لبنان منكوب اقتصادياً.. وسلع “مدعومة” تهرب إلى سوريا
بعد المازوت والطحين والدولار، انضمت المواد الغذائية إلى السلع المهرّبة من لبنان الذي يرزح تحت أزمة اقتصادية خانقة، إلى سوريا لتزيد من أعباء اللبنانيين المكويين بنيران الأسعار المُلتهبة أصلاً وتعزز فرص تحكم التجار واحتكارهم للأصناف الأساسية.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أثار هذا الموضوع منذ يومين من خلال إشارته إلى “أن هناك جهداً لترشيد موضوع السلّة الغذائية المدعومة وفق سعر الصرف الرسمي للدولار”، وقال “لا يخفى أن استغلالاً وتهريباً يحصلان، ونعمل على أن تكون هناك بطاقة لكل لبناني للشراء بقيمة 1515 للدولار بهدف دعم المواطن”.
ويتقاطع كلام الحاكم مع معلومات حول تهريب المواد الغذائية من منطقة البقاع إلى سوريا، حيث يعمد تجار سوريون إلى شراء كميات كبيرة من مادتي الأرز والسكر بالليرة اللبنانية بزيادة عن أسعار السوق، لتهرّب هذه المواد بشاحنات إلى سوريا عبر طرق غير شرعية مستحدثة عند الحدود الجبلية في البقاع الشمالي.
تهريب “بالشوالات”
إلا أن مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر الذي أقر بوجود عمليات تهريب، أوضح “أن التهريب للمواد الغذائية، لاسيما السكر يتم عبر “الشوالات” أي ليس من خلال الشاحنات”.
بدوره، أكد مختار منطقة الهرمل الحدودية مع سوريا ناصر الهئ: “أن عمليات التهريب للمواد الغذائية إلى سوريا تتم بطرق فردية وليس عبر الشاحنات، بحيث يتم تهريبها “بالشوالات” عبر درّاجات هوائية وأحياناً سيراً على الأقدام، لأن الجيش اللبناني أقفل معظم المعابر غير الشرعية على الحدود ويُقيم حواجز ثابتة على المعابر الشرعية”.
ومنذ عام تقريباً، بدأ سعر صرف الليرة مقابل الدولار يخرج من قاعدة التثبيت التي أرساها مصرف لبنان لعقود، فتخطّت العملة الخضراء السعر الرسمي المُحدد بـ1515 للدولار الواحد، ليصل إلى عتبة العشرة آلاف منذ أشهر قبل أن يتراجع بشكل طفيف ليستقر بين السبعة آلاف والثمانية مع إعادة فتح مطار بيروت بعد إقفال فرضه فيروس كورونا فضلاً عن سلسلة التعاميم التي يصدرها مصرف لبنان من وقت لآخر لدعم بعض القطاعات.
وفي السياق، كشف مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر “أن الميزانية المرصودة لدعم المواد الغذائية وفق سعر صرف الدولار الرسمي (1515) هي 210 ملايين دولار شهرياً، وخلال الأشهر الثلاثة الفائتة (أي 630 مليون دولار) لم يتجاوز الدعم مبلغ 240 مليون دولار بحده الأقصى”. إلا أنه أوضح “أن بعض السلع مثل السكر تخطى الميزانية المرصودة له للدعم، لأنه يدخل كمادة أوّلية في صناعة معظم المصنوعات الغذائية، لكن لا يعني بالضرورة أن السكر يُهرّب إلى الخارج”.
إلى ذلك، قال “أرسلنا كوزارة كتابين إلى مديرية الجمارك الموكلة بمراقبة الحدود من أجل مكافحة التهريب”.
وأوضح “أن البطاقة التي تحدّث عنها حاكم مصرف لبنان تدرس بشكل جدي، على أمل وضع آلية بشأنها مع تشكيل الحكومة الجديدة”.
وفي حين طالب وزير الاقتصاد برفع الدعم عن بعض السلع، لأن أسعارها ارتفعت ضعفين، ما يعني أن التجار يستفيدون من دعم مصرف لبنان لشراء مواد بسعر منخفض وبيعها للمستهلك بأضعاف، شدد مدير عام وزارة الاقتصاد على “أننا ضد رفع الدعم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة جداً، لكن في الوقت نفسه يجب المحافظة على الاحتياطي الإلزامي، وذلك عبر بطاقة الدعم”.
التهريب حتمي
من جهته، أشار نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي إلى “أن أي سلعة غذائية في السوق يكون سعرها أقل من السعر العالمي ستُهرّب حتماً إلى الخارج، وهذا ما يحصل في لبنان”.
وأوضح “إننا نبّهنا من استنزاف الاحتياطي بالدولار عبر دعم السلة الغذائية، ويجب أن يكون الدعم عادلاً بحيث يطال الشرائح المحتاجة، وأن يوزّع على أصناف محددة من المواد الأساسية كالطحين المخصص لصناعة الخبز وليس لصناعة الكعك أو الحلويات، وبذلك نحدّ من عمليات التهريب خارج لبنان”.
من السكر والأرز إلى العلف
ولا يبدو أن التهريب يقتصر على المواد الغذائية مثل السكر والأرز، وإنما وصل إلى العلف الحيواني المُستخدم في تربية الدواجن والأبقار المدعوم من مصرف لبنان.
وفي السياق، قال نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان نبيل فهد: “إن وزير الاقتصاد يدرس خيارات عدة في هذا المجال من أجل وقف عمليات التهريب التي تستنزف الاحتياطي بالدولار في مصرف لبنان”.
يأتي هذا في وقت يعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الداخلية، حيث ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بشكل جنوني نتيجة شح الدولار وارتفاع سعره مقابل الليرة، في وقت يزداد غضب اللبنانيين على الطبقة السياسية التي يتّهمونها بالفساد وبإفلاس البلد.
المصدر: العربية