدد كبير من أصحاب المطاعم في بسكنتا باعتبار ان الخسارة بليلة رأس السنة والميلاد لها وزنها، لذا سيفتحون في هذين اليومين من دون برامج غنائية وفقط سيكون الدفع على الطلب كميشال الذي لا يهمه ان اتى زبائن أم لا.
الأسف لا يدخل فقط قلوب أصحاب المطاعم، بل أيضاً المواطنين الذين يحضرون أنفسهم لقضاء ليلة الميلاد ورأس السنة مع “دست بوشار”، ارتفع سعره ايضاً، ومدفأة قد لا ترد ثلج الوحدة والملل الذي دخل روتين اللبنانيين. فهل ينشئ رئيس الجمهورية وزارة “حرق الاعصاب” قبل رحيله؟ رأس السنة هذا العام نموذج عن إنجازاتها.