ترسيم الحدود.. لبنان يشتري الوقت قبل الانتخابات الأميركية والمحادثات مباشرة؟
انطلقت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي أمس في مقر لقوة الأمم المتحدة “يونيفيل” في الناقورة، برعاية أممية ووساطة أميركية. الجلسة الأولى لم تدم لأكثر من ساعة، وتم تحديد 26 الجاري موعداً للثانية. وقبل 9 ساعات تقريباً من انطلاق الجولة الأولى من المحادثات، أصدر “حزب الله” وحركة “أمل” بياناً اعترضا فيه على تشكيلة الوفد اللبناني لضمّه شخصيات غير عسكرية، إذ أصر الرئيس ميشال عون على مشاركة الخبير نجيب مسيحي، وعضو هيئة إدارة قطاع النفط وسام شباط، بعدما تراجع عن إرسال المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير.
في حديث مع صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، اعتبر الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة “الحكمة” كريم المفتي أنّ “حزب الله” حاول حفظ ماء الوجه عبر البيان الذي أصدره في اللحظة الأخيرة، “ولكنه لا يستيطع منع المضي قدماً بالمفاوضات”. وفي ردّ على اعتبار المفاوضات بادرة حسن نية إيرانية باتجاه الولايات المتحدة قبل الانتخابات، قال المفتي: “تختلف أجندة إيران عن أجندة “حزب الله”، الذي يمتلك قاعدة شعبية يجب الحفاظ عليها. فلدى إيران رؤية أوسع للمنطقة وترغب في التواصل مع الغرب قبل الانتخابات الأميركية”، لافتاً إلى أنّ “حزب الله يخشى فقدان السيطرة على روايته (لانطلاق المفاوضات)، إذ يتم تغطية الحدث على أنّه بداية لتطبيع دولة عربية جديدة مع إسرائيل”.
بدورها، رأت الخبيرة في إدارة وحوكمة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان أنّ الزعماء اللبنانيين يعملون على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد فرض عقوبات على الوزيريْن السابقيْن علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. هايتيان التي التقاها مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر ضمن ممثلي المجتمع المدني اللبناني مؤخراً، علّقت على أعضاء الوفد اللبناني بالقول: “إذن يضم (الوفد) عسكرياً يتمتع برمزية كافية لتهدئة مخاوف الطائفة الشيعية (في إشارة إلى العميد الركن بسام ياسين) وعسكرياً ملماً بالجوانب الفنية (العقيد الركن البحري مازن بصبوص)، وجيولوجياً (شباط) وخبيراً يحمل شهادة دكتوراه في الخلاف الحدودي (مسيحي)”. وتابعت: “تعود مشكلة الحدود البحرية إلى سنوات ماضية. ما سبب امتناع السلطات عن تأليف فريق قبل فترة طويلة بدلاً من التساؤل عما إذا كانت المحادثات تقنية أو سياسية اليوم؟”. وتابعت هايتيان أنّ المفاوضات تتخطى مسألة ترسيم الحدود، قائلةً: “نحن نعترف بوجود إسرائيل عبر الاعتراف بحدودها”.
وفي تحليلها، أكّدت هايتيان حصول تنازلات، فقالت: “أراد الإسرائيليون تحديد مهلة، وهذا لم يحصل. (..) بدورهم، قال اللبنانيون إنّه لن يتم التوصل إلى اتفاق (مع الإسرائيليين) من دون اتفاق على الحدود البرية والبحرية معاً (تلازم المساريْن). وهذا لم يحصل”.
بدوره، انتقد العضو المؤسس في منظمة “استدامة البترول والطاقة في لبنان “OPES” مروان عبدالله مقاربة لبنان إلى المحادثات، معتبراً أنّه يسعى إلى منع الولايات المتحدة من فرض عقوبات جديدة على شخصيات لبنانية وشراء الوقت قبل الانتخابات الأميركية. وعلّق قائلاً: “إذا كانوا يتجهون نحو مفاوضات تقينة، وليس سياسية فحسب، لكانوا أضافوا سطراً واحداً إلى الاتفاق (اتفاق الإطار) يتناول ما سيفعلونه في حال العثور على بئر مشتركة”. وأكّد عبدالله أنّ غياب تفصيل من هذا النوع يوحي بأنّ المحادثات تهدف إلى التموضع سياسياً، محذراً من أنّ “لبنان يضيع الوقت. نحن لا نتعاطى مع هذا الملف من وجهة نظر تقنية بحتة، بل باعتباره ملفاً سياسياً”.
الموقف الإسرائيلي
في تغطيته للمفاوضات، ذكّر موقع “المونيتور” الأميركي بتصريح وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، الذي قال “المباحثات المقرّرة مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية ليست مباحثات للتطبيع أو للسلام”، مضيفاً: “في المحصّلة هي محاولة لحلّ مشكلة الحدود البحرية وموضوع الغاز” التي أخرّت “تنمية الموارد الطبيعية في البحر بما يصب في مصلحة المنطقة”.
وفي هذا الصدد، نقل الموقع عن مسؤول كبير في وزارة الطاقة الإسرائيلية نفيه أن تكون المفاوضات “مباحثات للتطبيع”، إذ قال: “موقفنا براغماتي وواقعي. لدينا هدف محدد يقضي بحل الخلاف وترسيم حدود مياهنا الاقتصادية. الهدف محدود وواضح للغاية”.
صورة الوفديْن
وفي حين أوضحت صحيفة “الأخبار” أنّ الوفد الأميركي الذي يرعى المفاوضات لم يحصل على صورة خلافاً لرغبته، نقلت “الجزيرة” عن مصدر في قصر بعبدا تأكيده أنّ عون ناقش آداب السلوك اللبناني في المحادثات مع الوفد الإسرائيلي ورَفَضَ أشكال التطبيع كافة، مشيراً إلى أنّ عون “قرّر ترك مسألة التقاط الصورة للأمم المتحدة”.
من جانبه، أوضح الجنرال المتقاعد الياس حنا أنّ تفاهم نيسان فَرَضَ أن تجري المحادثات بين لبنان والاحتلال من “غرفتيْن منفصلتيْن، على أن يتوسط أحد بينهما”، مضيفاً: “اليوم، باتت المحادثات مباشرة، بمعنى أنّهما في الغرفة نفسها ويجلسان بجوار بعضهما البعض”. وعلى صعيد صورة الوفديْن التي تكتسب قيمة دعائية كبرى بالنسبة إلى واشنطن وتل أبيب، رجح حنا اعتماد البروتوكول نفسه أي “عدم التقاط الصور أو إلقاء التحية أو القيام بأي حركة أو غمزة أو النظر حتى فهذا ممنوع”.
lebanon 24