الراعي أزاح الستارة عن متحف المطران بو جودة الأبرشي ومشروع بيت الفتاة في كفرفو
شارك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في حفل الغداء الذي أقيم على شرفه في دير مار يعقوب في كرم سده، في حضور المطارنة جورج بو جودة، يوسف سويف، منير خيرالله وراعي ابرشية طرابلس والكورة للروم الكاثوليك إدوار ضاهر ولفيف من الكهنة.
وألقى النائب العام الخوراسقف انطوان مخايل كلمة قال فيها: “إن هذا المكان يذخر بذكرى رجالات كنيسة ووطن تفانوا في خدمة القطيع: من المطران بولس موسى الذي كان أول من أعاد بناء الدير، وسكن فيه، مرورا بالمطران اسطفان عواد، وأنطون عريضة (البطريرك) القديس، وأنطون عبد، وأنطون جبير، وجبرايل طوبيا، ويوحنا فؤاد الحاج، وصولا إلى المطران جورج بو جودة. كما وتشهد ممرات هذا الدير المبارك وحناياه على مرور سلسلة طويلة من الكهنة القديسين، تاركين فيه بصمات لا تمحى”.
الراعي استقبل وفدا من أبرشية طرابلس المارونية
ظهور إصابات في رعايا أبرشية البترون.. وتعميم الى الكهنة
أضاف: “لقد أردتم، يا صاحب الغبطة، أن تدشنوا في زيارتكم الكريمة هذه “متحف المطران جورج بو جودة الأبرشي” في كرسي مار يعقوب، والذي شاء سيادته أن يتوج به- مع مشروع “بيت الفتاة” في كفرفو- خدمته الأسقفية، تاركا للأجيال القادمة مكانا يحتضن ذاكرة الأبرشية الدينية والوطنية، ويحافظ على إرث الآباء والأجداد، عابقا ببخور الماضي المقدس، وناقلا صدى السنين المباركة. إن حضوركم الأبوي بيننا اليوم لخير دليل على محبتكم لهذه الأبرشية. نصلي إلى الرب، بشفاعة الملاك ميخائيل، صاحب العيد، أن يمنحكم أياما مجيدة، لتبقوا العين الساهرة على رعاية قطيع المسيح الصغير، الذي أوكله الله لكم. أدامكم الله وأبقاكم ذخرا للكنيسة والوطن”.
وبعد الغداء انتقل الجميع الى صالون الدير حيث حيا البطريرك المدعوين المشاركين في حفل افتتاح المتحف، وبينهم النائبان اسطفان الدويهي وجوزاف اسحاق، النائب السابق جواد بولس، رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير، رئيسا بلديتي كفرفو ايلي مناسا وكرم سده سليم ساسين ورئيس فرع مخابرات الجيش في زغرتا العقيد الركن طوني انطون.
وألقى المهندس روجيه مخول كلمة قال فيها: “لقد بنيت وحميت وجعلت للضال مذبحا، وللمؤمنين كنيسة، ولليتيم ملجأ، وللمسنين راحة، وللعائلة وللمرأة وللطفل وللشباب كيانا، وها انت اليوم تجعل للتاريخ وللتراث ملجأ. لقد كان همك حماية تراث ابرشيتنا الغني بمقتنياته وامجاده، ورغم كل العوائق المادية والسياسية، ورغم جائحة الاوبئة، ورغم كل الظلام المستفحل والمطبق على صدورنا، ها انتم اليوم تضيؤون شمعة في سواد هذا الليل الداكن. فليدون تاريخنا اليوم، ولنهلل فرحا بحضور راعينا صاحب الغبطة والنيافة، ولنتصفح معا صفحات انطوت وازهرت، علنا نستخلص عبرة، علنا نبني المستقبل، ولنبشر”.
