لبنان

“طوابير” خامسة لزرعِ الفِتن الطائفيّة والمذهبيّة

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

لا زالت المخاوف الأمنية والقلق الذي ينتاب اللبنانيين بعد زلزال المرفأ وسلسلة الأحداث الأمنية المتنقلة في أكثر من منطقة تقضّ مضاجع اللبنانيين، نظراً للإنكشاف الأمني وتنامي وتيرة الخلافات التي تأخذ بمعظمها الخلفية المذهبية والطائفية، كما جرى في خلدة، وحيث لا زالت النار تحت الرماد بفعل استمرار التصعيد السياسي، إذ ووفق المعلومات، فإن هذه الأحداث كادت تتكرّر أمس الأول.

وبناء عليه، عُلم أن لقاء قيادتي الحزب التقدمي الإشتراكي و”حزب الله” في مدينة الشويفات، إنما جاء بعد تواصل بين رئيس الحزب وليد جنبلاط وقيادة “حزب الله”، التي تمنّت على سيد المختارة بأن يقوم بدور توافقي وبمساع تهدوية باعتباره مقرّب و”يَمون” على العشائر العربية، إضافة إلى حرصه على استقرار الجبل، ولا سيما شجبه واستنكاره لقطع طريق الجنوب من أي طرف كان، وعلى هذه الخلفية، أوعز جنبلاط لوكيل داخلية الشويفات مروان أبي فرج بزيارة عائلة الفتى الذي قتل في أحداث خلدة وتقديم واجب التعزية ومواكبة ومتابعة تداعيات هذه الحادثة والعمل على إنهاء ذيولها.

وتوازياً، فإن ما جرى في الشويفات وقبلها في كفتون إلى سلسلة الأحداث المتفرّقة، فإن القلق الأكبر والمخاوف التي يعبّر عنها أكثر من مرجع سياسي، إنما تتمثل بإمكانية دخول بعض الجهات المتضرّرة من المساعي الفرنسية، والتي أدّت إلى تكليف مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة، ومن ثم إقرار وثيقة وصيغة فرنسية متكاملة لحل الأزمة اللبنانية، والتأسيس لمرحلة مغايرة عن كل ما جرى بعد الطائف من حكومات اتّسمت بالهدر والفساد والسرقات وترهّل الطبقة السياسية برمّتها.

ومن هنا، يأتي القلق حول إمكانية دخول طوابير خامسة وسادسة لتفجير الأوضاع من خلال أعمال إرهابية أو محاولات زرع فتن طائفية ومذهبية في أكثر من منطقة، وعلى هذه الخلفية، فإن المعلومات المتأتية من مصادر عديدة تشدّد على ضرورة الحذر في ظل الإنكشاف الأمني وتصفية الحسابات الإقليمية والدولية على الساحة الداخلية بعدما تحوّل لبنان إلى منصّة جراء تعدّد مراكز القوى الإقليمية والدولية الساعية إلى دعمه والوقوف إلى جانبه بعد زلزال المرفأ وانهيار أوضاعه الإقتصادية والمالية.

وفي المحصلة، فإن هذه الأمور، وإن لم تتّضح صورتها الكاملة بعد، فالمؤكد أن هذه الصراعات على النفوذ وتوزيع مراكز نفوذ هذه الدولة وتلك في هذا البلد وذاك من العراق إلى سوريا ولبنان وليبيا، فكل ذلك، يبعث على المخاوف من إمكانية دخول المتضرّرين، ولا سيما أن هناك قوى استخباراتية وأصولية وإرهابية منتشرة على امتداد الساحة اللبنانية، وقد تتحرّك في أي توقيت للتخريب وزعزعة الإستقرار.

إنما في الوقت عينه، تابعت المعلومات، هنالك تشدّد في ضبط الوضع الأمني عبر تكثيف عمليات الإنتشار والمراقبة والإستطلاع على امتداد الساحة اللبنانية، وخصوصاً أن ثمة أجواء حول تباينات في النظرة للدور الفرنسي، ما يبقي مسألة حل الملف اللبناني كما وعد ماكرون في دائرة الترقّب والإنتظار لما ستؤول إليه زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر ليبنى على الشيء مقتضاه، وهذا ما ينسحب على بعض الدول العربية التي لها صورة مغايرة للحل، أو أنها لا تتّفق بالكامل مع الدور الفرنسي الذي يقوده ماكرون شخصياً، وهو ما ستظهر معالمه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على اعتبار أن هامش التسويف والمماطلة لم يعد مقبولاً دولياً وبات تحت المجهر الدولي، وتحديداً من قبل باريس.

مقالات ذات صلة