تيتي تيتي.. وسيبقى ذنب الكلب أعوجَ!
عندما إجتمع الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بـ”القادة” السياسيين مرتين في قصر الصنوبر إعتقد، وربما عن خطأ، أن هؤلاء القادة تهمهم مصلحة بلدهم أكثر من الأجنبي، وبالتحديد الفرنسي، الذي لن يستطيع أن يحبّ لبنان أكثر من أبنائه. هكذا المنطق يقول، المنطق السليم، وليس أي منطق آخر.
عندما قدّم ماكرون إلى هؤلاء القادة الحل الجاهز على طبق من فضة إعتقد، وعن خطأ أيضًا، أنهم سيتلقفون المبادرة الفرنسية تلقف الطفل المشتاق إلى حضن أمه، وسيبادرون فورًا إلى وضع مصالحهم الخاصة جانبًا، وسيعملون يدًا واحدة لأنقاذ بلدهم من “جهنم”، وسيؤّمنون الظروف الملائمة لهذه المبادرة لكي ترى النور من خلال توافقهم على “حكومة المهمة” يكون همّها الأول والوحيد العمل على تنفيذ برنامج إصلاحي سريع، وذلك تمهيدًا لدفق المساعدات الخارجية، التي يحتاج إليها لبنان، والتي من دونها سيبقى قابعًا في قعر “جهنم”.
لم يطل الأمر حتى إكتشف الرئيس الفرنسي أنه كان مخطئًا في مراهنته على فروسية هؤلاء “القادة”، الذين يُصادف أنهم يجمعون على إنجاح المبادرة الفرنسية، ولكن لا أحد منهم مستعدّ لتقديم ولو تنازل واحد بسيط حتى يكون للبنان حكومة تكون مهمتها إنقاذية بإمتياز.
خاب ظنّه في المرّة الأولى عندما وضع هؤلاء “القادة” العصي في دواليب مهمة الدكتور مصطفى أديب، وهو الذي حصل على تأييد 90 نائبًا من اصل 121، وهي نسبة عالية جدًا، فلم يستطع أن يشكّل الحكومة، التي كان يريدها، أي حكومة إختصاصيين و”أوادم”. وفي هذا المعطى أكثر من تناقض، إذ كيف يُعقل، أو تريدون أن يفهم الفرنسي كيف أن شخصًا يحظى بتأييد هذا العدد الهائل من النواب عندما كلّف بمهمة إنقاذية، وبالتالي لم يستطع أن يشكّل حكومته، أو بالأحرى لم يسمحوا له بتشكيلها كما يريد، وذلك خوفًا من أن يُقال يومًا في حال نجاحها أن مثل هكذا حكومة خالية من الوجود الحزبي إستطاعت أن تحقق ما عجز عن تحقيقه هؤلاء “القادة”.
أمّا الخيبة الثانية، التي اصيب بها الرئيس ماكرون، فهي عندما فشل الرئيس سعد الحريري في إقناع حلفائه وأصدقائه قبل خصومه بضرورة تكليفه مهمة “الإنقاذ”، التي تحدّث عنها مطولًا في مقابلته التلفزيونية، وكيف أن اللبنانيين يستسهلون تأخير الحلول، التي هي اليوم ممكنة، ولكن لا أحد يكفل بألا تكون في الغد مستحيلة، وهم “أبطال” في لعبة تضييع الفرص، التي يمكن ألا تتكرر مرتّين.
لم يفهم الفرنسيون، ومعهم الشعب اللبناني “المعتر” المنتظر على أحرّ من الجمر الحلّ المنشود، كيف يستطيع المسؤولون اللبنانيون تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة، وهي ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها الشيء نفسه، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان إلى كل يوم لوقف الإنزلاق نحو قعر الهاوية، وكأن لا أزمة مالية أو إقتصادية، أو كأن اللبنانيين يعيشون أفضل ايامهم من البحبوحة والإستقرار والأمان السياسي والأمني والإجتماعي والصحي.
تأجيل سيليه تأجيل آخر حتى يكون للبعض ما أرادوه عندما تحدّثوا عن الإستحقاق الإنتخابي الأميركي.
إنه بلد العجايب، وبلد سيبقى فيه ذنب الكلب أعوج حتى ولو وضع في القالب دهرًا.
lebanon 24