بو جودة
من ثم كانت كلمة لبو جودة قال فيها: “في أيلول سنة 1977 عينت رئيسا لدير مار يوسف للآباء اللعازاريين في مجدليا، وكان مهدما أثناء حرب السنتين، فإستأجرت شقة في مجدليا للاقامة فيها مع الكهنة الذين كانوا معي، وتفرغنا للعمل الرسولي والتبشيري في مختلف رعايا أبرشية طرابلس وزغرتا ومنطقة الجبة على عادة جمعيتنا التي تحمل رسميا إسم “جمعية الرسالة”، والتي كان الأساقفة يكلفونها القيام بهذه المهمة، فيمضون في الرعايا فترة طويلة من الزمن يرافقهم شخص يهتم بتأمين الطعام لهم، في ختام الرسالة كانوا يؤدون الحساب لمطران الأبرشية عن نتيجة عملهم، فيطلب منهم أسماء الذين لم ينقوا ضميرهم ويعترفوا بخطاياهم. مع تطور الحياة ووسائل التواصل، أصبح بالإمكان التنقل بالسيارات إلى القرى والرعايا والعودة إلى الدير، توفيرا على الأهالي، ولأن معظم الرعايا كانت تفرغ تقريبا من السكان أثناء النهار. وكان يرافقنا في العمل الرسولي والتبشيري عدد من الشبان والصبايا الجامعيين للإهتمام بالأولاد والشبيبة وتنظيم اللقاءات لهم”.
أضاف: “من الأمور التي لاحظناها، هو أنه في معظم الرعايا كتب ومخطوطات قديمة وقيمة، وكاسات القداس والمباخر وغيرها من الأمور التي تستعمل في الإحتفالات الليتورجية، موضوعة جانبا، غير مستعملة، كالغفارات وبدلات القداس المرصعة بخيطان ذهبية وغيرها. لقد وضعت جانبا لأن الميل إلى التجديد أصبح عاديا وصار بإمكان الرعايا تأمين الكاسات الجديدة إما بالحصول عليها من المغتربين وإما من المحلات التجارية التي تخصصت ببيع الأدوات الليتورجية. المؤسف في الأمر هو أن عددا من المسؤولين في الأوقاف لم يعرفوا قيمة تلك الكتب المخطوطة بالسريانية والملابس البيعية، فتتعرض للإتلاف. وقد رأيت في إحدى الرعايا كتاب الحاش يسند عليه وكيل الوقف السلم ليصعد إلى التتخيتة، فتتشلع أوراقه، ثم يرمى أو يحرق. كنت ألفت الإنتباه إلى ذلك، وأحذر المسؤولين من خطورة ذلك، وأدعوهم ليحافظوا على كل هذه الأمور في الخزانات، حفاظا على قيمتها الأثرية، فيقبل البعض بذلك، ولا يكترث البعض الآخر بها”.
وتابع: “وهكذا ولدت عندي فكرة في أن أسعى، بعد أن تسلمت مقاليد الأبرشية، الى إنشاء متحف، ولو صغير، توضع فيه كل هذه الأمور. كما اهتممت بتكريس قسم من بناء الدير هنا في الدار الأولى للمطرانية لترتيب الأرشيف التي كان يهتم بها من أسميه الكومبيوتر الحي الخوري فريد حبقوق، لأن المكان الذي كانت توضع فيه الكتب والمخطوطات كان ضيقا فتكدس فوق بعضها البعض ويأكلها العث والفئران. الأرشيف تنظمت وهي الآن في طور المكننة وهي بحاجة ماسة إلى المتابعة بتخصيص أحد الكهنة أو العلمانيين لمتابعتها مع الخوري فريد، وهي مهمة أسلمها لأخي وخلفي المطران يوسف سويف الذي يعرف جيدا ويقدر قيمة هذه الكتب الليتورجية بما أن ذلك هو اختصاصه ويقوم بتنظيم الليتورجية على أكمل وجه”.
وقال: “أما هذا المتحف الصغير الذي تدشنونه اليوم يا صاحب الغبطة، فلقد أردت أن يكون مثلا لمختلف الرعايا لتنشئ هي بدورها المتاحف الرعوية، تحافظ فيها على كل ما فيها من كتب ليتورجية وكؤوس ومباخر وغفارات وشعاعات لزياح القربان وغيرها من الأمور. وفي ختام خدمتي الأسقفية في هذه الأبرشية التي أحببتها والتي أردت وألحيت على الحفاظ على وحدتها نظرا لأهميتها التاريخية، وبعد أن حصلت على مبلغ من المال من خلال خدمتي فيها، في ما يسمى دخل البطرشيل، أردت أن أقدم لها هذا المتحف كتذكار يبقى ويدعو أبناء الأبرشية، كهنة وعلمانيين، للصلاة من أجلي في حياتي، وبعد موتي، ويذكروا معي في الصلاة، كل الآباء اللعازريين الذين خدموا هذه الأبرشية منذ أكثر من مائتي سنة، ولذلك وكذلك قررت أن أسمي المقر الذي بنيته في عكار، في بلدة القبيات، مركز القديس منصور الرعوي، ووضعت في الحديقة المحيطة به شخص هذا القديس الذي عرف بأب الفقراء، والذي كان شعاره: روح الرب علي، فقد أرسلني لأبشر المساكين”.
