أديب يعيد إلى “الطائف” مكانته… وعون لن يوقّع “عَالعمياني”
ما لا خلاف عليه، وفق التسريبات الإعلامية، أن الرئيس المكّلف مصطفى أديب سيزور قصر بعبدا اليوم وسيقدّم إلى رئيس الجمهورية تشكيلته الحكومية “الغير شكل”، والتي لا تشبه أي حكومة سابقة، لأنها لا تضم حزبيين بالمعنى الحصري للكلمة، وليس فيها مستشارين كما كانت عليه حكومة حسّان دياب، خصوصًا أن تشكيلة أديب لم تُخضع المرشحين لتولي منصبًا وزاريًا لأي إمتحان كما فعل البعض مع وزراء الحكومة السابقة، وهي تشكيلة تضم إختصاصيين من الطراز الأول غير معروفين لبنانيًا، لكنهم معروفون عالميًا، ومن بينهم أسماء لامعة سجلوا في تاريخهم المهني أكثر من علامة مشرّفة، والأهم أن من بين الأسماء من هم من أهل الثورة أو قريبون منها.
أما ما هو محل خلاف فهو ما يتعلق بردّة فعل الرئيس ميشال عون وكيفية تعاطيه مع تشكيلة أديب، سواء بالقبول، وهو أمر مستبعد بحجّة أن لرئيس الجمهورية رأيًا في الأسماء التي ستتكون منها الحكومة الجديدة، وهو ربما سيستمهل الرئيس المكّلف بضعة أيام، على رغم “التطويق الفرنسي، وذلك من أجل التشاور مع حلفاء العهد، وهذا ما لم يفعلة أديب، أو بالتريث، وهو المرجّح إستنادًا إلى التبريرات السالفة الذكر، يضاف إليها ما تروّج له دوائر القصر الجمهوري بأن الرئيس عون ليس “باش كاتب”، وهو لن يوقّع على تشكيلة لم تكن له فيها لمسات أو مساهمات أو بصمات عونية أو باسيلية على رغم تأكيد الوزير السابق جبران باسيل أنه لم ولن يتدّخل في التشكيلة الحكومية، وهو بالتالي غير مشارك فيها وغير معني بتركيبتها، على خلاف ما كان عليه في الحكومة السابقة.
جلّ ما فعله الرئيس دياب أنه طبّق ما جاء في مندرجات أتفاق الطائف لناحية ما أعطاه من صلاحيات حصرية لرئيس الحكومة أو للرئيس المكّلف، والذي تحدّث عن أن الرئيس المكّلف يشكّل حكومته وفق ما تنص عليه الفقرة 4 من المادة 53 (توقيعه مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية)، والفقرة 2 من المادة 64 (اجراء استشارات نيابية لتأليف الحكومة)، وهذا ما فعله الرجل يوم إستمزج آراء الكتل النيابية في الإستشارات غير الملزمة، وبذلك يكون قد أعاد إلى “الطائف” مكانته وهيبته ومرجعيته على أنه الدستور الوحيد المعمول به في لبنان بعد إتفاق الطائف وحتى إشعار آخر.
أما لماذا لم يستشرالرئيس أديب الأحزاب السياسية في عملية التأليف فلأنه وبكل بساطة لم تخطر على باله فكرة توزير أحد من المحسوبين على الأحزاب السياسية، وهذا ما يريده اللبنانيون جميعًا بعدما جرّبوا على مدى سنوات طويلة هذا المعيار، الذي أثبت فشله الذريع من خلال معظم الحكومات المتعاقبة، والتي أدّت سياساتها إلى ما وصل إليه لبنان من حالة إفلاس.
وردّا على ما يقوله البعض من أن الثقة النيابية، التي ستعطى للحكومة أو ستحجب عنها، تعود إلى الكتل النيابية، التي لم تُستشر، وهي قادرة إذا ما قررت حجب الثقة عنها، يجيب بعض اصحاب الإختصاص بأن من الأجدى أن تأخذ اللعبة الديمقراطية والبرلمانية مداها في تطبيق الدستور وليتحمّل كل فريق من الفرقاء، الذين يلوحّون بإمكانية حجب الثقة عن التشكيلة الحكومية، في حال توقيع رئيس الجمهورية عليها، مسؤوليته التاريخية في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به لبنان.
المصدر: لبنان 24