لبنان

الحريري .. قال كلمته و”لم يمشِ”!

“ليبانون ديبايت” – عبد السلام موسى

مسك الختام مع الرئيس سعد الحريري. كما فعل في إجتماع قصر الصنوبر مع رؤساء الأحزاب، وكان آخر المتحدثين بعد التوافق على المبادرة الفرنسية، قرر، في إطلالته عبر “صار الوقت” بالأمس، أن يكون آخر المتحدثين أيضاً، بعدما أصيبت المبادرة بانتكاسة تكاد تقترب من الإنقلاب السياسي و”الأخلاقي” عليها وعلى لبنان بطبيعة الحال، وأدلى كل بدلوه، بمن فيهم المعطلين القدامى – الجدد، ولكن تحت “سقف” التمسك بالمبادرة.

هنا “بيت القصيد” في كل ما قاله الحريري بالأمس. جردة مكاشفة ومصارحة قدمها للبنانيين بالوقائع، وخارطة طريق إنقاذية استند فيها إلى “الزعم” بتمسك الجميع بالمبادرة الفرنسية، ليوجه دعوة صادقة للعودة إلى أصلها وفصلها، وإعادة النقاش إلى حيث يمكن “أكل العنب” والتقاط “آخر فرصة” للإنقاذ، من خلال الآليات السياسية والاقتصادية والاصلاحية للمبادرة التي تم التوافق عليها في قصر الصنوبر، بعيداً عما أطل به البعض، ولا سيما الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، من كلام يخرج عن هذه الآليات التي وافق عليها ممثله في اللقاء مع الرئيس الفرنسي، النائب محمد رعد، الذي لم يتحفظ إلا على بند الانتخابات النيابية المبكرة.
ما قدمه الحريري بالأمس، هو كلمة سواء حكومية، وإعلان متجدد عن استعداده للقيام بكل ما يلزم لإعادة تحريك محركات التواصل السياسي التي توقفت بالكامل بعد اعتذار الدكتور مصطفى أديب، ووضع المبادرة الفرنسية كنقطة وحيدة على جدول الأعمال، من أجل “عدم تضييع” الفرصة الوحيدة المتاحة لوقف الإنهيار وإعادة إعمار بيروت.

سعد الحريري تجاوز ترشيح نفسه في ما يشبه مبادرة المبادرة، فهو سليل مدرسةٍ سياسية عُرفت منذ بداية الثمانينات بـ”الحريرية الوطنية” التي كانت حاضرة دوماً، مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لانتشال الكيان اللبناني من براثن الخطف والتشويه، من دون منةٍ أو استئذان الجهات التي أمعنت في خراب البلد.

أهمية ما تقدم به الحريري، أنه ينطلق من هذه الحقيقة الساطعة وموقعه الطبيعي والريادي في المعادلة الوطنية، وهو بمثابة “قبلة الحكومة”، سواء كان على رأسها أو مسهلاً لها، “من دون جميلة حدا”، باعتباره إضافة إلى موقعه الوطني، رئيساً لكتلة نيابية وازنة، وزعيماً لتيار سياسي واسع، ورئيساً سابقاً للحكومة، وهذا ما سلمّت به كل القوى السياسية، التي أخذت العبرة من تداعيات تخطي هذه الحقيقة في وقت سابق، وعادت إلى سعد الحريري تقدم له “لبن العصفور”، لكنه أوصى ان يقدموه للناس وليس له ليعود إلى رئاسة الحكومة، أو ليسمي من يحظى بغطائه، كما فعل فعلاً بتسمية أديب.

من استمع الى سعد الحريري جيداً، يقطع الشك باليقين أن جُل ما يريده أن يؤمن للبنانيين “وصفة الإنقاذ” من الإنهيار الذي يعيشونه، كمقدمة للولوج إلى مطالبهم التي عبروا عنها في ثورة 17 تشرين، وهو ما يراه جوهرياً في المبادرة الفرنسية التي أعاد ترشيحها بالأمس، لكبح فرامل هذا الإنهيار و”إعادة إعمار بيروت” بعد نكبة المرفأ في 4 آب، وتنفيذ الإصلاحات التي هي مطلب كل اللبنانيين.

يدرك سعد الحريري أن الأمور باتت أكبر من “متاريس سياسية” يرفعها هذا الطرف أو ذاك، بوجه الشعب اللبناني الذي يعاني ما يعانيه من ويلات سياسات الإنكار التي أوصلت لبنان إلى ما نعيشه من إنهيار.

جوهر ما قاله الحريري أن “المسؤولية تاريخية” على الجميع من أجل إنقاذ لبنان، ولعله قد يكون السياسي الأوحد الذي يعترف بأريحية باشتراكه في المسؤولية، عسى أن تتحرك الضمائر السياسية الساكتة عن دمار لبنان وتلاقيه إلى سياسة “الأبواب المفتوحة”.

قال الرئيس الحريري كلمته و “لم يمش” هذا المرة .. و لا يزال ينتظر على جادة الصواب .. والوطن .. هل من مجيب؟!
lebanon debtae

مقالات ذات صلة