مستقبل غامض للتجارة بين إيران وأفغانستان في ظل حكم طالبان
أثار استيلاء حركة طالبان السريع على أفغانستان تساؤلات كبيرة حول مصير العلاقات الإيرانية – الأفغانية. ومن المؤكد أن الاضرابات في الجزء الشرقي لإيران، والذي يعتبر أهم وأكبر سوق تصدير للبلاد، سيكون لها تأثير على عملية التجارة، وستوفر الجيوسياسية الناتجة بعض الفرص لإيران.
وبحسب موقع “المونيتور” الأميركي، ليس سراً على أحد أن علاقة طالبان بإيران معقدة. ففي العام 1998، كان الجانبان على شفير الدخول في حرب بعدما قتلت الحركة 11 دبلوماسيا إيرانيا في مدينة مزار الشريف، رابع أكبر مدينة في أفغانستان. كما دعمت طهران بشكل غير مباشر الحملة الأميركية لهزيمة طالبان في العام 2001، ولعبت دوراً رئيسيا في تشكيل حكومة وطنية في البلاد في فترة ما بعد حكم طالبان.
بعد مرور عقدين من الزمن، ظهرت دينامكيات جديدة ذلك مع تطوير أطراف من الساسة الإيرانيين تصورات أكثر إيجابية تجاه طالبان. ومع ذلك، لا تزال العلاقة بين الطرفين متوترة وسط انعدام للثقة.
في الوقت الحالي، ظهر جاليا موقف إيران من الحركة وذلك من خلال ما صرح به الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 16 آب حيث قال: “ستعمل إيران من أجل استقرار أفغانستان، والذي يعتبر الأمر الأكثر إلحاحاً للبلاد، وتدعو إيران كل الفئات للتوصل إلى اتفاق وطني”.
وفي تقييم للأثر الإقتصادي حالياً، لا شك في أن صعود طالبان، على المدى القصير، سيشكل ضربة سلبية للتجارة الإيرانية – الأفغانية. فمن ناحية، سيعاني الإقتصاد الأفغاني جراء توقف الجانبين الأميركي والأوروبي من تأمين مساعدات مالية تنموية، بالإضافة إلى هجرة العديد من المواطنين الأفغان. ومن ناحية أخرى، وتحت حكم طالبان، سيتم تقويض الروابط الإقتصادية التي تمت إقامتها على مدى العقديين الماضيين. تلك العوامل وغيرها، ستؤدي إلى تدهور اقتصادي متوقع ومؤكد على حجم الصادرات الإيرانية إلى أفغانستان.
وأشار إسفنديار باتمانجليج، محلل ومؤسس مركز “بورس أند بازار” التجاري، إلى أن إيران ستتأثر على المدى القصير بالوقع الجديد، معتبراً أن صعود طالبان سيضغط عليها ويحرمها من إدخال العملة الصعبة إلى البلاد كما و سيزيد من عزلتها الدولية. وعلى الرغم من إمكانية باكستان منافسة المصدرين الإيرانيين في بعض المواد، إلا أن إيران ستبقى مهيمنة على السوق الأفغاني وذلك بسبب اللغة والثقافة المشتركة بينهما. وستشكل قدرة أفغانستان تحت حكم طالبان على دفع ثمن الصادرات الإيرانية حجر عثرة في طريقها.
ويتزامن صعود طالبان مع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من البلاد، الأمر الذي سيشكل تهديدات لإيران من جهة كما وسيوفر لها فرصاً جديدة من جهة أخرى.
ولدى تقييم الوضع في سياق إقليمي، يصبح ممكنا تحديد العوامل الأخرى التي بإمكانها التأثير على الإقتصاد الإيراني. على سبيل المثال، يرى حسين موسويان، دبلوماسي إيراني سابق، أن صعود طالبان بإمكانه تغيير ميزان القوى بين إيران والمملكة العربية السعودية، مما يمهد الطريق لخفض التصعيد بين الرياض وطهران،وهذا الأمر من شأنه أن يخفض من عزلة إيران، بالأخص إذا أدى إلى نشوء علاقات اقتصادية أوثق بين كل من إيران والإمارات العربية المتحدة.
كما ويظهر تحولا جيوسيسيا آخر على صعيد العلاقات الإيرانية – الروسية. فمن المتوقع أن تتحالف حكومة رئيسي بشكل أوثق مع موسكو فيما يتعلق بالشؤون الإقليمية، والذي سيؤدي إلى تعاون إيراني – روسي بشأن أفغانستان.
ومن جهة ثانية، سيشكل الارتفاع المتوقع في عمليات التهريب تحد لكل من إيران والمنطقة والمجتمع الدولي. في الماضي، فشلت محاولات طهران الداعية، إما لإنشاء أسواق على الحدود بهدف قوننة التجارة الحدوية، وإما لاستبدال زراعة الأفيون على الجانب الأفغاني بمحاصيل أخرى، إلا أن إنتاج المخدرات وتهريبها لم يتوقف. ومع سيطرة طالبان من الجانب الأفغاني من جهة وعدم قدرة إيران على ضبط الحدود من جهة أخرى، فمن المتوقع زيادة تهريب المخدارت.
إذا بات واضحاً أن صعود طالبان سيكون له عواقب مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الإيراني. ومن المؤكد أن التأثيرات ستكون سلبية على المدى القصير، لكن من السابق لأوانه توقع التأثيرت على المدى المتوسط والطويل.
lebanon24