إليكم صيغة قانون “الكابيتال كونترول” المطروحة
كتبت “الراي” الكويتية:
شكّل إدراجُ مشروعِ قانونِ وضْع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية في لبنان، أو ما يُعرف بقانون «الكابيتال كونترول» الوارد بصيغة «معجل مكرّر» على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب التي تنعقد الثلاثاء المقبل، إشارةً مؤكَّدةً إلى استخلاص الصيغة النهائية والمعزَّزة بملاحظاتِ صندوق النقد الدولي.
لكن رحلةَ القانون التي تأخّرتْ نحو 30 شهراً، إذ كان يتعيّن إقرارُه تَزامناً مع انفجار الأزمتين النقدية والمالية، جُبِهَتْ برفْضٍ مُسْبَقٍ من رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان الذي سارع الى «التغريد» مبيّناً «ان المسودة المتداوَلة هبطت علينا كالعادة من خارج الأصول ولا تمتّ إلى اقتراحنا. ونرفضها كما نرفض أيّ صيغة لا تحمي حقوق المودعين وتعطي صلاحيات مطلقة للجنة تضم الحكومة ومصرف لبنان بدل تكريس هذه الحقوق في متن القانون».
ومن المفترض أن يتمّ طرْح الصيغة، التي حصلت «الراي» على نسخة منها رسمياً في اجتماعات اللجان النيابية بوم الاثنين، ليصار في ضوء المناقشات والتعديلات، الى تأمين أوسع تَوافُق نيابي ممكن على النص النهائي، ومن ثم إقرار القانون في اجتماع الهيئة العامة. وهو ما تتطلع الحكومة إلى انسيابه بمرونة رغم الاعتراضات الظاهرة والمتوقَّعة، ربطاً بضيق الوقت المتاح قبل الانخراط العام في استحقاق الانتخابات النيابية المقرَّرة منتصف شهر مايو المقبل.
وتحدّد الصياغة المقترَحة للمشروع التي تولّاها الفريق الاقتصادي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي هدف القانون بـ «إعادة الاستقرار المالي وقدرة المصارف على الاستمرار اللذين يشكلان شرطيْن أساسيين لاستئناف العمليات المالية، وبالتالي فإنه يهدف إلى إدخال ضوابط على عمليات التحاويل إلى العملات الأجنبية بشكل شفاف لمنْع المزيد من تدهور سعر الصرف، حمايةً لاحتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية كما ولاستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه».
وفي شأن الاستجابة لمطلب القطاع المالي بالحماية القانونية بمواجهة تَكاثُر دعاوى العملاء لدى محاكم داخلية وخارجية، يَرِد في النص المقترَح «تكون أحكام هذا القانون استثنائية وتشكل جزءاً من النظام العام. كما أنها تحلّ محل أي أحكام أو قوانين تتعارض معها. وتكون أحكام هذا القانون قابلة للتطبيق فوراً بما في ذلك تلك التي تتعلق بالتحاويل إلى الخارج أو بالسحوبات في الداخل التي لم تكن قد تمّت فور نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية».
كما يشير المشروع إلى إنشاء لجنة خاصة مؤلَّفة من وزير المال، وزير الاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان، ويرأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه هذا الأخير، وتكون هذه «اللجنة» مسؤولةً عن إصدار التنظيمات التطبيقية كافة المتعلّقة بهذا القانون، بشكل خاص ما يتعلق منها بحظْر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعاتِ الحسابِ الجاري وبعملياتِ القطْع، وتحديد سقوفٍ للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية. ويتم نشر القرارات التي تعدّها «اللجنة» من خلال تعاميم تصدر عن مصرف لبنان.
وفي مجال تشريع الضوابط، يوجب النص اقتصارَ استعمال الأموال في الحسابات المصرفية بالعملة الأجنبية باستثناء الأموال الجديدة، على حركة التحويل إلى الخارج ومدفوعات الحساب الجاري والتحاويل، على أن تحدد اللجنة الخاصة القيود المفروضة على التحاويل بالعملة الوطنية والعملة الأجنبية بين المصارف كما واستخدام الشيكات، وأيضاً تحويل الأموال إلى الليرة اللبنانية وإيداع الأموال في حساب مصرفي بالليرة، والسحوبات المتاحة بالأوراق النقدية بالعملة الأجنبية، وإعادة الأموال المتأتية عن الصادرات.
في المقابل، يحظرالمشروع نقْل الأموال عبر الحدود ومدفوعات الحساب الجاري والتحاويل، بأي عملة كانت، من أو إلى أي حساب مصرفي أو حساب لدى وسيط معتمد أو من أو لأي عميل، سواء كان مقيماً أو غير مقيم، بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية في لبنان، مع إستثناء حالات محددة تشمل الأموال الجديدة وأموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات الأجنبية والهيئات الديبلوماسية والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية، وعمليات وتحاويل ومدفوعات لصالح الحكومة، وعمليات وتحاويل ومدفوعات مصرف لبنان وسواها مما يتطلّب موافقة اللجنة.
وبخصوص قيود السحوبات، فهي تتيح سحب ما لا يزيد عن ألف دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده «اللجنة». كما تتم المدفوعات والتحاويل المحلية كافة بين المقيمين وبين المقيمين وغير المقيمين بالليرة اللبنانية، باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة الخاصة.
أما في شأن المبادلات النقدية، فيوجب النص الوارد في المشروع أن تتم عمليات القطع كافة، باستثناء تلك التي ينفذها مصرف لبنان، من خلال الوسطاء المعتمدين، المرخص لهم بموجب قانون أو من قبل مصرف لبنان. ويجري تنفيذ عمليات الصرف الأجنبي كافة وفق سعر الصرف المعتمد على منصة «صيرفة» (يديرها البنك المركزي بمشاركة المصارف وشركات الصرافة المرخصة)، باستثناء عمليات الصرف الأجنبي بين عملة أجنبية مقابل عملة أجنبية أخرى والتي يقتضي أن تقوم بها المصارف مع المصارف المراسلة الأجنبية.
وبرز في المشروع ايضاً اعتبار أن العملات الأجنبية المتأتية عن عائدات التصدير «لا ينطبق عليها تعريف الأموال الجديدة». انما يعود «للجنة» تقرير كيفية استخدام العملات الأجنبية الناتجة عن عائدات التصدير. وتحدد «اللجنة» الشروط والأحكام الخاصة المتعلقة بالعائدات المالية للصادرات وطريقة تسويتها بموجب تعميم يصدره مصرف لبنان لهذه الغاية.
كما برز في في التبرير الاستهلالي أن لبنان عانى، ولا يزال، من فقدان الثقة بالاستثمار فيه ما أدّى إلى حركة تحاويل مصرفية هائلة إلى الخارج، وهو ما يُعرف أيضاً بهروب روؤس الأموال إلى الخارج. لذلك، من الضروري احتواء حركة التهافت للتخلّص من العملة الوطنية والأصول المحلية من خلال الحدّ من التضخم والحد من ردة الفعل المفرطة للمستثمرين في بيع الأصول اللبنانية.