لبنان

الدولار همّ اللبنانيين الوحيد… هل نصبح مثل بيافرا؟

لا نكتب لمجرد الكتابة. ولا نكتب من أجل جعل الناس ييأسون أكثر مما هم محبطون. ولا نكتب من أجل أن “نزيد على قلوبهم”، لأن ما فيهم يكفيهم. لكن الواقع المأزوم الذي نعيش فيه في زمن الـ”كورونا”، وفي زمن “القلة التي تولّد النقار”، يحتّم علينا كشف بعض عورات أهل السلطة، الذين لا يزالون، على رغم كل المآسي، يفكرّون بمصالحهم الخاصة وبالكراسي.

هل يعلم هؤلاء، وهم على ما نظّن في غيبوبة، أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية، الآخذ في الإرتفاع يومًا بعد يوم، سيأكل تلقائيًا الراتب الهزيل الذي يتقاضاه الموظف والعسكري، وأن راتب شهر بكامله لم يعد يكفي لـ”تحويجة” يوم واحد؟

هل يعلم “أهل الكهف” أن هناك الكثير من العائلات اللبنانية ينام افرادها من دون عشاء، لأن ليس لديهم ما يكفيهم لليوم الثاني؟

هل يعلم هؤلاء الذين لا يزالون يعتقدون أن في إمكانهم إنقاذ الوطن، بعدما فشلوا فشلًا ذريعًا، أن هناك الكثير من اللبنانيين يتمنون لو أنهم من عداد النازحين السوريين، الذين لا تزال تأتيهم المساعدات الخارجية بالدولار الأميركي، وقد أصبحت حالتهم المعيشية أفضل بكثير من بعض اللبنانيين، الذين “يشتهون العضّة بالرغيف”؟

ويسأل السائلون: كيف يستطيع ذاك المسؤول، بعد كل هذه المشاهد اليومية المبكية، أن ينام على وسادته مرتاح البال وكأن الأمور في البلد ماشية على خير ما يرام.

كيف يستطيع كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف الإستمرار في سياسة المماطلة والتسويف في موضوع تشكيل الحكومة، وقد يأتي يوم لا تعود تنفع فيه المعالجات العادية المنتظرة من أي حكومة؟

لم يعد موضوع تشكيل الحكومة من أولويات الإهتمامات لدى المواطن اللبناني، الذي لم يعد يهمّه سوى تتبّع أخبار الدولار ومدى تأثير إرتفاع سعره على القدرة الشرائية لليرته بعدما أصبحت في حالة يُرثى لها.

عندما كان يُقال لنا إننا سنضطر لأن نأخذ كمشة من الليرات اللبنانية، من فئة خمسين ألف ليرة وما فوق، بالشوال من أجل شراء كيلو لحمة وربطة خبز والقليل من الفاكهة والخضار، كنا نضحك في سرّنا. لم نكن نتصورّ أن يأتي ذاك اليوم، الذي لم يعد لليرة اللبنانية أي قيمة تُذكر، مع العلم أن بعض المسؤولين كانوا لا يزالون يردّدون وحتى الأمس القريب أن الليرة بألف خير، وقد حُرك القضاء والقوى الأمنية لتوقيف كل من يرّوج أخبارًا “مغرضة” وشائعات عن تدهور قيمة الليرة.

إلى أي منزل ندخل لا نسمع سوى حديث واحد: جنون الدولار ومعه جنون الأسعار. إنه حديث الساعة، مع ما يرافق هذا الحديث من قلق وخوف على المستقبل، فيسأل السائلون القلقون والخائفون: ماذا بعد؟ هل هذا هو “جهنم”، الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية؟

ولا يقّل أهمية عن الحديث السابق الكلام على أن لبنان مقبل على عتمة شاملة. هذا ما سيُعرف اليوم من بعد أن ينتهي إجتماع اللجان المشتركة. المهلة هي فقط 17 يومًا. على أغلب الظن أن أعضاء اللجان سيقرّون السلفة لمؤسسة كهرباء لبنان، ولكن بحدّها الأدنى وبشروط قاسية، من دون أن نعلم أو يعلم المواطن اللبناني من أين سيأتون بالدولارات لتأمين “الفيول”؟

بالطبع الجواب البديهي هو من ودائع الناس ومما تبقّى في جيوبهم، على قلّة ما فيها. هذا سبب إضافي لغضب الشعب. إستفيقوا من سباتكم قبل فوات الآوان.

Lebanon 24

مقالات ذات صلة