فن

Borgen… دراما سياسية دنماركية مميزة

تبدأ كل حلقة من المسلسل الدنماركي Borgen باقتباس من كتاب The Prince (الأمير) للمفكر نيكولو مكيافيلي. وعلى مر الأحداث، تتعلم رئيسة وزراء الدنمارك، وهي امرأة جذابة ومحبوبة ومعتدلة اسمها “بيرجيت نيبورج” (سيدس بابيت نودسن)، دروساً من تلك الأفكار الساخرة. يبدو المسلسل مبنياً على مفهوم قديم عن فساد السلطة والقوة المطلقة، لكن تترأس “بيرجيت” حكومة ائتلافية هشة في دولة أوروبية ديمقراطية اجتماعية، لا استبدادية، وسيتابع المشاهدون القصة حتى النهاية لمجرّد أن يعرفوا أن الشخصية الرئيسية تحمل نوايا حسنة في جميع الظروف.

يُعتبر هذا العمل أكثر واقعية ومتعة من النسخة الأميركية House of Cards (بيت البطاقات) كونه يعرض خفايا سياسة التجزئة في بلد أوروبي صغير له تقاليده الخاصة، حيث تتخفى الاضطرابات في المعسكر اليساري وراء قناع خادع من اللطف.

يحمل المسلسل توقيع كاتب السيناريو الدنماركي المخضرم آدم برايس، وهو يشمل عدداً من الفريق المبدع الذي أنتج النسخة الأصلية The Killing (القتل)، ويرتكز على المستوى نفسه من الاحتراف المتقن لكن غير الاستعراضي. تُعتبر الممثلة سيدس بابيت نودسن محور القصة، فهي تؤدي دور امراة تُحوّل استحقاقاً انتخابياً شائكاً إلى فرصة غير متوقعة، ثم تضطر لاكتشاف مدى قدرتها على تولي القيادة السياسية في أسرع وقت. لكن يسلّط العمل الضوء أيضاً على عدد آخر من الممثلين المدهشين: بيلو أسبيك بدور متحدث صارم سرعان ما يتحول إلى صوت الضمير في القصة ولو بطريقة غير مباشرة؛ وبيتر ميغيند بدور الزعيم اليساري المهزوم وعديم الضمير؛ ولارس نوتزون بدور مساعِد “بيرجيت”؛ وإيميل بولسن بدور زوج “بيرجيت” الذي يمتعض من نفوذ زوجته المستجد. في المقابل، لا تبدو بيرجيت هورت سورنسن مقنعة بالقدر نفسه بدور المراسِلة التلفزيونية الشابة التي تتحول فجأةً إلى المذيعة الرئيسية في القناة التي تعمل فيها، لكن يزداد وضعها تعقيداً مع تقدّم الأحداث.

لا يتّسم هذا المسلسل بأسلوب منمّق أو تشويق مُبهِر، بل إنه يقدّم قصته بطريقة درامية مباشرة لكن سلسة، وتحتاج الأحداث إلى بعض الوقت قبل أن تبلغ ذروتها. يكفي أن تشاهد أول حلقتَين (كلاهما من إخراج الدنماركي المخضرم سورين كراغ جايكوبسن) كي تتعلق بالقصة وتتابعها حتى النهاية.

لكن إذا كنت تفضّل أنواعاً أخرى من الأعمال، يمكنك أن تعود إلى أفلام سابقة مثل To the Wonder (مثير للدهشة) للمخرج تيرينس ماليك، أو ربما تَحِنّ إلى الزمن الذي كان فيه ماليك يتمتع بأسلوب تقليدي في إخراج الأفلام الأميركية. بدأت مسيرة هذا المخرج مع الفيلم الاستثنائي Badlands (الأراضي الوعرة) في العام 1973، وكان من بطولة مارتن شين وسيسي سبيسيك بدور شابَين يفتقران إلى الأخلاق ويضيعان في منطقة غربية مهجورة.

على صعيد آخر، تتعدد الأفلام القديمة التي لم تلقَ رواجاً كبيراً لكنها تحمل توقيع مخرجين عظماء، منها فيلم Diary of a Chambermaid (يوميات خادمة). اشتهرت النسخة التي صدرت في العام 1964 وكانت من إخراج لويس بونيل ومن بطولة جان مورو، لكن كان جان رينوار قد أخرج نسخة أخرى من القصة نفسها في هوليوود قبل 18 سنة، وقد اقتبسها حينها بورغيس ميريديث الذي أنتج العمل وشارك في بطولته من رواية للكاتب أوكتاف ميربو. لا يُعتبر فيلم Chambermaid (الخادمة) الصادر في العام 1946 من أفضل أعمال رينوار، إذ تبدو الشخصية التي تقدّمها الممثلة الرئيسية بوليت غودارد بغيضة للوهلة الأولى، لكنه قد يكون من أكثر الأفلام الأميركية المتكاملة في مسيرته. على مر الأحداث، تتّضح مظاهر الكوميديا المأسوية الساخرة ومعالم التهكم الممتعة التي اشتهر بها رينوار. يحمل العمل أيضاً جوانب مشابهة للفيلم الرائعRules of the Game (قواعد اللعبة) الذي يروي قصة صراع طبقي قبل حقبة الحرب. يبدو ميريديث غريباً جداً في هذا العمل، حيث يقدّم دور عاشق مثابر لكن محكوم بالفشل. في المقابل، يخطف فرانسيس ليديرير الأضواء بدور رئيس الخدم الشرير والفاشي بأسلوبه، لكن تبدو شخصيته قاتمة أكثر من أجواء الفيلم ككل.

أخيراً، يمكن اقتناء نسخ منزلية من الفيلم الكلاسيكي The Thief of Bagdad (لص بغداد) الذي صدر في العام 1924 من بطولة دوغلاس فيربانكس. قد يكون هذا الفيلم من أكثر الأعمال الخيالية التي تميّزت بمؤثراتها الخاصة في تلك الحقبة. في النسخة التي أصدرتها شركة “كوهن فيلم كوليكشن” في العام 2013، تتضح قوة فيربانكس الرياضية والمواقع الخلابة التي التقطها المخرجان ويليام كاميرون مينسيز وراوول والش بأفضل تقنية ممكنة. ولا يخلو العمل طبعاً من النفحة الشرقية التي تُميّزه. إنه فيلم ممتع لجميع أفراد العائلة.

مقالات ذات صلة