مجتمع البوتوكس يتنمّر على فنانة لبنانية!
لم يعد مسموحاً السكوت على الإساءات والتعليقات المليئة بمشاعر مغرضة من قبل البعض، من روّاد مواقع التواصل الاجتماعيّ، على عدد لا يستهان به من الشخصيّات المعروفة، سواء في مجال الإعلام وصولاً إلى عالمي الغناء والتمثيل. وآخر هرطقات التنمّر وصلت إلى الممثلة والفنّانة سينتيا كرم، بعد تكبّد البعض من المغرضين على مواقع التواصل الاجتماعيّ عناء ترجمة النفسيّة السوداء التي يكتنزونها من خلال إطلاق مصطلحات معيبة، الأمر الذي دفع الفنّان برونو طبّال إلى كتابة منشور بعنوان “أزمة ثقافة”، قد يكون كافياً للردّ على هؤلاء.
وقال طبّال: “في الأمس، نشر موقع “LBCI” مقطع فيديو من مقابلة عبر “سكايب” لمالك الشريف مع عدد من أبطال مسلسل “بكّير” اللامع، للكاتبة كلوديا مرشليان والمخرج سمير حبشي، منهم سينتيا كرم. وعُنوِنَ الخبر “إطلالة مميّزة لسينتيا كرم”. سررت جدّاً بهذا المنشور، شكلاً ومضموناً، وشعرت بالعزّة والفخر لأنّ “شهادتي مجروحة”. لكنّي صُعقت بعدد مريب من التعليقات التي طالت شكل سينتيا وشعرها وظهورها دون ماكياج، وهي لا تخفي تجاعيد وجهها ولا آثار مرور الأعوام التي لا مفرّ منها.
منهم من تنمّر، وهي صبية كادت تفقع شفتيها من كثرة النفخ، وكتبت: “هيدي سينتيا ولّا كرم”… غيرها سخر: “شو بشعة”، ومنهم من تعجّب من شعرها الـcurly”.
وأضاف برونو في منشوره: “يا لغباء وجهل المعلّقين. حاولت تجاهل كلّ ذلك لكنّي لم أقدر، ليس لأنّها سينتيا كما قد يظنّ البعض، بل لأنّنا نعيش في مجتمعات، من الخليج إلى المحيط، تمرّ بأزمة ثقافة وعصر انحطاط لا سابق لهما. فقرّرت أن أكتب، لأنّ صدّ هذا النوع من التفكير الفارغ والسخيف بات ضرورة، والتثقيف بات ضرورة، حيث اجتاحت المعايير المتدنّية تلك، شاشاتنا وفنّنا ويوميّاتنا، خصوصاً، وأنّي لم أرَ أيضاً أحدهم يناقش مضمون المقابلة وعمق الحديث، أو موهبة سينتيا الخارقة وتميُّزها في أداء هذا الدور. فسألت: ما هو الجمال؟ هل هو معيار موحّد؟ هل هو شفاه تشبه شمبريار ووجوه محيّرة أصبحت تشبه تماثيل الشمع أو الـtravestis؟ هل هو فنّاناتنا اللّواتي لم تعد وجوههنّ تعبّر عن أيّ “expression” من كثرة الشدّ والتجمّد؟
إن كانت هذه معاييركم “للإطلالة المميّزة”، فلا عجب أنّ مجتمعاتنا الشرقيّة تعيش كلّ هذا البؤس والتخلّف والرجعيّة والتعاسة والجمود”.
وتابع: “مجتمعات نسيت كلمة “طبيعيّ”، نسيت جمال التجاعيد وإرثها، مجتمعات نسيت الكتب وتفرّغت للأرغيلة. نسيت أنّ الجميل بالنسبة إليك، قد يكون غير جذّاب بالنسبة إلى شخص آخر.
نعم، سينتيا جميلة، طبعاً في نفسها وقلبها أولّاً، شاء من شاء وأبى من أبى. وهي جميلة وسكسي وجذّابة عندما يلزم الأمر، وبائسة وتعبة عندما يلزم الدور.
فالممثّل بموهبته وليس بالـ”بوتوكس” في وجهه. وهي ممثّلة بمواصفات عالميّة”.
برونو الذي أرفق منشوره بصورة تجمع أهمّ نجمات هوليوود اللواتي افتخرن بإبراز جمالهنّ الطبيعيّ، قال: “ماذا يجمع بين كلّ هذه الوجوه في الصورة المرفقة؟ مريل ستريب، كريستن سكوت توماس، مونيكا بلوشي، صوفيا لورين، أندي مكدويل وكامي كوتان؟ ممثّلات لامعات، لا بل نجمات من الصفّ الأوّل، أيقونات بإبداعهنّ وبموهبتهنّ وبجمالهنّ وبالكاريزما التي تتمتّعن بها.” فكلّ تلك، كنّ وما زلن مثالاً للجمال الطبيعيّ والجاذبيّة، من دون أن يلجأن إلى الشدّ والنفخ وتجليس الأنف، والإفراط بالماكياج، ليصبحنَ مخيفات كتماثيل الآلهة الأفريقيّة. لم يخفين تجاعيدهنّ وترهّل جلدة الوجه والعنق. فهنَّ متصالحات مع أنفسهنّ، مع أعمارهنّ، مع حتمية مرور الزمن علينا جميعاً، فناؤنا الذي لا مفرّ منه، وعشنَ بتحرّر من قيود “ثقافة الشباب الأزليّ” الكاذب، ونظريّة “جاذبية الأنثى تنتهي في الثلاثين” الشاذّة”.
ولفت طبال إلى أنّ “القاسم المشترك بينهنّ وبين سينتيا كرم، برأيي المتواضع، هو الموهبة اللامتناهية والجمال الحقيقيّ. نعم، الحقيقيّ، غير المصنّع الذي ينبع من مضمون وحريّة وتحرّر وذكاء. فكلّ نجمة منهنَّ قدوة للأجيال الصاعدة وللفتيات اللواتي يبحثنَ عن أمثلة عليا ليبنينَ مستقبلهنَّ وليلعبنَ دوراً إيجابيّاً وفعّالاً في المجتمع”.
وختم: “نصيحتي اليوم لمجتمعاتنا العربيّة واللبنانيّة خاصّة: حرّروا أذهانكم واستعملوا عقولكم، فهي ليست للزينة، بل هي هبة من الخالق لنقدّر ما خلق… ونتصرّف بحكمة ووعي. افتحوا عيونكم، فالدنيا أبعد من قصر بصيرتكم، ومليئة بكلّ جميل ومتنوّع وغنيّ. ليتكم تتصرّفون كبشر”.
(النهار)