وشكر “إخوتي الكهنة في هذا الدير، وبصورة خاصة الخورأسقف أنطوان مخايل، والخوري عزت الطحش، والخوري سيمون جبرايل، والخوري أنطونيو نفاع الذين تحملوا ويتحملون مسؤولية النشء في إكليريكية مار أنطون البادواني. والشكر الكبير للمهندس الأستاذ روجيه مخول الذي صمم ونفذ وكرس وقته عاملا مع العمال هذا المشروع مجانا، لا بل مساهما ماديا في تكاليفه”.
وأوضح أن “الطابق الأول من بناء هذا المتحف والذي كان مسكنا للراهبات عندما كن يهتممن بالأولاد يوم كان الميتم الذي أصبح اليوم في كفرفو، قد تحول إلى مركز للإصغاء ومرافقة الأزواج المتعثرين في حياتهم الزوجية، وإلى مركز لاختصاصيين في علم النفس لمرافقة الإكليريكيين والكهنة الذين يعانون من صعوبات في حياتهم الكهنوتية”. وقال: “اسمحوا لي، بهذه المناسبة، ومن دون أن أتكلم مرة جديدة بعد انتقالنا من هنا إلى مؤسسة مار أنطون الإجتماعية في كفرفو والمعروفة بإسم الميتم، أن أرجو من غبطتكم مباركة المشروع الملحق بالمؤسسة والذي سيستقبل 14 فتاة ينهين دراستهن حتى الشهادة التكميلية ولا يعود بالإمكان استقبالهن في المؤسسة لأن وزارة الشؤون الإجتماعية لا تعود تتكفل بهن. هذا المشروع أطلقته منذ سنتين، عند إحتفالي باليوبيل الذهبي لسيامتي الكهنوتية، وقد طلبت من الذين يريدون أن يقدموا لي أية هدية، أن يستعيضوا عن ذلك بالمساهمة بتمويل بناء هذا المركز. وقد لبى الدعوة لغاية الآن عدد من المحسنين اسمحوا لي أن أذكر منهم: السيد جورج شبطيني، السيد يعقوب السمور والسيد فرانسوا الشدياق تخليدا لابنته ريا التي استشهدت على يد أحد المجرمين. هذا المشروع أيضا هو من تصميم وتنفيذ المهندس روجيه مخول الذي عمل ليلا ونهارا، وبكل مجانية، مشاركة معنا بهذا العمل الإنساني، والذي أود أن أقدم له عواطف الشكر والامتنان على كل ما قام ويقوم به في خدمة الأبرشية”.
وختم بو جودة شاكرا “راهبات العائلة المقدسة وأخص بالشكر رئيسة المؤسسة الأخت ماتيلد ساسين على كل ما قمن ويقمن به في خدمة المؤسسة وأولادها بروح التفاني والمحبة”.
قص الشريط
بعد ذلك جرى قص الشريط التقليدي لمتحف جورج بو جودة الابرشي، ثم كانت جولة للبطريرك في داخله، القى بعدها كلمة جاء فيها: “ان الحرب في لبنان لم تنته لان هناك أشخاص تريد أن تطوي صفحات التاريخ، ولذلك يكتسي هذا المتحف أهمية كبيرة، واطلب من كل زائر ان يعود إلى جذوره وتصحيح الحاضر والتطلع إلى المستقبل. كما نتأمل من المسؤولين في لبنان ان نرجع لنرى من نحن، وأن نعيش حاضرنا دون ضياع، ولنا عودة إلى هويتنا الأساسية. وبالتالي نتأمل ان يكون هذا المتحف خطوة لمعرفة ذواتنا”.
وختم الراعي زياراته في مؤسسة مار انطون الاجتماعية في كفرفو، المعروفة باسم (الميتم)، حيث كانت له جولة في اقسام المبنى، واستمع الى شروحات من رئيسة المؤسسة الاخت ماتيلد ساسين، ثم ازاح الستارة عن لوحة تؤرخ لبدء العمل بمشروع بيت الفتاة الجديد، كما استمع الى شرح عنه من مخول.