تهديد جدي يطال النقل الحضري.. التنقّل لمن استطاع إليه سبيلاً؟
كتبت زينب حمود في “الأخبار”: تداعيات أزمة المحروقات لا ترتبط فقط بالذل المرافق لطوابير السيارات على محطات الوقود. ثمة تهديد جدي يطال النقل الحضري ما لم تتخذ إجراءات جذرية ضمن سياسة شاملة لإدارة الأزمة. وفيما تغيب حالياً الخطط اللازمة لتسيير القطاع، لا يبدو خيار «النقل السلس» بديلا يعول عليه، فيما لن تنجح حكماً سياسة دعم البنزين للسائقين العموميين في معالجة الأزمة المتفاقمة. وعليه، من الممكن جداً أن يصير التنقل فقط لمن استطاع إليه سبيلاً!
اليوم، مع تفاقم أزمة المحروقات بفعل الانهيار الاقتصادي، بات قطاع النقل الحضري، المُترهّل أساساً، مُهدّداً بـ «التفكك»، على ما يقول المهندس المتخصص في قطاع النقل رامي سمعان لـ «الأخبار».
وفيما يجري الحديث عن «استغلال التحديات» التي تعصف بالقطاع للتوجه نحو «النقل السلس» (تعزيز المشي واستخدام الدراجات الهوائية وغيرهما)، الصديق للبيئة والكفيل بتخفيف الازدحام الخانق، يؤكد سمعان أن النقل السلس «لن يمنع الفوضى العارمة التي ستحل من جراء تفكك النقل البري ما لم يتم الاتفاق على حلّ سياسي جذري يستثمر في قطاع النقل المشترك ويؤمن الثقة لمموّليه». ويُضيف: «هذا الاستثمار، إن حصل، سيستغرق سنوات، فيما المواطنون متروكون لمواجهة مصيرهم».
يلفت سمعان الى أن «النقل السلس» كفيل بتخفيف الأزمة بشكل محدود، «لكن لا يعوَّل عليه لسببين؛ الأول يتعلق بتنظيم هذا النقل، وهو أمر غير متاح في لبنان حالياً، من أرصفة مخصصة للمشاة تنكفئ عنها المحال وصولاً إلى خطوط محمية على الطرقات مخصّصة للدراجات الهوائية»، والسبب الثاني الذي يتعلّق بعدم قدرة «النقل السلس» على تلبية احتياجات الجميع، «فهناك أشخاص لا يرغبون في قيادة دراجة هوائية وآخرون لا يمكنهم ذلك».
الحديث عن «النقل السلس» كخيار بديل يأتي لما يُمثّله من خطوة مهمة للتخفيف من حدة الاختناقات المرورية، كما أن الترويج لاستخدام الدراجات الهوائية تمثّلاً بنماذج أوروبية، لا يأتي من منطلق بيئي فقط، بل من منطلق صحي أيضاً (بحسب المجلة الطبية البريطانية BMJ، فإنّ الناس الذين يذهبون إلى عملهم يومياً مستقلين الدراجات الهوائية أقل عرضة للإصابة بمرض السرطان بمعدل 45% وأقل بـ46% للإصابة بأمراض القلب والشرايين ممن يستقلون السيارات).
المصدر: الأخبار