صحة

فضيحة المستشفيات.. احتكار للمستلزمات الطبية وابتزاز للمرضى؟

فضيحة اخترقت جدار الأزمة الواقعة في القطاع الاستشفائي، فالمستشفيات التي رفعت الصوت أكثر من مرة لعجزها عن تحمّل تكاليف المستلزمات الطبية المرتفعة، وتحذيرها المتكرّر من وقوع كارثة صحّية، تقوم اليوم باحتكار وتخزين المستلزمات الطبية في مستودعاتها، مشترطة الحصول على مستحقاتها المالية من الدولة والجهات الضامنة، أو رفع الأسعار أضعافاً. وتمتنع المستشفيات عن استخدام مخزونها، ما يجعل من ممارساتها عملية ابتزاز للمرضى في هذا الظرف الراهن الصعب.
تلك الفضيحة فجّرها رئيس “الهيئة الوطنية الصحية الإجتماعية – الصحة حق وكرامة” الدكتور اسماعيل سكرية، مطالباً وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور حمد حسن، بفتح ملف المستلزمات الطبية، وإطلاع الرأي العام بالتفاصيل على مصير المساعدات التي وصلت إلى لبنان، والتي كشفت عن مخزون سابق متراكم لم يوزع، وبعضه بات مهدّداً بفعل عدم مراعاة المعايير السليمة للحفظ.

فوضى القطاع
يشدّد مدير عام وزارة الصحة بالإنابة، الدكتور فادي سنان، على أن الوزارة لا تملك أي فكرة عما يوجد في مستودعات المستشفيات الخاصة من مستلزمات طبية “ولا يحق لنا التدخل بها. فهي مؤسسات خاصة مستقلة”، على ما يقول في حديثه إلى “المدن”. ومقابل تأكيد سنان يأتي نفي نقيب المستشفيات سليمان هارون لاحتمال تخزين المستشفيات للمستلزمات الطبية، وحجبها عن المرضى. ويقول في حديثه إلى “المدن” لا يمكن للمستشفيات أن تخزن مستلزمات طبية فهناك مئات الأصناف غير قابلة بطبيعتها للتخزين. المستشفيات تعمل على تحديد طلبياتها لسداد حاجة لا تتعدى عدة أيام، أو أسبوعين كأبعد تقدير لبعض الأصناف.

وبين تملّص وزارة الصحة ونفي نقابة المستشفيات يستغرب سكرية في حديثه إلى “المدن” عدم تدخّل وزارة الصحة، وتنصّلها من مسؤولياتها كوزارة وصاية وإشراف على القطاع الاستشفائي، معتبراً أن عدم ممارسة الوزارة دوراً رقابياً على المستشفيات ومساءلتها، لا يُمكن أن يُفهم سوى تواطئ مع المستشفيات. وإذ يشدّد على عدم صدقية المستشفيات يؤكد أن معظم المستلزمات الطبية قابل للتخزين، ولا يمكن إنكار أن المستشفيات تحتكر كميات كبيرة من المستلزمات، وتحقق أرباحاً ضخمة منها ومن كافة التقديمات الأخرى.

تلاعب بالأسعار
وفي موضوع التلاعب بالأسعار يذكّر سكرية بما كشفه مراراً عن ألاعيب وسمسرات وأسعار غير واقعية للمستلزمات الطبية، ويأخذ مثالاً السيخ البرازيلي البالغ سعره 300 دولار، لكنه يسجل على المريض أوروبياً بسعر 3 آلاف دولار، متسائلاً عن مصير مليارات الدولارات في أيدي مستوردي وسماسرة المستلزمات الطبية وحرس الفساد في جمارك المرفأ، حيث كانت المستلزمات المعدنية تقيّم بالوزن فقط لا بالقيمة التصنيعية.

تتدخل وزارة الصحة، وفق سنان، في موضوع تسعير المستلزمات الطبية في فواتير مرضى الوزارة فقط. وهي تتفاوض مع المستشفيات وتتابع معها هذا الملف “منعاً لتكبيد مرضى الوزارة فروقات الأسعار بالمستلزمات الطبية”، يقول سنان، وقد توصلنا معهم الى مجموعة حلول ترتبط بمرضى الوزارة.

لكن ماذا عن باقي المرضى؟ وهل يمكن تركهم رهينة ابتزاز المستشفيات فيما لو صحت اتهامات سكرية؟ يصرّ سنان على أن وزارة الصحة تتدخل فقط في فواتير مرضاها، أما باقي المرضى فعلى الأطباء المراقبين والعاملين لحساب الجهات الضامنة ضبط تلك التجاوزات في حال وقعت. كما على المرضى، وفق سنان، الامتناع عن سداد فواتير ضخمة، ما لم يتم التحقق من دقتها بعد الاستعانة بالجهات الرقابية التابعة للمؤسسات الضامنة.

ويصرّ هارون على التزام المستشفيات بلائحة أسعار المستلزمات الطبية، الموضوعة من قبل الضمان الاجتماعي، مجدّداً المطالبة بتحديد آلية لتسعير المستلزمات الطبية على غرار آلية تسعير الدواء والتي تتضمن تحديد السعر في بلد المنشأ وتكلفة الشحن والتكاليف الجمركية، مع إضافة هامش الربح للمستورد “أما اليوم فلا آلية محددة لتسعير المستلزمات، إنما يتم التسعير بين المستورد والضمان فقط”.

ووفق سكرية فإن مخالفات كثيرة ترتبط بممارسات المستشفيات لجهة الاحتكار والتسعير والتلاعب بالفواتير شكّلت محور إخبارات وبلاغات قضائية لم تتم متابعتها أو فتح ملفاتها حتى اليوم. لا، بل تم “تنييمها في أدراج القضاء”.
المدن

مقالات ذات صلة