“ولي العهد” يهزم العهد مجدداً والحريري لن يعتذر.. هكذا ستكون الحكومة
كتب حسين أيوب في موقع “180post” مقالاً تحت عنوان: “مُجدداً ولي العهد يهزم العهد.. والحريري لن يعتذر!”، جاء فيه:
“عهد ميشال عون هو عهد تاريخي بكل معنى الكلمة. لا قبله ولا بعده، بالإذن من الزميل الراحل إسكندر رياشي. لم يأت عهد لبناني منذ الإستقلال حتى يومنا هذا قرر أن يشطب نفسه منذ اليوم الأول لولايته ولن يأتي عهد أكثر “مازوشية” من بعده. عهد يتحمل الألم والسكاكين وينادي بمثلها أيضاً في آخر سنتين له، لكأنه يريد القول: الأولوية لإنقاذ ولي العهد وليس العهد.
ليس في الأمر تحامل. هذا مجرد توصيف. قد يُزعج البعض، لكن المجاهرة بالحقيقة، وبرغم نسبيتها، تكون محرجة أو جارحة أحياناً. كنا أمام مشهد حكومي، لكن كما جرت العادة منذ أربع سنوات حتى يومنا هذا، تقدم الرئاسي على ما عداه، وأصبح ميشال عون هو الحلقة الأضعف، لكن بقرار واع منه!
لقاء مرتقب بين عون والحريري… وهذه كواليسه!
الإيجابيات لا تطرد “شيطان” التفاصيل.. و”الداخلية” تضغط على الحريري!
عندما أجرى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، جولة مشاوراته الأولى مع رئيس الجمهورية، كان واضحاً أمامه: أنت شريكي في تأليف الحكومة. ليس في الأسماء المسيحية وحسب، بل وحتى في الأسماء الشيعية والسنية والدرزية. لا مانع عندي من تلقي أية أسماء يقترحها فخامة الرئيس. يجب أن نكون على سكة واحدة. نجاح عهد ميشال عون هو مصلحة لسعد الحريري ويجب أن يكون نجاح الحكومة هو نجاح للعهد. لقد أهدرنا الكثير من الوقت وصارت الإستحقاقات داهمة.
كلام جميل ومنمق. تعبير عن محاولة إبرام إتفاق ينتهي مفعوله مع إنتهاء آخر سنتين للعهد. لكن عون كان يريد من رئيس الحكومة المكلف أمراً ثانياً. مجرد تعهد بالتواصل مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. قال الحريري إنه سيلتقيه كما باقي الكتل في مجلس النواب. بكل الأحوال، بعد إنجاز تأليف الحكومة، سأبقى على تواصل معه ومع غيره من القوى السياسية. عملياً، كانت رسالة الحريري تشي بأن المطلوب تفهم حقيقة أن إلزامه بالتفاهم المسبق مع باسيل، كما حصل في السابق، لن يتكرر وبالتالي لن يخضع للإبتزاز. هذه المرة، ثمة شراكة في التأليف، مع رئيس الجمهورية حصراً، بموجب الصلاحيات الدستورية ولا سيما التوقيع.
على مدى أربع جولات من الحوار مع رئيس الجمهورية، لم يغير سعد الحريري خارطة الطريق التي وضعها. لقاء يتيم مع كل من الرئيس نبيه بري وحزب الله. تبلغ من “الثنائي” أنه لن يكون حجر عثرة بوجه التأليف: إتفق مع رئيس الجمهورية ولن تجدنا إلا في موقع التسهيل.
بالنسبة إلى وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، مطالبهما واضحة ولا تقبل أي إلتباس، لكن الرئيس المكلف لم يلتزم مع أي منهما بحقيبة خدماتية محددة من الحقائب الست، مخافة أن تؤول أمور التأليف إلى حيث يضطر إلى تقديم تنازلات لآخرين، فلا يفي بتعهد محدد، كما كان قد وعدهما، وهذا حصل في مرات سابقة.. ولا بد من تفاديه هذه المرة.
كيف تطور الحوار مع رئيس الجمهورية وإلى أين وصل؟
في البداية، عرض الحريري حكومة من 14 وزيراً، لكن عون نادى بحكومة من 24 أو 20 على الأقل. سارع الحريري إلى رفع العدد إلى 18 وزيراً، وحصل، وفق رواية المقربين منه، على إلتزام صريح وواضح من رئيس الجمهورية بهذه الصيغة (العدد). بمجرد التفاهم على العدد، أي 18، صار التوزيع الطائفي ـ السياسي أكثر وضوحا:
9 وزراء للمسلمين موزعة كالآتي: 4 وزراء سنة (3 للحريري ووزير يسميه نجيب ميقاتي)، 4 وزراء شيعة (2 لحركة أمل و2 لحزب الله)، وزير درزي واحد يسميه وليد جنبلاط.
9 وزراء للمسيحيين موزعة كالآتي: 4 وزراء للموارنة (واحد لكل من رئيس الجمهورية وسليمان فرنجية والتيار الوطني الحر والحريري)، 3 وزراء للأرثوذكس (واحد لكل من رئيس الجمهورية والتيار الحر وفرنجية)، وزير كاثوليكي واحد (رئيس الجمهورية)، وزير أرمني واحد (الطاشناق).
كيف تم توزيع الحقائب على أساس تكريس مبدأ المداورة الشاملة ما عدا حقيبة وزارة المالية؟
أولاً، الحقائب السيادية الأربع:
الدفاع: ماروني يسميه رئيس الجمهورية وهو على الأرجح العميد المتقاعد فادي داود قائد عملية “فجر الجرود”.
الداخلية: أرثوذكسي يسميه رئيس الجمهورية بالتوافق مع رئيس الحكومة حيث تردد إسم نقولا الهبر.
الخارجية: سني يسميه ميقاتي بالتوافق مع الحريري، وكان الأوفر حظاً لهذا المقعد السفير مصطفى أديب، في إنتظار جوابه النهائي. فإذا قرر أديب الإعتذار، تكون الأولوية للأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي.
المالية: شيعي يسميه رئيس مجلس النواب بموافقة الحريري، ولن يعلن عنه إلا في لحظة إصدار المراسيم.
ثانياً، الحقائب الخدماتية الست:
وفق العرف، فإن هذه الحقائب الست هي: الأشغال العامة، التربية، الصحة، الإتصالات، الطاقة والعدل. بموجب المداورة، وإعتبارات رئاسية، حسم أمر ثلاث وزارات من حصة المسيحيين هي الطاقة (كاثوليكي/ة يسميه/ها باسيل)، الإتصالات (ماروني يسميه رئيس الجمهورية)، العدل (ارثوذكسي يسميه رئيس الجمهورية)، وفي المقابل، تتوزع الحقائب على المسلمين كالآتي: الصحة للسنة (الحريري)، التربية للدروز (جنبلاطي)، الأشغال العامة للشيعة (حزب الله)، علما أن الحريري أبقى الباب مفتوحاً في ما خص الحقائب الثلاث الأخيرة.
ثالثاً، الحقائب العادية:
عملياً، تبقى هناك 12 حقيبة هي الآتية: العمل، الشؤون الإجتماعية، البيئة، الإقتصاد، الصناعة، الزراعة، السياحة، الإعلام، التنمية الإدارية، الثقافة، الشباب والرياضة، المهجرين.
تتوزع هذه الحقائب مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، على أن تكون الأفضلية في الإختيار للطائفة الأرمنية، وعدم الخروج عن مبدأ المداورة (مثلا لا تكون وزارات كالصناعة أو الزراعة أو الثقافة من حصة الشيعة ولا العمل أو التنمية الإدارية أو البيئة من حصة الموارنة إلخ..)
يقتضي توزيع الحقائب الـ 12 بصورة عادلة أن يحمل 8 وزراء في الحكومة حقيبتين على الأقل، وذلك على قاعدة أن تقدم الحكومة سلسلة مشاريع قوانين فور نيلها الثقة تقضي بدمج وزارات أو إلغاء أخرى مثل المهجرين والإعلام والتنمية الإدارية إلخ..
رابعاً، تعطيل الثلث المعطل:
لا أحد من مكونات الحكومة يملك الثلث المعطل وحده، ولكن الكل يدرك أن أي تحالف بين مكونين يمكن أن يوفر ليس الثلث المعطل وحسب بل نصف وزراء الحكومة. زدْ على ذلك أن رئيس الحكومة وحده يشكل الثلث المعطل، فإذا قرر أن يستقيل، تعتبر الحكومة مستقيلة بمعزل عن عدد الوزراء المحسوبين عليه.